قبل حوالي عامين حين استضافت عمان المؤتمر الثاني لقمة المرأة العربية وتشرفت بتسلم رئاستها، لم يكن دافعنا النقاش والحوار فقط، ولكن ذلك كان الوسيلة لنصل الى الانجاز المثمر والدائم، بتفاعله بين الافراد والمجتمعات، وعندها اتخذنا مسارات مختلفة للعمل بشراكات عربية قوية، ليكون الانجاز على قدر الالتزام والايمان بهويتنا وقدراتنا افرادا ومجتمعات.
واليوم، وفي هذه المناسبة (يوم المرأة العربية)، فان اعتزازي شديد بما انبثق عن النقاش الذي خضناه وما توصلنا اليه، فمن اهم انجازات قمة المرأة العربية في دورتها الثانية، اشهار منظمة المرأة العربية واقرار مختلف اللوائح والأنظمة لعملها. ومن ابرز المبادرات التي نعتز بها ايضا المشروع الاعلامي، الذي تم اطلاقه مع نخبة من كبار الاعلاميين العرب، بهدف تفعيل دور الاعلام لخدمة قضايا المرأة العربية، وسعيا لتغيير الصورة النمطية عنها في مجتمعها ولتغيير واقعها عن طريق دمجها في البرامج السياسية والاقتصادية، حتى لا تكون المرأة فئة مجتمعية منفصلة، بل عنصر فاعل وفعال في كافة المجالات.
لقد جاءت ثمار جهود الهيئة الاستشارية الاعلامية التي شكلت من اجل المشروع كما تمنيناها، فأضاءت شعلة أمام شعبنا العربي، تنطلق من دينه الحنيف، ومبادئه السمحة، وقيمه الداعية للعمل والابداع والعدالة، في مبادرة تكرس مكانة المرأة العربية في صنع المستقبل العربي، وتحترم قدسية دورها في أداء الواجب نحو الوطن، انتاجيته ونمائه وتطوره. ومن أهم ثمار هذه الحملة التغير الملحوظ في معالجة الاعلام العربي لشؤون المرأة، فجزيل الشكر للاعلاميين العرب الذين التزموا وساهموا في انجاح هذه الحملة، التي نفخر انها انطلقت في عهد رئاسة الأردن لقمة المرأة خدمة للعالم العربي.
وبذلك سجل الاعلاميون العرب سابقة مهمة على مستوى العمل العربي المشترك، والعمل الاعلامي في خدمة التنمية، حين اجتمعت في عمان مؤسسات اعلامية عربية مختلفة، وحتى متنافسة، اجتمعت واجمعت على ان تعمل معاً للنهوض بدور المرأة العربية وتعزيزه. هذه التجربة المهمة، فتحت آفاقا رحبة للعمل الاعلامي، فمجتمعاتنا تتقبل كل ما هو جديد، وهذا يتطلب مواكبة المستجدات والتركيز على معالجة القضايا بتوازن وموضوعية وشفافية.
وهذه الانجازات، على اهميتها يجب ألا تصبح صرحا جامدا نشيد به في المناسبات، بل يتوجب علينا ان نبقيها كائنا عضويا حيا مستمر التطور، وعليه فان الأردن ماض في طريق مأسستها، حيث باشر العمل في هذا الاتجاه. ونأمل في ان تصبح الحملة باكورة تحرك عربي شامل، لتعزيز دور المرأة، وللتعاون مع الاعلام لابراز هذا الدور. فالاعلام العربي عليه مسؤولية الاستمرار في العمل لتغيير الصورة السلبية في العالم الغربي عن العرب بشكل عام، وعن المرأة العربية بشكل خاص.
فالخطوة الأولى في عملية تخطي الصعاب هي تحديد المشكلة والاعتراف بوجودها، وبفضل الاعلام، اصبحت مواضيع الأخبار من تحاليل ودراسات واستبيانات الرأي مادة غنية لتوجيه الرأي العام، وصناع القرار، فلنبن على هذه الانجازات، ولنمض قدما لبناء مستقبل زاهر لهذه الأمة، وآمال شعوبها.
* عقيلة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني - الشرق الأوسط -