تطل علينا بعد ايام مناسبة يوم الاسير الفلسطيني في السابع عشر من نيسان كل عام حيث تقام في هذا اليوم فعاليات مختلفة تذكر المجتمع الدولي بقضية الاسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال فبعضهم افنى زهرة شبابه وبعضهم افنى حياته فيها، فاستشهد ولم ير نور الفجر او ينعم بنسائم الحرية خارج القضبان علّ الضمير الانساني في هذا المجتمع يصحو بعد غفوته ويطالب بانهاء قضية الاسرى الفلسطينيين واطلاق سراحهم دونما تمييز. ولعل من البديهي وحسب القوانين والشرائع الدولية انه حينما تضع الحرب اوزارها ويتم عقد اتفاقيات هدنة وانهاء اشكال النزاع والصراع فانه يجري اطلاق سراح الاسرى كبادرة حسن نوايا حتى يتمكن الفرقاء المتصارعين من بناء جسور الثقة تمهيدا للانتقال لمرحلة التعايش السلمي بين الفرقاء، الا في حالتنا نحن فأن الاسرائيليين يتعاملون مع هذا الموضوع وكأنه شأن داخلي اسرائيلي لا علاقة لاحد من المجتمع الدولي به ولا حتى الطرف الفلسطيني الذي وقع معهم اتفاقيات سلام او اتفاقيات هدنة وبالتالي فان هناك تبعات والتزامات تترتب على هذه الاتفاقيات من بينها اطلاق سراح الاسرى. لقد شعرنا بالتفاؤل حينما وقعت اتفاقيات لاطلاق سراح الاسرى اللبنانيين والعرب بين اسرائيل وحزب الله وكذلك اطلاق سراح اسرى مصريين باتفاقية وقعت بين مصر واسرائيل ومؤخراً اطلاق سراح اسرى اردنيين في الطريق الى التنفيذ وشعرنا بالارتياح ولو قليلاً لاطلاق سراح اسرى فلسطينيين لم يتجاوز عددهم خمسماية اسير من اصل ثمانية آلاف وخمسماية اسير يتواجدون في السجون الاسرائيلية على الرغم من ان الذين اطلق سراحهم هم من الذين اعتقلوا على خلفية دخولهم بدون تصاريح او من ذوي الاحكام المخففة التي لا تتعدى الثلاث سنوات ولم يبق على خروجهم سوى اشهر معدودة او ايام قلائل. ومع التأكيد على حقيقة ثابتة وهي ان قضية الاسرى قضية عامة وليست خاصة وان المطالبة باطلاق سراحهم من الاولويات الاساسية الفلسطينية دون تميز الا ان اسرى القدس غير مشمولين بأية صفقة للتبادل ومعهم اسرى الداخل نتيجة الموقف الاسرائيلي الرافض لان يشمل التبادل اسرى القدس والداخل. ان حجم المعاناة التي يعانيها اسرى القدس لا تقل عن حجم معاناة اهليهم الذين يطالبون باطلاق سراحهم مع باقي زملائهم الاسرى من خلال الفعاليات المختلفة التي يقومون بها وعلى رأسهم الاعتصام الاسبوعي الذي ينظمه الاهالي في الصليب الاحمر علاوة على الارهاق الاقتصادي الذي يعانيه الاهالي حيث انهم يدفعون شهريا مبلغا من المال لاولادهم الاسرى «الكانتينا» حيث اصبح الاسير يدفع مصاريف سجنه بعد ان تم حرمانهم من ابسط الامور الحياتية الانسانية داخل السجن في سياسة اسرائيلية متعمدة لارهاق اهالي الاسرى اقتصاديا على الرغم من ضيق ذات اليد وسوء الاحوال الاقتصادية والمادية للمواطنين المقدسيين. ومع المناشدات الكثيرة التي بعث بها الاسرى المقدسيون الى الرأي العام العالمي ومؤسسات حقوق الانسان والصليب الاحمر اضافة الى مناشدة المسؤولين الفلسطينيين بدءا من الرئيس وانتهاء بأعضاء التشريعي. الا ان الموقف هو هو.. لم يتغير ولم يتبدل. واذا كانت اسيراتنا بوجه عام واسيرات القدس بوجه خاص يعانين بصمت وكبرياء من جراء معاناتهم وسوء احوالهم المعيشية الانسانية في داخل السجون الاسرائيلية كذلك الاطفال الذين تقل اعمارهم عن خمسة عشر عاما والمعتقلين في السجون الاسرائيلية خلافا لكل الاعراف الدولية، والاسرى الذين مضى على وجودهم في السجن الاسرائيلي فترات طويلة افنوا فيها زهرة شبابهم وهم ينتظرون الفرج ودماء شهداء الحركة الاسيرة من ابناء القدس الذين قضوا في السجون الاسرائيلية ونستذكر منهم ابوجمال مراغة وقاسم ابوعكر وعمر القاسم وحسين عبيدات ومحمد حسن ابو هدوان وغيرهم وغيرهم كما اننا لا ننسى الشهيد الاسير سعيد الددو (ابو الراضي) الذي امضى اكثر من ثلثي سني حياته داخل السجون الاسرائيلية، يستصرخون الضمائر الانسانية الحية بالتدخل من اجل وضع حد لمعاناة الاسرى والعمل على التدخل لدى السلطات الاسرائيلية من اجل اطلاق سراحهم بتوجيه نداء الى الاسرة الدولية ومؤسسات حقوق الانسان وهيئات الامم المتحدة من اجل ان يشمل صفقة تبادل الاسرى اسرى القدس باعتبارهم مناضلون من اجل حرية شعبهم ووطنهم ويدفعون ثمن ذلك من اجسادهم وسنين عمرهم خلف القضبان. واذا كان لا بد من وقفة من جانب المسؤولين الفلسطينيين فهي الاصرار على ان يشمل اطلاق سراح الاسرى اسرى القدس باعتبارها جزءا من الضفة الغربية التي احتلت في العام 1967م والتمسك بكل عزم بهذا الموقف حتى لا يشعرالاسير المقدسي انه متروك لوحده للمجهول ولا يوجد من يهتم به وبقضيته وحتى لا نصل الى السؤال الذي اصبح يتردد بهمس اسرى القدس من لهم؟! - (القدس 13 نيسان 2005)-