يظهر أنه لاحدود لاستخفاف أمريكا واسرائيل بالرأي العام الدولي وفي مقدمتهم العرب والمسلمون، فيوم الأحد 16 ايار (مايو) سمحت المحكمة العليا في اسرائيل بتدمير منازل فلسطينية في رفح بجنوب قطاع غزة.

وقد وجد أكثر من 1500 فلسطيني أنفسهم في الشارع في رفح بعد تدمير أكثر من ثمانين منزلا في الأيام الأخيرة كما أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. وتجاهلت المحكمة الاسرائيلية ما أكدته منظمة العفو الدولية والصليب الأحمر من أن تدمير المنازل يشكل عقابا جماعيا ويرقي حسب منظمات أخري إلي مرتبة جرائم الحرب.

وقد ادعي قائد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة الجنرال صمويل زكاي للإذاعة أن حوالي أربعين منزلا دمرت خلال عطلة نهاية الأسبوع في عمليات بحث عن بقايا جنود قتلي متناسيا أن بقايا هؤلاء الجنود الغزاة سلمت قبل أيام بعد وساطة مصرية. في نفس اليوم أي الأحد وفي تمثيلية أخري أكد وزير الخارجية الأمريكي كولن باول معارضة الولايات المتحدة لتدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي منازل فلسطينية.

وادعي باول في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الأردني مروان المعشر في الشونة علي ضفاف البحر الميت حيث ينعقد المنتدي الاقتصادي العالمي نحن نعارض تدمير المنازل.. ولانعتقد أن ذلك يعطي نتيجة .

وإذا كان هذا التصريح قد تزامن مع موقف المحكمة العليا الاسرائيلية فإن باول لم يشر إلي هذا القرار واستمرت اسرائيل في عملية التدمير، وامريكا في الضحك علي العالم. ورغم ذلك ستجد ساسة عربا يقولون ان كلام باول سليم وهو ايجابي ويرضي المطالب العربية وهو مؤشر علي أن أمريكا يمكن أن تلعب دورا ايجابيا في نزاع الشرق الاوسط، وينسي هؤلاء المادحون أن كل الأمر تمثيلية.

وستستمر المهازل وسيواصل ساسة عرب الحديث عن الارتياح من تصريحات ساسة أمريكا. اصحاب القرار وساسة ادارة بوش من منطق استخفافهم بالعرب وبالعالم لا يختلفون في شيء كثير عن المجندة الامريكية ليندي انغلاند التي عملت في سجن ابو غريب والتي نقلت عنها صحيفة نيويورك تايمز في عددها ليوم الاحد 16 ايار (مايو) 2004 عن عمليات التعذيب ان الامر كان مسليا . كنا نعتقد ان الامر مسل ويبعث علي الضحك فقمنا بالتقاط الصور . وأضافت المجندة انغلاند التي تبلغ الحادية والعشرين ان سوء معاملة المعتقلين كان جزءا من الروتين اليومي وان الامر كان مسليا ولم يخيل لها في اي وقت انها تجاوزت الحدود المسموح بها. واعترفت المجندة انها قامت هي نفسها بالدوس علي بعض المعتقلين او بدفع او سحب بعضهم و لكن من دون مبالغة .

اسمحوا ولا تلعنوني اذا انحنيت اجلالا لكل هذه الانسانية الامريكية.

ولتكتمل الصورة يجب أن يعرف العرب خاصة والمسلمين عامة أن المجندة ليست معتقلة لكن حريتها في التنقل مقيدة، وهي تجني اموالا طائلة علي مثل ما سبق من تصريحات حول معاملة اسري الحرب العراقيين.

الأمر ربما يذكر العالم بما كانت تنشره الصحف الامريكية في منتصف القرن التاسع عشر عما سمي ببطولات الغرب الامريكي لوصف مواجهات المستوطنين البيض مع سكان البلاد الاصليين ممن دعوا بالهنود الحمر وحين كان رسل الحضارة الامريكية يفتخرون بحمل اجزاء من جماجم ضحاياهم علي صهوه جيادهم لتمجيد انتصاراتهم ولنشر مبادئ الحرية والمساواة.

لشرح الامور بشكل أكثر وضوحا خاصة للحليف البريطاني بلير الذي نجح في التخلص من مدير هيئة الاذاعة البريطانية وبعده من مدير صحيفة الديلي ميرور لأنهما خانا الامانة الصحافية وحاولا الصاق تهمة ملفقة بجنود التاج البريطاني رسل السلام والحرية والديمقراطية، هذه رسالة جديدة ربما تكتشف المخابرات البريطانية او الامريكية انها من اختلاق خلايا القاعدة :

اعلنت وزارة الدفاع الدانماركية يوم الخميس 13 ايار (مايو) ان ممرضتين دانماركيتين ذكرتا انهما عالجتا معتقلين عراقيين تعرضا لسوء المعاملة من جنود بريطانيين، وان احدهما توفي نتيجة استجوابه بطريقة قاسية.

واضافت الوزارة في بيان ان وزارة الدفاع الدانماركية ابلغت في 13 ايار (مايو) بأن مساعدتي ممرضتين دانماركيتين لاحظتا خلال تدريب في مستشفي ميداني بريطاني في البصرة ان عراقيين نقلا الي هذا المستشفي وتلقيا علي ما يبدو معاملة سيئة من الجنود البريطانيين خلال استجواب متشنج غير مسموح به . واوضح البيان قيل ان واحدا من هذين العراقيين قضي متأثرا بجروحه .

وابلغت الممرضتان اللتان كانتا تقومان بفترة تدرب في ايلول (سبتمبر) 2003 ونقلتا لمعالجة هذين العراقيين، مستشارة قانونية دانماركية بما شاهدتاه. لكن هذه المعلومات لم تنقل الا يوم الخميس الي وزارة الدفاع الدانماركية.

وطلب وزير الدفاع سورين غاد من رئاسة اركان الدفاع تفسيرات لمعرفة لماذا لم تنقل تلك المعلومات مباشرة الي الجهات المختصة. واضاف رئاسة اركان الدفاع ابلغتني ان المستشارة القانونية للجيش قالت في 13 ايار (مايو) انها ابلغت فورا في تلك الفترة السلطات البريطانية في التحالف وانها تلقت ردا مفاده ان تحقيقا يجري حول تلك الممارسات .

وقال وزير الدفاع ان ذلك الحادث لم تبلغ به رئاسة الاركان... لان الجنود الدانماركيين لم يكونوا مشتركين فيه .

واوضح البيان ان الوزير طلب من رئاسة الاركان جمع اكبر كم ممكن من المعلومات عن تلك القضية نظرا الي ما تلاقيه هذه الممارسات من اصداء في وسائل الاعلام. واكد الوزير ان رئاسة الاركان اوضحت ان السلطات العسكرية البريطانية وافقت علي ان تضع في تصرفها جميع المعلومات الضرورية لكشف جميع ملابسات تلك القضية.

وخلص الي القول ان تلك الممارسات تثبت ان الجنود الدانماركيين تصرفوا بطريقة مسؤولة حتي لو ان الحادث بحد ذاته لا يمكن اعتباره قضية دانماركية .

وسلطت الأضواء علي أساليب التحقيق الامريكية بعدما كشف النقاب عن أن معتقلين في سجن أبو غريب جردوا من ثيابهم وكوموا فوق بعضهم البعض وأرغموا علي القيام بتصرفات جنسية وصوروا في أوضاع مهينة. وعاد رامسفيلد الذي يرفض مطالب بعض الديمقراطيين وعدد من الصحف الكبري باستقالته يوم الجمعة 14 ايار (مايو) من زيارة مفاجئة قام بها للعراق ولسجن أبو غريب واصفا الفضيحة بانها ضربة مؤثرة ولكنه أصر علي قوله أن هذه الممارسات فردية. وقد وجهت اتهامات الي سبعة جنود أمريكيين في الفضيحة فقط. واثار الانتهاك غضبا عالميا وهز مكانة الولايات المتحدة في العالم في الوقت الذي يسعي فيه الرئيس الامريكي جورج بوش لاعادة انتخابه في نوفمبر. ودعم بوش رامسفيلد وذكر ان الانتهاكات مقيتة إلا أن الاجراءات الخاطئة صدرت فقط من عدد قليل من الجنود. ويؤكد مراقبون أنه أمام الاتهامات الجديدة للنيويوركر وغيرها لا تملك ادارة بوش سوي التمسك بسياسة الانكار لعلها تربح بعض الوقت، تماما كما فعلت عندما بدأت خيوط فضيحة سجن ابو غريب تظهر.

وقد أكدت نيويوركر ان خطة التحقيق التي تعرف باسم برنامج الوصول الخاص وهي علي درجة عالية من السرية أعطت موافقة مسبقة علي قتل أو أسر أو التحقيق مع من يطلق عليهم أهدافا ثمينة في الحرب. وكانت مثل هذه الأساليب السرية تستخدم علي نطاق واسع في افغانستان ولكن بشكل أضيق نطاقا في العراق فقط أثناء البحث عن الرئيس صدام حسين. واضاف المقال أنه مع تصاعد المقاومة العراقية ومقتل مزيد من الجنود الامريكيين وسع رامسفيلد ومساعد وزير الدفاع لشؤون المخابرات ستيفن كامبوني المجال لجلب أساليب التحقيق الاكثر اثارة للاشمئزاز الي سجن أبو غريب. وذكرت المجلة التي بنت تحقيقها علي مقابلات مع عدة مسؤولين سابقين وحاليين في المخابرات الامريكية ان الخطة تمت الموافقة عليها علي أعلي المستويات في البنتاغون ونفذت في العام الماضي في اعقاب التفجيرات القاتلة في مقر الامم المتحدة والسفارة الاردنية في بغداد. ونقل عن مسؤول مخابراتي سابق قوله أن رامسفيد والجنرال ريتشارد مايرز رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة وافقا علي البرنامج وأكد المسؤول الذي لم تحدد هويته ان القاعدة التي تحكم العملية السرية هي امسكوا من يتعين ان تمسكوا بهم. وافعلوا ماتشاءون . ونقل المقال عن مستشار بالبنتاغون قوله ان رامسفيلد ترك تفاصيل التحقيقات الي كامبوني. وذكر مستشار البنتاغون في المقال هذه صفقة كامبوني الا ان رامسفيلد ومايرز وافقا علي البرنامج .

الي الجنوب من عاصمة الديمقراطية العالمية واشنطن وليلة الخميس 13 ايار (مايو) 2004 اعلن وزير الدفاع الهندوري فيديريكو بريفيه ان وزارته تجري تحقيقا لمعرفة ما اذا كانت القوات الامريكية في العراق استخدمت كتيبا حول التعذيب اعد في الثمانينات لمكافحة ما سمي في حينها بالمد الشيوعي في هندوراس.

وقال بريفيه لا اعرف التفاصيل المتعلقة بهذا الكتيب حول التعذيب الذي اعد للهندوراس في الثمانينات واستخدمته علي ما يبدو الولايات المتحدة ضد المعتقلين العراقيين وعلينا التحقيق في ذلك .

وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد ذكرت في السادس من مايو 2004 في مقال نشرته الصحيفتان الهندوريتان لا برينسا و ال خيرالدو لاحقا ان عمليات التعذيب التي تعرض لها المعتقلون العراقيون وردت في هذا الكتيب الذي استندت اليه وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) في هندوراس فــــي الثمانينات.

واكد مفوض حقوق الانسان التابع للحكومة لوكالة فرانس برس ان عمليات التعذيب التي خضع لها المعتقلون العراقيون بما في ذلك تغطية رؤوسهم باكياس والصدمات الكهربائية والضرب والاهانات استخدمت ضد معتقلين في هندوراس .

واضاف انه كشف بصفته رئيسا للجنة الدفاع عن حقوق الانسان التي كانت ناشطة في هندوراس في الثمانينات وجود هذا الكتيب بين وثائق وزارة الدفاع الامريكية لكن لم يصدقنا احد .

من جهتها، قالت منسقة اسر المعتقلين المفقودين في هندوراس بيرتا اوليفا لوكالة فرانس برس ان عمليات التعذيب التي نراها اليوم في العراق مصدرها الكتيب نفسه الذي استخدم في هندوراس في الثمانينات لتطبيق مباديء الامن القومي التي وضعها جون ديمتري نيغروبونتي .

واضافت اوليفا ان نيغروبونتي الذي عين سفيرا للولايات المتحدة في بغداد هو الذي يطبق اليوم السياسة الامريكية في العراق وهذا لا يفاجئنا. هناك ناجون من هذه المباديء حدثونا عن عمليات تعذيب مماثلة .

ورغم كل ذلك يؤكد في واشنطن ان الخطأ محدود وهي مثل تصرفات اسرائيل البريئة للدفاع عن النفس التي تقودها الي تدمير منازل الفلسطينيين وسلب ارضهم وقتلهم. وربما سنري الكثيرين حتي في الوطن العربي الذين سيصفقون للعدالة الامريكية بعد طمس الحقائق وتحويل جرائم الحرب الامريكية الي حادث منعزل سيعمل الكثيرون علي محوه من الذاكرة العالمية. - القدس العربي -