مقررو السياسة التحريرية، في استوديوهات أخبار محطتي التلفزة الفضائيتين، إم بي سي و العربية ، المتداخلتين في البزنس الإعلامي؛ يبخلون علي الشهيد الفلسطيني، بوصف طبيعة موته، حتي في أحرج الأوقات، التي يسجل فيها المقاومون الفلسطينيون، فعل الممانعة الوحيد، للذود عن كرامة هذه الأمة. ففي نبأ سقوط عدد من شبابنا، أمس، زاودت إم بي سي ، علي جفاء شقيقتها، حيال الفلسطيني المؤمن، عاشق الحرية؛ فاستخدمت فعل لقي حتفه لتثير إشمئزاز ملايين المشاهدين، في يوم رمضاني، يُمتحن فيه الصابرون والقابضون علي الجمر، من المشدودين بين الماء والدم والنار!

جماعة إم بي سي و العربية ومعهما الحرة يستخدمون في المحطتين، عدداً لا بأس به، من العناصر ذات الهواجس الطائفية، التي لم يُسيء أحد لها، ولا لطوائفها، لكنها تستقوي بالأنفاس الراهنة، لليمين الأمريكي، حيال منطقتنا وشعوبها. فهؤلاء أصحاب مواويل وأوهام، حسموا أمرهم علي أساس قطع الصلة مع كرامة العرب ومصيرهم، مع الاستفادة من اللغة العربية التي ترعرعوا في كنفها، للارتزاق، مثلما كان يفعل قصاصو الأثر والمخبرون ومترجمو الغزو المغولي. ذلك علي الرغم من أنهم عرب، في نظر أعدائنا، مهما ترجموا للغزو المغولي أو زاودوا علي الغزاة في كراهية الأمة وثقافتها. وبالطبع، هم لا يربطون بين الظواهر والحالات العربية، ولا يتفحصون دوافع الفلسطيني، الذي يسقط عند الأسلاك الشائكة لمستوطنة، ولا يعرفون أن ما يفعله المقاومون في فلسطين والعراق، إنما هو فعل استعصاء علي الغزو، من شأنه أن يجعل الأعداء يفكرون ألف مرة، قبل استباحة بقعة عربية أخري!

ہہہ

للأسف، يمرر هؤلاء نزعاتهم، ويسقطونها علي اللغة التحريرية للأخبار، تحت عناوين المهنية والحرفة الإعلامية، المجردة عن الهوي، أو بذريعة أن الخبر محايد ، بينما أصحاب البزنس من العربان المتخمين الغائبين عن الوعي، الذين ينتمون لشرئح اغتربت عن واقع الأمة، تورطوا مع هؤلاء الذين يسامرونهم وينادمونهم. وكأن الذين يتشدقون بالمهنية، هم أحرص علي الحرفة الإعلامية، من محرري أخبار فوكس نيوز وسي إن إن وغيرهما. فهؤلاء الخواجات، لا يدعون سطراً من قصة خبرية، إلا ويشبعونه بالإيماءات المنحازة للصهيونية وللاحتلال والتميحات التي تشكك وتدس الرأي في الخبر. وجماعة العربية و إم بي سي ، الذين يقولون أن شاباً فلسطينياً لقي حتفه، أو قُتل في اشتباك مع الإسرائيليين، يتناسون أنهم يبثون الي الجمهور العربي، الذي يحمل وجهة نظر واحدة في الإحتلال، وفي المقاومة، حتي وإن تعددت الاجتهادات في المسائل الفرعية. فالمحطتان العربيتان، هما بزنس إعلامي ملعوب، من بين أهم أهدافه، تعويد الأذن العربية، علي عدم إظهار أي احترام، للإيثار دفاعاً عن الوطن والمصير، ولكي تعيش الأجيال حرة. وكأن المهنية الإعلامية هي التعاطي مع الخبر دون تمييز في الوصف، بين من يسقط مقاوماً للقوة الغاشمة، وبين من يسقط معتدياً أو محتلاً. وإن كانت المهنية الإعلامية صمّاء، ولا علاقة لها بالناس الذين تتناول الأخبار قضاياهم، ولا موقف لها من حقيقة الأمر بالنسبة لهؤلاء الناس، سواء كانوا ظالمين أو مظلومين؛ فلماذا تحرص الدوائر الصهيونية، ودوائر اليمين المسيحي المتطرف، علي شراء شبكات التلفزة والصحف الواسعة الانتشار؟!

ہہہ

عندما تبخل العربية و إم بي سي علي المقاوم الفلسطيني، بوصف الشهيد، فإنها لا تنتقص من مكانة مانح الروح من أجلنا جميعاً، وإنما تنتقص من صدقيتها التي لن تزداد إلا ضعفاً، عندما تستنكف عن تسمية الأشياء بأسمائها. وعندما تقول ان المقاوم قد لقيْ حتفه، فإن نزاهة المحطة هي التي تلقي حتفها المعيب، لأن الجمهور المتلقي هو الجمهور العربي، ولا بد من احترام مشاعر هذا الجمهور، وما تفوّق الجزيرة إلا لمجموعة شروط واعتبارات وعناصر للصدقية، من بينها احترام مشاعر الناس علي هذا الصعيد. فقد جرت العادة، عندما يكون ســــوق المنتج الفني والفكري والإعلامي عربياً؛ أن يتحدث صاحب المنتوج، سواء كان مطرباً أو مخرجاً أو كاتباً أو راقصة، بلغة قومية أو بلغة تركز علي الأواصر بين أبناء الأمة. فما بالنا عندما تكون المحطة الإخبارية، تعتمد علي سرعة التغطية وتقديم الحقيقة، باللغة العربية للمتلقيّن بها. وعندما تفعل المحطة الإخبارية عكس ذلك، تكون بصدد دور مرسوم، وليس بصدد احترام القواعد المهنية. وبمقدورنا أن نتعرف علي طبيعة هذا الدور، من خلال المتابعة اليومية لما تقدمه المحطتان! - القدس العربي -