شنقاً أو رمياً بالرصاص هو حكم خلافي,
مازال خاضعاً للأخذ و الرد, تصدره دولة من الدول ضد مرتكبي أعمال القتل و الإغتصاب و إنتهاك الحرمات و الإتجار بالمخدرات و ترمي الحكومات من وراء تنفيذ عقوبة الاعدام. خاصة, إلى ردع المجرمين و إخافة كل من يخطط لإقتراف جريمة و ربما الرغبة في تحقيق الأمن و الإستقرار و المحافظة على السلام الإجتماعي..
لكن , و بعد أن طالعتنا وسائل الإعلام عن تنفيذ حكم الإعدام بحق أربعة من المجرمين الفلسطينيين, و على خلفية جنائية, هل تحققت داخل المجتمع الفلسطيني في غزة و الضفة هذه الأهداف و منذ إعلان السلطة الوطنية الفلسطينية و دخولها أرض الصبر و البطولات و المعاناة؟ هل كفّ المجرمون على إختلاف مراتبهم..عن إلحاق الأذى بالمواطنين الفلسطينيين أو تراها إنخفضت نسبة إرتكاب الجرائم بكل ما تحمله من وحشية و نزوعات مرضيةغير آدمية؟
هنا لا نقول, أن المجرمين القتلة لا يستحقون ما لحقت بهم من عقوبات رادعة, و لا نريد أن نتوافق مع رأي منظمة العفو الدولية التي تعتبر عقوبة الإعدام إجراء بالغ القسوة ينزع حق الحياة من مجرم عتيد, بحيث –على رأيهم- تقوم الحكومات بعمليات قتل متعمد ضد القاتلين الذين يقتلون أيضا عن سابق عمد و تخطيط و ترصد!
و تدعم منظمة العفو الدولية و غيرها من منظمات مواقفها بإستطلاعات و بيانات و دراسات تظهر أن الدول التي تنفذ فيها عقوبة الإعدام لم تشهد تراجعات ملموسة في نسبة الجريمة, مع أن هذه المنظمة لا تدين عمليات إعدام المدنيين في العراق و فلسطين على أيدي الغزاة و الصهاينة بشكل صريح و قوي, إذ هي تلجأ إلى المواربة و الإنتقائية و التناغم مع مواقف الأخطبوط المعولم الأعظم في حالات كثيرة.
وبما أن لكل مجتمع من المجتمعات خصائصه و صفاته و ظروفه و تعقيداته و أعرافه و تقاليده..فإن التطرق للحديث عن عقوبة الإعدام-فلسطينيا- التي نفذت ضد المجرمين الأربعة في الأرض المحتلة يقود إلى طرح مجموعة من التساؤلات المشروعة, منها على سبيل المثال:
- هل ستنفذ عمليات إعدام رادعة و حاسمة و سريعة ضد العملاء و الجواسيس الذين خانوا الوطن و تسببوا في إغتيال عشرات عشرات القادة و الكوادر و المناضلين البواسل من خيرة أبناء شعبنا الفلسطيني؟
- بعد أن صرح وزير الداخلية الفلسطينية, نصر يوسف, بأن أجهزة الأمن الفلسطينية مخترقة من جهات أمنية لدول, و على أعلى المستوبات, هل سيبادر سيادته إلى كشف الغطاء عنهم و فضحهم علانية,و محاسبتهم بكل قسوة, أم أن القبضة الفولاذية الأمنية التي تتحرك أحيانا بشكل نخبوي و مدروس! ستجد نفسها ملفوفة بحرير الجهات الضاغطة و اللئيمة اللدودة, كي تأتي اللمسات خفيفة و شكلية فيما يتعلق بإعدام جواسيس إسرائيل العنصرية المجرمة.
- هل ستتراجع تدخلات و وساطات القبائل و العشائر و منابر التحيز المناطقي و التنظيمي..في أعمال القضاء الفلسطيني و آليات تنفيذ الأحكام ضد المجرمين و الخونة, أم نجد أنفسنا في مواجهة عمليات ثأر و إنتقام , كماحدث فعلا ضد كوادر مناضلة في نابلس؟
كنا دائما كفلسطينيين ننتظر و على أحر من القهر! أن تزهق روح الفساد و أن يعلق من رقاب المتورطين في حبال المساءلة الجادة و الدقيقة. كنا نأمل أن تصدر أيضا عقوبات بإعدام الفوضى و حالات التسيب و الفقر و الجوع و النفاق و سرقة المال العام..؟
فهل سيطول الإنتظار؟ - (جريدة الصباح 13 حزيران 2005) -