يقترب موعد الاستحقاق الرئاسي الأمريكي ومع اقتراب الوقت من يوم التصويت في الثاني من الشهر القادم، تشتد المنافسة وترتفع حرارة الصراع وتبادل الاتهامات مابين مرشحي الرئاسة، المرشح الجمهوري الرئيس الحالي جورج بوش الابن ،والمرشح الديمقراطي جون كيري ، وتقدم استطلاعات الرأي كل يوم أنباء جديدة بعد كل مناظرة تلفزيونية بين الطرفين حول شعبية كل منهم سواء بالزيادة أو النقصان .

ولكن وبصرف النظر عن من سيصل إلى البيت الأبيض من بين المتسابقين رغم عدم قناعتنا بالرأي السائد الآن عند بعض الاتجاهات السياسية ،أن لا فرق بين الاثنين خصوصا اتجاه اتجاه قضايا الشرق الأوسط ، إلا انه وبالمقابل لا يبدو أيضا بالأفق ما يشير إلى أن هناك رؤية وطنية فلسطينية محددة للتعامل مع نتائج الانتخابات الأمريكية ومعطياتها. والتي وبدون أدنى شك ستؤثر تأثيرا بالغا على مجرى الصراع في المنطقة وعلى مستقبل التسوية السياسية على الأقل خلال الفترة الرئاسية الجديدة، وكذلك وفقا للترتيبات التي تبنتها الإدارة الحالية وخصوصا انسحابها الواقعي من رعاية العملية السياسية وتحولها من راعي لها إلى شريك لإسرائيل، وتنصلها من تطبيق خطة خارطة الطريق بعد رسالة الضمانات التي أعطيت لشارون قبل إعلانه عن مشروعه للفصل الأحادي الجانب .

إن أهمية بلورة موقف فلسطيني كجزء من استراتيجية للتحرك السياسي والدبلوماسي وفقا لسيناريوهات وخيارات متعددة، مستندا إلى جملة من الخطوات الداخلية التي تعطي مؤشرات على جدية استئناف ومواصلة الإصلاح والتجديد وفقا للأجندة الفلسطينية ، هو أمر في غاية الأهمية ارتباطا بوضع جملة من الحقائق أمام الإدارة الأمريكية القادمة أيا كانت ، وكذلك لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته ،كما انه من الأهمية أيضا بمكان هو استعادة زمام المبادرة السياسية والبناء على هذا التحرك السياسي والدبلوماسي الهجومي الفلسطيني في ضوء جملة من المكاسب الدولية التي تحققت بعد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الولية وقرار الجمعية العامة بالأغلبية الساحقة المتبني لرأي المحكمة .

وقد تكون الانتخابات العامة الفلسطينية الرئاسية والتشريعية والمحلية احد أهم الركائز في الاستراتيجية الفلسطينية ،خصوصا ارتباطا بالتوقيت المصاحب للانتخابات الرئاسية الأمريكية وما بعدها ، ومن هنا فان جملة القضايا والمترتبات الداخلية الفلسطينية المتصلة بموضوع الانتخابات من المفترض أن تنجز وبالسرعة الممكنة ليس ارتباطا بالتحرك السياسي الخارجي فقط، وإنما ارتباطا وقبل كل شيء بالحاجة الوطنية الداخلية الفلسطينية لإجراء مثل هذه العملية التي لا بديل عنها لمعالجة الشأن الوطني الداخلي من مختلف جوانبه وعلية فإن :

- استكمال عملية تسجيل الناخبين والإعلان عن السجل الأولي للمسجلين ، وهو بالمعايير والأوضاع الاستثنائية والظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني تعتبر ما وصلت إليه نسبة التسجيل عالية وجيدة، إذا ما قورنت مع بعض البلدان المستقرة امنيا وسياسيا .

- استكمال نقاش وإقرار قانون الانتخابات العامة المعدل لعام 1995 ووفقا للمقترحات التي أقرتها اللجنة الخاصة من المجلس التشريعي ، والمصادقة عليه من قبل الرئيس عرفات ليشكل أساسا قانونيا لإجراء الانتخابات على أساسه .

- الإعلان بمرسوم رئاسي وبعد استكمال كافة الترتيبات المذكورة وبتوقيت سياسي ملائم عن تحديد لموعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية . ومطالبة المجتمع الدولي واللجنة الرباعية من تحمل مسؤولياتهم لتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي باختيار ممثليه بطريقة حرة وديمقراطية .

ومما لاشك فيه إن هذه اللغة الجديدة التي سنطل بها على العالم بعد أن نكون قد انحزنا ما علينا إنجازه سيعزز من فرص تحركنا السياسي ويعيد زمام المبادرة لأيدينا من جهة ويمكنا في لحظة سياسية محددة من إطلاق مبادرة سياسية متكاملة انطلاقا من الإنجازات التي تكون قد تحققت للمراكمة عليها .

بيد إن صدقية أي مبادرة سياسية فلسطينية تنبع من مدى جدية هذه المبادرة ويحكم العالم على مدى الصدقية والجدية من خلال تعبير هذه المبادرة عن توافق وطني شامل يتم من خلال استئناف الحوار الوطني الفلسطيني – الفلسطيني على أساس وثيقة آذار الماضي بأفق وأجندة وطنية .