بمناسبة قرب حلول الذكرى الأربعين لاغتصاب مدينة القدس، أعد فريق حكومي إسرائيلي أكبر خطة لتهويد المدينة منذ احتلالها في العام 1967. وتقوم الخطة التي اعدها فريق من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت ووزارة المالية، ويرأسه رعنان دينور، مدير عام ديوان أولمرت، على إغراء اليهود على القدوم للإستيطان في القدس، ومنع المستوطنين الذين يتواجدون فيها من مغادرتها، وذلك في ظل المعطيات الكثيرة التي تؤكد زيادة الهجرة العكسية لليهود من المدينة. وستصادق الحكومة الإسرائيلية في جلسة خاصة ستعقد الاحد القادم بمناسبة حلول الذكرى الرابعة لفرض السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية. وتتضمن الخطة التي كشفت النقاب عن تفاصيلها صحيفة " يديعوت احرنوت "، أوسع الصحف العبرية انتشاراً تقديم حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها اليهود في المدينة، مثل الفقر والبطالة. وحسب الخطة، فأن الحكومة الاسرائيلية ستلغي دفعات ضرائبية عن كاهل ارباب العمل من أجل مساعدتهم على استيعاب المزيد من العمال اليهود، الى جانب منح بلدية الاحتلال مبلغ 200 مليون شيكل ( 50 مليون دولار ) لمساعدتها في اقامة مشاريع اقتصادية تهدف الى استيعاب المزيد من اليهود، الى جانب تخصيص مبلغ 100 مليون شيكل ( خمس وعشرين مليون دولار ) لبناء قصر فخم للمحاكم. وستمنح الحكومة امتيازات ضريبية بقيمة 320 مليون شيكل ( 79 مليون دولار ) لكل المؤسسات والمنظمات غير الربحية، وذلك من اجل اجتذاب جمعيات ومظمات أهلية اخرى للتواجد في القدس المحتلة؛ وذلك مقابل التزام هذه الجمعيات بتوظيف الأموال التي تجمعها لتحسين الخدمات للمستوطنين اليهود، وستدعم الحكومة بشكل خاص المؤسسات الكبيرة في المدينة مثل الجامعة العبرية ومستشفيات " هداسا " و" شعاري تسيدك "، التي ستوفر مبالغ هائلة بسبب الاعفاءات الضريبية.

نقل جميع الوزارات

ونوهت الصحيفة الى أن المرحلة الثانية من الخطة، والأكثر اهمية، تتضمن نقل مقار كل الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية من تل ابيب والمدن الكبرى الاخرى الى القدس المحتلة في غضون 8 اعوام، بحيث أنه سيتعين على عشرة آلاف موظف نقل أماكن سكنهم الى القدس المحتلة. وحسب الخطة، فأنه بإستثناء وزارة الحرب، فأن جميع الوزارات ستنقل الى القدس المحتلة. ومن المؤسسات الحكومية التي ستنقل مقارها للقدس المحتلة: مكتب الاحصاء المركزي، ومكتب الصحافة الحكومي، وقيادة الشرطة القطرية ووحدة الجريمة الاقتصادية ومصلحة المياة، وسلطة تطوير المرأة، ولجنة انتخابات الكنيست، والمركز اللوجستي للاستخبارات، ومديرية اقتصاد المياه وقاعدة سلاح الثقافة وكلية الأمن القومي. وتقدر الخطة أن الحكومة ستكون مطالبة بتمويل تكلفة اضافة 125 الف متر مربع من البناء لإقامة مقار للوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية، الى جانب تمويل نقل عشرة آلاف موظف للإستيطان في القدس المحتلة. وترجح الخطة أن انتقال هذا العدد الكبير من الموظفين سيعمل على زيادة الثقل الديموغرافي لليهود في المدينة المحتلة بشكل كبير، حيث أنه يتواجد في المدينة حالياً 40 الف موظف، دون احتساب عناصر الشرطة الذين يخدمون في المدينة. في نفس الوقت، فأن الخطة تتضمن دفع نصف المبلغ اللازم لتطوير المنطقة الصناعية في منطقة " عطروت "، شمال المدينة، الى جانب مساعدة شركات التقنية المتقدمة على اقامة مقار لها في المدينة. ونقلت الصحيفة عن رعنان دينور، رئيس لجنة التهويد قوله أن الخطة الجديدة تشبه الى حد كبير الخطة التي طبقتها الحكومة الإسرائيلية في اعقاب احتلال لقدس الشرقية، حيث أقامت حينها احياء استيطانية جديدة في المدينة المحتلة، الى جانب استيعاب آلاف الموظفين الذين انتقلوا للاستيطان في المدينة المحتلة.

الزام الطلاب اليهود بزيارة القدس

في نفس الوقت، فأن الخطة تتضمن اقامة كلية يطلق عليها " كلية دراسات القدس "، وتهدف الى تعزيز العلاقة الثقافية والروحية بين اليهود والقدس المحتلة. وتلتزم وزارة التعليم الإسرائيلية بإجبار كل طالب على زيارة هذه الكلية والتعرف على المدينة المحتلة. ويبرر دينور عزم اللجنة على اقامة هذه الكلية بقوله أنه حسب استطلاع للرأي اجراه جيش الاحتلال في صفوف جنوده الجدد تبين أن 43% منهم لم يزوروا القدس المحتلة أبدا. ويضيف قائلاً " هذه معطيات لا يمكن التسليم بها. يجب وقف الوضع الذي لا يتوجه فيه الاطفال للقدس بقدر كافٍ "، على حد تعبيره. وتخصص الخطة ميزانية لتشجيع الطلاب الجامعيين على استئجار شقق سكنية في مركز المدينة.

يخشون فقدان الأغلبية اليهودية

ويذكر أن مدينة القدس هي المدينة المحتلة الأكبر في اسرائيل من حيث السكان والمساحة، حيث ان مساحتها اكبر من مساحة باريس، ويسكنها 770 الف نسمة، 66% من المستوطنين اليهود، و 34% من المواطنين الفلسطينيين المقدسيين. وتضم المدينة أكبر تجمع لليهود الأرثوذكس في إسرائيل. وتخشى اسرائيل من تداعيات زيادة وتيرة نمو المواطنين الفلسطينيين في المدينة، حيث أنها تبلغ ضعفي وتيرة الزيادة السكانية لدى المستوطنين اليهود. وتتوقع الدراسات أن يتقلص الفارق بين المواطنين الفلسطينيين الى المستوطنين، من 60% يهود مقابل 40 فلسطينيين بحلول العام 2020. وتشير التقارير الإسرائيلية الى أنه على الرغم من أن السياسات التهويدية التي طبقتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ العام 67، إلا أنها فشلت في تحقيق الهدف المعلن لها والقاضي بالحفاظ على التفوق الديموغرافي لليهود بحيث يشكلوا أكثر من 70% من تعداد السكان. ففي العام 1967 كان اليهود يمثلون 74% من السكان، لكنها انخفض في العام 2005 الى 66%.

القدس الكبرى

من ناحية ثانية، وفي سياق اخر، ذكرت صحيفة "هآرتس" ان بلدية الاحتلال في القدس تنوي بناء اكثر من 20 الف مسكن في حيين استيطانيين جديدين في القدس الشرقية. ونقلت الصحيفة عن مساعد رئيس البلدية يهوشوا بولاك قوله ان هذا المشروع سيسمح بربط القدس بمستوطنات غوش عتصيون جنوب المدينة بالاضافة الى مستوطنات اخرى تقع شمالها. واضاف انه سيتم بناء 500 مسكن آخر في وسط القدس الشرقية بالقرب من حي ابو ديس الفلسطيني. من ناحيته ندد عضو المجلس البلدي بيبي الالو عن حزب ميريتس اليساري بهذا، الذي وصفه بأنه " لا يهدف الا الى الاستفزاز الذي من شانه ان يعكر الهدوء النسبي ". ويأتي هذا المشروع ضمن خطة " القدس الكبرى " الذي اعده رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارئيل شارون ويهدف الى ربط القدس المحتلة بالتجمعات الاستيطانية الواقعة في محيطها، وذلك من اجل خلق واقع سياسي وديموغرافي يكون معه من المستحيل على أي حكومة اسرائيلية تقديم أي تنازل بشأن القدس والمستوطنات المحيط - مفتاح 14/5/200 -