مع انطلاق المونديال العالمي في ظل السخط العالمي علي الفيفا والشركات الراعية الراسمالية التي حرمت فقراء العالم من وسيلتهم الترفيهية ، وولعهم بماريات كرة القدم ، مع هذه الأنطلاقة أبت الصواريخ الصهيونية إلا أن تتضامن مع فقراء العالم أجمع ، وتعلن عن دعوتها لمشاهدة المونديال بمذاق آخر ، ورحلة ترفيهية على شاطئ البحر في غزة.
بدأت الدعوة مبكرا بمهرجان الافتتاح من خلال قصف القائد جمال أبو سمهدانة وثلاث من مرافقيه ، ومن ثم فتح أبواب الاستاد مشرعه بقصف ثلاث شبان من عائلة الزعانين بغزة ، وما انطلقت مباريات المونديال ، حتى كانت الصافرة الصهيونية اسرع وأكثر احتراف ، ولتأكيد قدراتها على هذه الاحترافية ، انطلق اللاعب الصهيوني بصاروخين على شاطئ المصطافين ، فلم يصمد أمام هجماته الاحترافية اللاعب الفلسطيني المحاصر ، من يحيا وسط الألم والهموم فخرج بأسرته لتنفس هواء البحر وعليل السماء ، فكانت النتيجة ثمان أهداف خلال دقيقة كرقم قياسي لم يسعف الحظ لأي لاعب أخر أن يدون له هذا الشرف ، عائلة فلسطينية أرادت أن تتجمع بيوم إجازتها لتخرج من جراحها .
الأب والأم وست أبناء من أسرة واحدة ، لم يتبقي منهم سوي طفلة استصرخت العالم بدموعها البريئة ،عسي أن تجد من ينقذ والدها الملقي بجوارها تتأمله جثة هامدة ، طفلة استصرخت كل عاشقي الصمت الذين استهوتهم رائحة الدم الفلسطيني ،وأطربتهم دموع أمهاتنا ونسائنا وأطفالنا.
ماذا تبقي لنا ولضمائرنا ونحن نشاهد هذه الطفلة التي نامت ليلتها تحلم بمداعبة أمواج البحر ، وتلهو مع أخوتها على الرمال الناعمة ، وها هي تعود من حلمها وحيدة بلا اب أو أم أو أخوة .... وحيدة تداعب بذاكرتها مرارة لن تغسلها مطهرات الكون ، ولن تمحوها ابتسامات العالم .
ماذا تبقي لنا ولضمائرنا ايها اللاهثون لمقاعد السلطة والحكم ،ماذا تبقي لكم وأنتم تشاهدون الجثث والدموع ، يا من شرعتم بنادقكم لصدور الأخوة ، ومارستم جشعكم وحبكم للدنيا ، فوق آهات أطفالنا وآلام شعبنا .
ماذا ستقول ايها المقاتل عندما تنطلق رصاصتك لتقتل اخاً ، وأنت تشرع سلاحك بوجه أبناء الشعب الواحد ... وأنتم المتشدقون على وسائل الأعلام ، ماذا تبقي لكم أيها المتنازعون علي الصلاحيات.
إن المشهد الذي تكرر خلال أسبوع واحد مرتين ، بصورة الفتاة العراقية التي قصفت الصواريخ الأمريكية أسرتها بالحديثة ، والطفلة الفلسطينية التي استصرخت آلام الموت مع أسرتها على شاطئ غزة ... لم يحرك بنا أي سكون أو صمت بل نتلذذ به ، ونذرف عليه الدمع .... فعزائي بهذه الأمة التي سجنها الخوف والخضوع، وهذا الشعب الذي كبلته الحزبية والفئوية ،وسهام الحقد الحزبي ، أعزي ضمائرنا وهي تقبل أطفالها ، ولم تهتز لهذه الطفلة التي كانت تدفء بأحضان أسرتها . - مفتاح 6/10/2006 -