تتعدد التسميات والشعارات والمسافات الزمنية والمضامين تبقي هي.. هي..
نحو ثمانية الاف اسير فلسطيني منهم مئات الاطفال والنساء يخوضون منذ الاحد (15/8) اضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى الموت، احتجاجاً على سياسة القمع والاذلال الاحتلالية.
يطلقون هناك في فلسطين على مثل هذا الاضراب احياناً "نعم للجوع.. ولا.. الف لا للركوع".
ويطلقون عليه طوراً: "رحلة الملح والجوع.. ويطلقون عليه تارة اخرى "انتفاضة الحركة الاسيرة الفلسطينية من اجل الحرية". .. واحيانا "رحلة اضراب الامعاء الخاوية".
ويعلن وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي "تساحي هنغبي" (وهو ابن الارهابية الصهيونية المعروفة (غيئولا كوهين) ان بوسع الاسرى الاضراب عن الطعام حتى الموت" مضيفا الخطاب الاسرائيلي التضليلي المخادع نفسه: "ان الهدف من السياسة الصارمة التي تتبعها سلطة السجون الاسرائيلية هو منع تدبير عمليات معادية لاسرائيل من داخل السجون - تصوروا..-".
في الجوهر والمضمون وفي حميم الاستراتيجية الصهيونية الشاملة تجاه الشعب الفلسطيني، فان ما يجري في سجون ومعسكرات الاعتقال الاحتلالية انما هو صورة مصغرة مكثفة عما يجري ضد الشعب الفلسطيني على امتداد مساحة فلسطين، وفي الضفة الغربية وقطاع غزة على نحو حصري.
فاذا كانت سياسة الاجتياحات والمجازر الجماعية وجرائم الحرب الشاملة من نصيب اطفال ونساء وشيوخ الفلسطينيين في مدن ومخيمات وقرى الضفة والقطاع، فان الصورة في السجون ومعسكرات الاعتقال لا تختلف: فهناك اجتياحات غرف الاسرى والاعتقالات الانفرادية واكثر من (150) اسلوب تعذيب واهانة واذلال تمارس ضد الاسرى الفلسطينيين بهدف كسر ارادتهم ومعنوياتهم.
منذ البدايات الاولى لاحتلال الضفة والقطاع عام ،1967 كان الجنرال "موشيه دايان" قد "هدد ببناء معسكرات الاعتقال وتحويل الاسرى الفلسطينيين الى معاقين وعجزة وعبء على انفسهم واهاليهم وشعبهم".. ولذلك.. ومنذ لحظة اعتقال الفلسطيني "تبدأ حفلات الضرب والتنكيل والدعس بالبساطير، والضرب باعقاب البنادق حتى قبل ان توجه اليه اي تهمة او يعرف سبب اعتقاله.. وكثير من الاسرى لم يصلوا حتى الى مراكز الاعتقال بل الى المستشفيات ليخرجوا منها بعاهات مستديمة -كما اكد عيسى قراقع رئيس نادي الاسير الفلسطيني".
"انها نزعة الوحشية والتنصل من كل عبء اخلاقي - كما كتب الصحفي والاديب الاسرائيلي بـ ميخائيل"، والا لماذا يظل الاسير الكفيف "علاء البازيان - مثلا - رهين الظلمة في سجون الاحتلال منذ ربع قرن واكثر؟.. ولماذا يموت سلطان العجلوني كل لحظة داخل امراضه واوجاعه في صمت بلا صدى ونوافذ - كما يتساءل استنكاريا قراقع -..؟!!
واي اسباب امنية تلك التي يتشدق بها وزيرهم هنغبي التي تجعل "اسرائيل" فوق القانون البشري والانساني والديني، تشرع لنفسها قوانين عدم انسنة الاسرى وتهدد بقمعهم حتى الموت اذا ما نفذوا اضراب الكرامة والانسانية..؟!
يقول الاسير الفلسطيني احمد فريد شحاده من مخيم قلنديا في رسالة بعث بها الى اهله من سجن بئر السبع الذي يقبع فيه منذ عشرين عاما - كما نقلها الزميل خليل السواحرة عن البيادر السياسي:
اعود من البيت لاحكي الحكاية قبل عشرين عاما كان لي عنوان وكان لي اسم كان اسمي احمد فريد شحاده وكان التاريخ 16/2/1985 اما الان فان اسمي 410185 وعنواني نزيل قبور الاحياء بئر السبع هو لي كدار..
فسجون الاحتلال تحولت عبر الزمن الى قبور للاحياء - المناضلين - الفلسطينيين، في محاولات صهيونية منهجية يائسة لالغاء هويتهم وانسانيتهم وتحويلهم الى مجرد ارقام.. او ربما الى مجرد تقارير طافحة بالارقام والمعطيات تتحدث عن رحلة الاضرابات المفتوحة عن الطعام في سجون الاحتلال.. وعن رحلة النضالات والتضحيات العظيمة للاسرى الفلسطينيين من اجل الكرامة والحرية والتحرير..
وكل ذلك يجري على مرأى من العرب والعالم كله..!