بمناسبة الذكرى الطيبة لانطلاقة العاصفة وتوأمها فتح اعتقد جازما أني كواحد من أبنائها ولا أقول الأوائل بل الرعيل الأول الذي واكب بداياتها والتحق بها بعد انطلاقتها المباركة ملتحقين بروادها الأوائل وقياداتها التاريخيين فحباني الله سبحانه بنعمة التمتع برغد المجد..... وشموخ الكبرياء...... ونشوة الحرية وأحلام النصر.
نعم فانا وأقراني ممن يدركون حقيقة ما أقول لا بل يحسون إحساسا مماثلا لإحساسي اللهم إلا من فقد الإحساس.... فهؤلاء ليسوا في حسابي ولا أنا في حسابهم أصلا ولست معنيا بهم على الإطلاق فكل من يعنيني البقية الباقية ممن حافظ على أصالة التاريخ الفتحاوي من الأحبة المخلصين لله ولفتح العاصفة ولفلسطين.
أقول.... تمتعنا بالمجد الفتحاوي يوم كانت فتح الغلابة التي تفجر الدبابة.... تمتعنا بشموخ الكبرياء يوم كان الواحد منا يعرف الحرام ومنتهى طموحنا الشهادة ولقاء الله سبحانه وتعالى.... تمتعنا بالحرية بعد أن عاش جيلنا وآباؤنا قيود النكبة وما تلاها من تجبر قمعي وما نتج من هزيمة ونكسة.... فأعادت لنا فتح كرامتنا وفتحت لنا آفاق الحرية وأبواب الانتصار.
نعم انطلقت العاصفة وأعلنتها فتح من خلال بسم الله "إنا فتحنا لك فتحا مبينا" آية كريمة عظيمة عززت ثورتنا بسند أقوى وأكبر من أي دولة عظمى وقبل أي سلاح مهما كصغر أو كبر اعتمدنا على الله ناصر المظلومين في الأرض فوضعنا عنواننا وشهادة ميلادنا وهويتنا في حماية المولى (نعم المولى ونعم النصير ).
فكانت فتح منذ انطلاقتها عام 65 حتى عام 69 هي العنوان الأول لكل أبناء الشعب الفلسطيني رغم ظهور قوى وتنظيمات محترمة وعلى رأسها الجبهة الشعبية, ولكن فتح كانت هي العملاق الذي اكتسب الإجماع من خلال المواصفات التي ظهرت على الملأ ماديا ومعنويا وإعلاميا.
ثوار مجاهدون أبطال مؤمنون مخلصون طاهرون بكل ما تعنيه الكلمة, وهو أمر افتقدته الأمة أمام جيوش عربية انهزمت لأسباب كثيرة ولكن من أهمها أن كثير من القيادات كانت بعيدة عن الله إيمانا وعملا وما أظهرته الأخبار من فساد أخلاقي ومالي افقدهم صلاحياتهم مما سهل على العدو القضاء على جيوش ثلاث دول كبيرة.
إذا الأمة أصبحت أمام حالة جديدة من رجال صادقين مؤمنين مخلصين يتخذون من كتاب الله عنوانا لثورتهم
كل هذا شد انتباه الأمة والشعب الفلسطيني خاصة فنهض الشباب مسرعين إلى حركة فتح منخرطين في صفوفها ليكونوا مقاتلين أشداء في قوات العاصفة التي أثبتت وجودها من خلال قيادة شجاعة كان يتقدم (القادة) صفوف المقاتلين في كل المواقع, وهذا ليس شعرا بل ما أؤكده من خلال الوقائع والأحداث التي رايتها وشهدتها وما أكثرها من أبو عمار إلى أبوعلي إياد حتى أبو جهاد.
نعم فتح هكذا كانت..قوية محصنة... شامخة كالنسور في أعلى السماء... صامدة كالجبال لا تهزها الرياح ولا تعصف بها العواصف بل كانت هي العاصفة التي تتكسر عندها كل المؤامرات ليس لأنها كانت تمتلك السلاح أو القوة أو العدد الكبير من الرجال فقط كانت هكذا !!!!!! لأنها...... (محصنة برجالها الأشراف الأطهار).
أيها الفلسطينيون.... لا تبكوا على فتح
نعم كثر الحديث عن فتح منذ فترة من الزمن وكثر التعليق والهجوم والندب واللطم وحتى البكاء على فتح وكل له مبرراته في ما يكتب أو يندم كثير من الإخوة غيورين حريصين والبعض ناقمين حاقدين شامتين. وفئة ثالثة اعتقد أنها فئة مجرمة جبانة خائنة لا تعمل إلا لحساب الأعداء
وعندما أقول أيها الفلسطينيون ولم اقل أيها الفتحاويون, فانا لا اعني مشاعر اليوم وما أصبح عليه الحال هذه الأيام بحيث ما عاد الأمر يهم أحد بل أتحدث عن فتح يوم كانت عاصفة, فتح التي كانت في ضمير كل إنسان فلسطينيي وهو يعتبرها ضميره وكبريائه... أتحدث عن فتح التي كانت في ضمير حتى ابن الجبهة الشعبية والديمقراطية والصاعقة والنضال والتحرير وكل من قال أنا فلسطيني....... يوم كانت فتح بالنسبة لهم الأم الحاضنة الحامية التي تلم الجميع تحت جناحها يوم المحن والشدائد والأهوال
ولهذا أقول أيها الفلسطينيون لا تبكوا على فتح... لان ما يحدث الآن لحركة فتح....لا يؤثر على فتح الأم
ولن يهز كيانها العملاق أو كبريائها الأساسي والمبدئي, وما يحصل الآن ليس إلا من فئة خطفت فتح
نعم فئة ضالة سرقت فتح من عاصفتها وفتحويتها الأصيلة لتوهم الناس أنها هي فتح من خلال استقواء نتج عن عضوية شرعية لا غيار عليها وممارسة نضالية ماضية يوم كان الجميع منخرطا في النضال وما كانت الشوائب التي ظهرت عليهم الآن وكأنهم يحصدون ثمار تضحياتهم السالفة وكان الثمن هو كان مبتغاهم وليس الوطن وتحريره كما هو الشعار الأصيل الذي انتظموا خلاله في هذه الحركة, ويبدوا أنهم اعتمدوا على ماضيهم وتجاهلوا ماضي وتاريخ الحركة بكل ما أعطت من تضحيات جعلت من فتح هذا العملاق المتألق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي .
واختصروا فتح بشخوصهم وأسمائهم وكأن لم يبقى منها إلا هم وهم فقط .
فرأينا ما افتعلوه من أزمة من خلال سيناريو الانتخابات التمهيدية وما تبعها من مناكفات وصلت إلى حد الاستفراد ولي الأذرع وممارسة كل أشكال القمع الفكري في أوساط الشبيبة الفتحاوية حيث ضربوا على وتر روح الشباب وإقصاء الغير وتعهير نضال الرواد الأوائل مستغلين كبرياء الشباب المنتفض الحر والذي يمثل الضمير الحي لحركة فتح وعملوا على تقسيم فتح وتفصيلها على قياساتهم الشخصية .
لقد اعتمد هؤلاء أيضا على تصغير غيرهم حتى ولو كانوا قادة مؤسسين لهذه الحركة العملاقة
وأكثر من هذا وذاك تمادوا في غيهم وأثاروا نعرات فصائلية رغم وحدانية النضال والهدف فظهر منهم الشتامين واللعانين لأخوة لنا في الساحة قدموا التضحيات الكبيرة وغرروا بالشباب أن لا احد أفضل من فتح لا بل برروا الهجوم على غيرهم دون وازع من ضمير ولا اعتبار للوحدة الوطنية.
أقول...أيها الفلسطينيون لا تبكوا على فتح, ففتح لم تكن لعانة ولا شتامة ولا مخونة لأحد في الساحة .
فحركة فتح الأصيلة وفي اشد الظروف مأساوية يوم قامت الجبهة الشعبية بتفجير الطائرات الأجنبية في الأردن عام 1970 حيث قام الرئيس الراحل ياسر عرفات بجهود كبيرة مضنية من أجل إنهاء أزمة الطائرات وقد خرج من اجتماع مع قيادة الجبهة وصرح أن الأزمة انتهت وان لا تفجير للطائرات قامت الجبهة وبنفس اليوم بتفجير الطائرات مخالفة للاتفاق ماذا كان جواب فتح !!! ورغم كل الإرباك وتفاعل الأزمة مع الأردن...لم تنقلب فتح على الجبهة ولم تقم الدنيا وتقعدها عليها ولم تشتمها ولم تلعنها بل وقفت معها ودفعت الثمن باهظا .
لماذا !!!! لان فتح كانت القائد... لماذا !!! لأن فتح كانت الأم... لأن فتح كانت الحاضنة .
إن ما يجري اليوم هو جر فتح لان تكون الطرف الأضعف في المعادلة الفلسطينية وبكل أسف هذا ما خطط له أعداء فلسطين على مدار العقود الماضية ولكن وعي القيادة في ذالك الوقت وحرصها على أن تبقى فتح هي العملاق والأب والأم والحاضن لكل أطياف العمل الفلسطيني أبقاها دائما فوق كل الحسابات الفئوية والتنظيمية الضيقة فكانت بكل جدارة واقتدار هي قائدة منظمة التحرير الفلسطينية .
إن ما يجري اليوم هو تآمر على فتح من داخل فتح وما يجري اليوم هو ضرب القلعة من داخلها.
وان الأصوات التي تنادي بتأجيل الانتخابات هما صوتان, صوت يعبر عن الحرص على حركة فتح والخشية عليها من التراجع وصوت آخر هو صوت المأزومين الذين يخشون على نفاذ الكنز الذي تعودوا أن ينهلوا منه امتيازاتهم الشخصية وعلو شأنهم واستمرار فسادهم وإفسادهم لكل ما هو مشرق في عملنا الوطني وإظهار فتح على أنها بقية من حثالة المجتمع الفلسطيني .
ولكن هيهات هيهات ففتح يعرفها القاصي والداني... فتح العاصفة التي زرعت في الوجدان لفلسطين كل معاني الشرف والانتماء والإيمان بالله وبالوطن, فتح هي العنوان الذي وضع على أول بيان صدر عام 1965 معلنا انطلاقتها من أجل تحرير فلسطين... فتح هي التراث التاريخي الذي بدأ مع بداية الانتكاسة العربية واستنهضت العنفوان العربي بدعم كل العرب والمسلمون في بقاع الأرض وهم يرون أول ظاهرة تضيء ظلام الوطن العربي بعد الهزيمة الساحقة في حزيران عام 1967.
أيها الفلسطينيون لا تبكوا على فتح... ]ففتح ليست هؤلاء ليست من يبكوكم ولا هؤلاء من أفقدوكم الثقة بفتحكم ولا هؤلاء الذين طعنوا بشهادة أبنائكم.... إنهم مارقون... إنهم ذاهبون إلى مزبلة التاريخ.... فلا تبكوا فتح .
ففتح باقية من خلال رموزها ومقاتليها وأسراها البواسل من أبنائها المخلصين لله ولفلسطين ممن يحبون إخوانهم في كل التنظيمات المناضلة ولا يقفزون على تضحيات الآخرين ولا ينكرون عليهم حقهم في الوجود...... فتح باقية من خلال الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس... وليس من الشتامين والمفسدين باقية وماضية إلى عنفوان التاريخ وعائدة إلى الأصل والجذور التي مضى آلاف الشهداء خلالها ومنهم أبو علي إياد وأبو صبري صيدم وأبو إياد وأبو جهاد وأبو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان وماجد أبو شرار وآخرهم أبو عمار .
أيها الفلسطينيون لا تبكوا على فتح.... فهذه هي فتح.... وليست هؤلاء .
الحقائق (01/02/2006).