يظل الصعب ممكنا والمستحيل كالجمال، بعيون صاحبه. فما أن جاءت النتائج المذهلة لانتخابات المجلس التشريعي، حتى بدأ التخبط الحمساوي الذي تجلى في التصريحات المتضاربة لممثليها والسبب أنها وصلت للحكم ببرنامج معارضة. بينما ينفد الصبر القتحاوي الذي صار شهيرا باحمرار الأوجه و انتفاخ شرايين الرقاب... بين هذا وذاك تتشابك الخطابات وتمتزج ألوانها..

يبقى الشاهد الوحيد هو الشعب الذي انتخب وشهد 6 أشهر من رئاسة المجلس التشريعي والحكومة ولقن المورفين حتى بات فارغ الفيه والجيب وكأن الجوع لا يكفل الركوع.

المشكلة لم تعد فلسطينية فلسطينية بل تشعبت للأسف لارتباط حماس بالأخوان المسلمين في الوطن العربي. فلعلنا نذكركم، إن نفعت الذكرى، أن من يده بالثلج ليس كمن يده بالنار ولا من يضرب بالعصي كمن يعدها.

لو كان هناك وفاق وطني حقيقي، لما كان هذا حال الشاهد "التعبان"، الذي يقف في الطابور لتلقي سلفة من مستحقاته على سبيل زيادة الدين لا سداده، فأين هو "ديوان المظالم" الذي وعدت حماس بإنشائه لتلقي شكاوى المواطنين في برنامجها الانتخابي؟و أين بنودهم السبعة من قضايا العمل والعمال الواردة في برنامجهم الانتخابي؟؟؟

من الذي سيحمي من السرقات والجرائم الآن؟ و من الذي تكبد تكاليف الشقق الفندقية؟ أتُرى الإجابة بأروقة قيادة إقليمية لفلسطين؟؟ الإجابات محصورة بين برنامج حماس الانتخابي ووثيقة الأسرى، التي أسماها بعض المتحدثون بلا خجل بـ"وثيقة هداريم" متناسين أنها تحمل أسماء مناضليهم في السجون الإسرائيلية. هذا صغير قليل الخبرة والحنكة وهو لا محالة خاسر الرهان، و لكن الشاهد الذي خبر الكثير بات مخضرما فسألوه عن وثيقة الأسرى.

يجب أن نكّف عن الكذب واختلاق جيوش لا وجود لها و يجب توحيد الخطاب الوطني و صبه في إطار واحد وثابت، إطار يجب تفعيله لأنه الممثل الشرعي والوحيد للشاهد، إطار منظمة التحرير الذي يمهد أمامنا الطريق نحو المشروع الوطني الذي نتوق كلنا إليه. أساطير جسدها الشاهد في ملاحم طالت أيام و أيام لا تنتهي، فهذا الشعب بات مفطوما على الاجتياحات والاعتداءات وعلى الاستنكارات والإدانات، والأبلى من هذا و ذاك، أنه مفطوما على المزايدات والنفخ بقربة مقطوعة!

فإلى متى ستظل ألوان الخطابات الفلسطينية تمتزج ببعضها حتى أضحت بلا ملامح وبلا شخصية وبلا مصداقية؟ المطلوب تشكيل شبكة حماية وطنية، مما يتطلب بدوره تزاوجا وطنيا يوصلنا إلى بر آمن، ما لم يتم ذلك، وهو بالمناسبة شبه محال، فالرهان على مهر خاسر لا محالة و لا بد من تيار ثالث و لا بد من الاستفتاء الشعبي.