رغم المناشدات المتلاحقة والمستمرة منذ عامين من قبل المؤسسات الحقوقية والنسوية الفلسطينية، العربية، والعالمية لحماية الشعب الفلسطيني، ما تزال نساء فلسطين وأطفالها في دائرة الاستهداف الاسرائيلي، بالقتل، والاعتقال، والتشريد، والحرمان من أبسط حقوق الانسان، فأعداد الشهداء من النساء والاأطفال في تصاعد مستمر وكأنهم أصبحوا هدفا مغريا في مرمى الرصاص الاسرائيلي.

المعلمة شادن أبو حجلة -60 عاما-، قتلت داخل بيتها في نابلس قبل أيام رغم التزامها بمنع التجول المستمر المفروض على نابلس، بينما قتلت يسرى صوالحة-40 عاما- في جنين عندما خرجت في فسحة منع التجول القصير للتزود بالطعام من أجل أطفالها، وللاطفال في رفح وخانيونس قصة أخرى مع الموت الذي ينتظرهم في طريق عودتهم من المدرسة، أو وهم نيام في أسرتهم، وها هم يسقطون يوميا، توفيق بريكة ابن الثالثة لم تسمح له دبابات الاحتلال وجرافاته من الاستيقاظ هذا الصباح لأن هذه الجرافات هدمت بيته على رأسه وهو غارق في نومه الملائكي.

اذا كان العالم يطالب المجتمع الفلسطيني بنبذ " العنف" والتوقف عن قتل " المدنيين الابرياء" في اسرائيل، فكيف سيبرر لأطفال فلسطين القتلى واليتامى منهم، أعمال القتل المتعمد لطفولتهم، وأحلامهم ومستقبلهم.

واذا كان عامان كاملان من المناشدات والصرخات لم تلق آذانا صاغية من العالم، فإلى ماذا سندعو العالم هذه المرة؟ ومع ذلك لا تزال المؤسسات الفلسطينية ترجو صحوة ضمير العالم ليوقف هذا القتل والدمار.

واذا كانت ام فلسطينية قتلت وسط عائلتها في نابلس وطفل قتل أمام والديه في رفح، فأي قصة ستروي الامهات لأطفالهن قبيل النوم؟واذا كان الاستيقاظ صباحا من النوم غير مضمون على الاطلاق لأي منهم، واذا أفاق الجميع على يوم جديد في هذا العالم السئ فكيف سيصدق الاطفال رواية الام عن الحياة والتسامح والسلام؟

واذا كان الطفل اليوم هو رجل الغد والمرأة هي داعية السلام الحقيقة في العالم، وأكثر المؤمنين به، ألم يحن الوقت لايقاف قتل الاطفال والنساء في فلسطين؟

واذا كان العمل جار الآن من قبل المؤسسات المجتمعية والنسوية على تشجيع النساء في فلسطين على التقدم للانتخابات، ودخول الحياة السياسية كشريكات للرجل، فمن حق النساء التساؤل عن أي مستقبل تحديدا نتحدث؟ أي مستقبل تسعى له النساء في فلسطين وسط هذا الدمار والخراب؟ ان حياة كريمة وحقوق مقبولة ومعقولة لا يمكن أن تحظى بها النساء في بلادنا دون التخلص من السبب الحقيقي والاساسي للتخلف والفقر، وهو الاحتلال الاسرائيلي لأرواحنا وأحلامنا.

فالايمان بالسلام والمستقبل والعدالة لا يتأتى بأي حال من الاحوال في محيط مليئ بالخوف والترقب والقتل والدمار.

ان نساء فلسطين كما كل نساء العالم، يسعين نحو الاستقرار والأمان، اللذان من شأنهما توفير البيئة المناسبة لتربية الاطفال، والنضال من أجل الحقوق المتساوية، والعيش بكرامة، اذا صدقنا أن النساء والاطفال هم أبرز وأول ضحايا الحروب.