نشر بنك الاستثمارات الامريكي "ميرل لينتس" بالتعاون مع شركة "كاب جيميني" أمس الاول ، التقرير السنوي عن حالة الاثرياء في العام 2004 ومقارنة الحصيلة مع معطيات السنوات الماضية.

وتعكس معطيات هذا التقرير حقيقتين صارختين اساسيتين من حيث المدلول السياسي والاجتماعي للسياسة الاقتصادية الاجتماعية الحكومية المنتهجة.

* الحقيقة الاولى: انه في ظل ازمة الركود الاقتصادي وانتشار البطالة الواسعة تنتعش وتتكاثر الطفيليات الجرثومية في مستنقع السياسة السلطوية المنتهجة. فحسب تقرير "ميرل لينتس" زاد عدد المليونيرية في العام 2004 مقارنة مع العام 2003 بـ 600 مليونير جديد، أي بزيادة نسبتها 10%، من ستة آلاف مليونير في العام 2003 الى ستة آلاف وستمائة مليونير في العام 2004. والمليونير هو من يبلغ رأسماله النقدي ( السيولة) اكثر من مليون دولار، ولا يدخل في الحساب هنا الرأسمال الموظف في العقارات او في الشركات او في املاك اخرى.

كما تفيد معطيات هذا التقرير ان عدد المولتي مليونيرية " الذي يبلغ رأسمال كل واحد منهم اكثر من 30 مليون دولار" قد ازداد في نفس الفترة المذكورة بنسبة 15%، واصبح عدد هؤلاء المليارديين في اسرائيل 70 مليارديا تشغل شيري اريسون رأس قائمة الاكثر ثراء.

ويؤكد التقرير ان المصدر الاساسي، العامل الاساسي لزيادة عدد اصحاب الملايين يعود الى ارتفاع الاسهم في السوق المالية ( البورصة) في العام 2004 حيث حصد المستثمرون في هذا المستنقع الارباح الفاحشة. ولا شك بان حكومة شارون- نتنياهو التي لا تفرض الضرائب على ارباح البورصة تخلق في ظروف الازمة في الفروع المنتجة الظروف الخيالية لزيادة الاستثمار والارباح في البورصة.

* والحقيقة الثانية ان معطيات هذا التقرير تجسد حقيقة العلاقة الجدلية بين الثراء والفقر، فكلما زاد عدد الاغنياء زاد بالمقابل ، وبشكل طردي عدد الفقراء واتسعت اكثر فجوات التقاطب الاجتماعي بين قطبي الثراء والفقر والتي تجسد عمليا الحقيقة المأساوية- لسياسة اغناء الاغنياء وافقار الفقراء- التي تمارسها حكومة الكوارث اليمينية النيوليبرالية.

وتتحدث الارقام نفسها بنفسها عن العلاقة الجدلية بين الغنى والفقر. ففي العام 2002 كان عدد المليونيرية في اسرائيل 5 آلاف مليونير يقابلهم مليون وثلاثمائة الف انسان فقير في اسرائيل. في العام 2003 ارتفع عدد اصحاب الملايين ليصبح 6 آلاف مليونير ولم "يتخلف الفقراء عن الركب" فقد ارتفع عددهم في نفس العام ليصبح مليونا واربعمائة وعشرين الف فقير. اما في العام 2004 فمقابل ارتفاع عدد المليونيريين ليصبح ستة آلاف وستمائة مليونير ارتفع عدد الفقراء ليصبح حسب التقديرات حوالي مليون ونصف المليون فقير.

لقد اصاب المحامي يوفال البشان احد رؤساء التنظيمات الاجتماعية كبد الحقيقة في تقييمه عندما اكد "اننا نتحول ببساطة الى دولتين، الفارق بين شريحة الاغنياء، التي تتحول الى اكثر ثراء، وبين بقية المواطنين، الذين يصبحون اكثر فقرا يتعمق ويتسع اكثر فاكثر".

ان هذه المعطيات الصارخة عن الفوارق الاجتماعية في مجتمع تنعدم فيه العدالة الاجتماعية يؤكد حقيقة طالما كررناها واكدناها، عن طابع الهوية الطبقية- الاجتماعية والسياسية لحكومة شارون- نتنياهو المعادية لمصالح الكادحين والفئات الاجتماعية المسحوقة والخادمة الامينة لمصالح ارباب الاستغلال والرأسمال. سياسة حكومية لا مفر من تصعيد الكفاح ضد نهجها ومنهجها الكارثي السياسي والاقتصادي- الاجتماعي.