لا ينتظر الشعب الفلسطيني بفارغ الصبر - كما يقال - تشكيل حكومته الجديدة ، ليس لأنها لن تعمر اكثر من ثلاثة اشهر ، هي المدة الفاصلة بينها وبين الانتخابات الموعودة فحسب، ولا لأنها التشكيلة رقم اربعة او خمسة منذ اول انتخابات فلسطينية مطلع عام 96، والتي اتسمت بمجملها بالتخبط والعجز، وبعض اركانها بما هو اسوأ من ذلك - الفساد-، ولهذا اعيد تشكيلها خمس مرات.

احد اهم اسباب عدم تعويل الشعب على التشكيلة الجديدة، انها لن تحمل في مضمونها اي شيء جديد ، باستثناء عدد محدود من اسماء جديدة، وما هي بجديدة، فحين نأتي على اسم كهاني الحسن كوزير جديد للداخلية مثلا، بدلا من عبد الرزاق اليحيى، الوزير القديم -لم يمض عليه سوى بضعة اشهر-، فاننا ندرك ان الحسن اسم قديم ومخضرم وركن اساسي من اركان هذه القيادة، وهو بهذا المعنى لم يكن بعيدا عن كل التشكيلات التي شهدتها الوزارات السابقة. تماما كما هو الحال مع الوزير السابق عبد الرزاق اليحيى، الذي عده البعض عشية تعيينه وزيرا جديدا وما هو بجديد، واليوم يتم الاستغناء عن خدماته ... ترى ألم تكن قدراته معروفة قبل ان يتم تعيينه؟ بل ألم تكن قدرات هاني الحسن معروفة انها اكبر من قدرات عبد الرزاق اليحيى ليتم تعيينه في هذا المنصب، فنعفي بالتالي انفسنا من كل هذا الارباك والتخبط واللغط الذي نجد انفسنا اليوم غرقى في لج مياهه؟؟؟

ومهما يكن من شيء فان الوزارة ليست هي الوزير، بل العقل والدماغ، تماما مثل جهاز الكمبيوتر الذي تقاس قوته ومقدرته بالهارد دسك والذي يوازيه هناك الوكيل المساعد والمدراء العامين، هؤلاء الذين لم يتغيروا منذ ان تم تعيينهم في مواقعهم، ولا نعرف ان كان الوزراء هم من قام بتعيينهم، ولا نعرف حقيقة الاسس التي على قاعدتها تم تعيينهم، ولا آلية ذاك التعيين، كأن تنشر الشواغر في الجريدة الرسمية فيتقدم المؤهلون لملئها ومن ثم يتم اعتماد الأكثر كفاءة وأهلية.

الوزير اشبه ما يكون بالشاشة في جهاز الكمبيوتر، ليس بالضرورة ان يكون طبيبا حين تسند اليه حقيبة الصحة، ولا محاميا او قاضيا حين تسند اليه حقيبة العدل، او مليونيرا او مدير بنك حين تسند اليه حقيبة المالية. في اسرائيل وبقية الدول التي تتمتع بنظام ديمقراطي، شخص مثل شمعون بيرس شغل وزيرا لحقائب مختلفة مثل الدفاع والخارجية والمالية والتعاون الاقليمي. فهل يفهم من ذلك انه متخصص في كل هذه المجالات؟ ألا يدرك ممثلونا في المجلس التشريعي حقيقة هذه المسألة؟ لماذا لا ينبشون موضوع الهارد دسك في وزاراتنا، وهل يملك الوزير الجديد تغيير اركان وزارته، ليس من باب المحاسبة والمعاقبة ووقف العمل (بنظام) المحسوبية والواسطة، بل من باب التغيير والتجديد وضخ الدماء الشابة في الشرايين التي اتى عليها الكولسترول؟

هيئات لها اهمية الوزارات وأكبر، مثل هيئة البترول، الموانيء والمطارات، الاذاعة والتلفزيون، الاحصاء المركزي، ترى لمن تتبع هذه الهيئات الهامة والحيوية؟، وما هي مرجعيتها؟ البعض يظن ان كل هيئة تتبع لوزارتها، مثل هيئة الاذاعة والتلفزيون تتبع لوزارة الاعلام، لهؤلاء نقول: ان بعض الظن اثم.

*كاتب وصحافي قلسطيني يقيم في محيم الدهيشة- بيت لحم.