استهل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أرييل شارون، جلسة حكومته، صباح (الأحد)، بالتعقيب على الأحداث الأخيرة في السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث قال إنها «تثبت عدم وجود شريك للعملية السياسية في الجانب الآخر».
والمتتبع لمجمل الأحداث التي جرت في قطاع غزة يرى أن القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل واكبت عن كثب، تلك الأحداث على الساحة الفلسطينية في اليومين الأخيرين من تدهور للأوضاع في قطاع غزة.
وفي هذا السياق راقبت وسائل الإعلام الإسرائيلية وتناقلت باهتمام بالغ، على خلفية المستجدات على الساحة الفلسطينية، أسماء الشخصيات التي يمكن أن تستبدل قريع في رئاسة الوزراء، وفي مقدمة هذه الشخصيات محمد دحلان وجبريل رجوب.
من ناحيتها اعتبرت الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن الرئيس ياسر عرفات يواجه الآن أوضاعا قد تكون الأصعب في حياته السياسية. وأضافت المصادر الأمنية أن الحديث لا يدور عن جدل داخلي في السلطة الوطنية الفلسطينية فحسب، بل يتعداه إلى المجتمع الدولي والانتقادات الموجهة من قبل مصادر أجنبية لنهج عرفات، وقد كان آخرها انتقاد تيري رود لارسن، مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط.
من هنا ومن خلال تلك الفصول التي هندستها أوساط المخابرات الإسرائيلية في جهازي الموساد والشين بيت، نتوقف لنسلط الضوء علي المشكلة الأساسية في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وهي الأكثر أهمية بالنسبة لمفهوم الأمن الفلسطيني، وتوفير الحماية لشعبنا ورفع الظلم عنة، والتحرر من الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية، فيتضح لنا وندرك حجم المؤامرة الإسرائيلية الكبرى للنيل من صمود شعبنا وإصراره علي نيل حقوقه الشرعية وتقرير مصيره بعيدا عن الأحلام الإسرائيلية.
لقد كانت الأحداث المؤسفة يوم الجمعة الموافق 16يوليو (تموز) الحالي، من عمليات الاختطاف والتي استهدفت مسؤولين فلسطينيين ومواطنين أجانب شهدتها محافظات غزة، كما تواصلت مظاهر حالة الانفلات الأمني، بمهاجمة مسلحين لمقر الاستخبارات العسكرية في خان يونس، هي أعمال وأحداث خارجة عن القانون يستنكرها كل فلسطيني مخلص شريف يدرك حجم المؤامرة الإسرائيلية، التي جاءت في سياق حالة التململ والتذمر التي تشهدها الساحة الفلسطينية.
لقد بات من المهم اليوم إقرار مبدأ المساواة أمام القانون، بما يضمن تطبيق سيادة القانون وفرض هيبته، وعدم التهاون أمام التعدي على القانون، ويجب العمل علي حماية وتعزيز احترام حقوق الإنسان، وتعزيز شعور المواطن بالأمن، والارتقاء بأداء السلطة الوطنية الفلسطينية، بما يمكنها من القيام بواجباتها تجاه المواطن، وخاصة في ظل المشكلات الكبيرة التي يعانيها أبناء شعبنا جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على الأراضي الفلسطينية، وانتشار ظاهرتي الفقر والبطالة.
وفي ظل ذلك يجب العمل بإقرار مبدأ الفصل بين السلطات، بما يضمن تفعيل دور المجلس التشريعي، وتفعيل دور القضاء وفتح ملفات الفساد الإداري والمالي ومحاسبة المسؤولين عنها، وتفعيل برنامج الإصلاح وتفعيل مبدأ الشفافية والوضوح في التعامل مع القضايا العامة وفي مختلف أعمال السلطة الوطنية الفلسطينية.
لقد بدأ المخطط الإسرائيلي للنيل من السلطة الوطنية الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بعد تعثر مفاوضات اوسلو حيث عمدت حكومة الاحتلال وأجهزة الأمن الإسرائيلية الى تدمير البنية التحتية لأجهزة الأمن الفلسطينية، والتي تعرضت بالفعل لعملية تدمير متعمد من جانب القوات الإسرائيلية منذ تنفيذ ما سمي بعملية السور الواقي عام 2002، ويبدو واضحا إن أجهزة مخابرات الاحتلال وحكومة شارون تريد الآن إن تصور للعالم أن أجهزة الأمن الفلسطينية غير قادرة على حفظ الأمن والنظام في غزة، ولذلك على كتائب شهداء الاقصي وكتائب شهداء جنين وكل القوى المقاومة أن تفوت على شارون وحكومته هذه الفرصة. لقد بات من المهم رص الصفوف وتعميق الوحدة الوطنيه وتجاوز المحنة والفوضى الأمنية، وان يقف الجميع وقفة رجل واحد وقلب واحد، خاصة ان مخطط هذه المؤامرات تأتي في ظل اشتداد الهجمة الإسرائيلية علي شعبنا. وما يهدف منه الاحتلال الإسرائيلي هو إشعال فصول حرب أهلية فلسطينية تمزق وحدة الصف الفلسطيني وتظهر أبناء الشعب الفلسطيني أمام العالم على أنهم غير جديرين بتأسيس دولة مستقلة لهم وأنهم مجرد إرهابيين. - الشرق الأوسط -