لا يمكن النظر إلى قوارب التضامن التي تصل الى شواطئ قطاع غزة من اجل كسر الحصار المفروض على القطاع سوى على أنها خطوة إيجابية تساعد بشكل أو بآخر على فضح الآثار المدمرة التي يتركها هذا الحصار على ابناء الشعب الفلسطيني هناك، إلا أن من المبالغة وربما "الخداع" في التعامل مع هذه القوارب على انها سوف تكون الوسيلة او "هبة الله" التي من خلالها سيكون انهاء الحصار، كما ان من الخطأ التعامل معها بكل هذا الضجيج الذي يصل حد الترويج، لأن هذا يعني بشكل او بآخر بأن هذا "الترويج" سوف يساعد على "تبييض" وجه إسرائيل القبيح، وإعفاء دولة الكيان من المسؤولية القانونية عن هذا الحصار وما يترتب عليه من كوارث تصل الى حد "الجرائم التي ترتكب ضد الانسانية" كما وصفها المراقب الدولي لحقوق الانسان.

أن يبالغ البعض في الترحاب بهذه القوارب بالشكل الذي تمت ملاحظته خلال استقبال بعضها او ما وصل منها بشكل عام والقول بأن الحصار سوف يتم كسره براً وبحراً وحتى جواً – كما ذهب البعض الى القول- وان يتم تسمية تلك القوارب بالسفن وهي ليست سوى قوارب صغيرة ومحدودة الامكانية انما يمارس دغدغة غير مبررة و"ضحك" على الذات لا داع او مبرر له خاصة وان اسرائيل لن تسمح لا للسيارات ولا "للسفن" فما بالك بالطائرات التي تم الحديث عنها.

دولة الاحتلال التي تعاملت مع القوارب التي تأتي من خلال دول او مجموعات أوروبية لم تتعامل بنفس المنطق أو الأسلوب الذي تعاملت به مع تلك القادمة من الدول العربية أو التي تنوي بعض الدول غير الاوروبية ان ترسلها – كما حصل مع "السفينة" الليبية- وذلك لأن تلك القوارب تتميز بحجم اكبر وتحمل اطنانا من المواد سواء الغذائية او الطبية وهذا قد يساعد في التخفيف الفعلي عن اهالي القطاع، وهي عندما تتعامل مع هذه القوارب بعدوانية واضحة وتمنعها من الوصول الى الشواطئ الغزية إنما تمارس دورها التاريخي والمعروف ضد ابناء الشعب الفلسطيني بعامة، وهذا يؤكد على أن موضوع القوارب الأُوروبية يأتي في سياق التعامل مع الغرب بشكل مختلف عما تتعامل به مع أُمة "العربان" حيث يثبت الإستخفاف بهذه الأُمة ويؤكد على أن كل ما تقوم به تلك الدول "العربان" لا يجدي نفعا مع هذه الدولة الغاصبة، والتي تضرب بكل القوانين الدولية عرض الحائط برغم ان بعضا من تلك الدول تحاول التقرب والتقارب مع دولة الاحتلال سواء من خلال استضافتها للساسة الاسرائيليين او من خلال اقامة العلاقات معها.

الحقيقة هي أن موضوع تلك القوارب يشبه الى حد بعيد موضوع الأنفاق وما يقال عنها من حيث دورها في كسر الحصار حيث لا يعلم الكثير من الناس بأن ما يأتي من خلال تلك الأنفاق - بغض النظر عن كمياته التي يعتقد البعض أنها كبيرة- لا يمكن ان يكون السبيل الى كسر الحصار خاصة وان الوضع الطبيعي هو ألا يتم فرض الحصار في الأساس وأن يتم ادخال ما يحتاجه أهالي غزة بشكل وسياق طبيعي، وأن أي حديث غير ذلك ليس في مصلحة كسر الحصار أو إنهاءه او الحد والتخفيف منه خاصة وان من قضوا في تلك الأنفاق يعتبر دليلا على ان هذه الأنفاق اصبحت مصائد للموت الذي يترافق مع موت بطيء لمئات الفلسطينيين الذين يعانون من آثار الحصار.. ولا يجب ان ننسى بأن ضحايا الحصار وصل الى ما يزيد على الـ 260 فلسطينيا – في اليونان هناك حالة من الغضب والمظاهرات رآها العالم بسبب مقتل شخص بينما يحصد الموت في الأنفاق وبسبب الحصار العشرات لا بل المئات وثمة من يتغنى بالأنفاق وما تفعله، انها الثقافة التي تتعامل مع ما للانسان من قيمة.

اسرائيل تتعامل مع أُمة "العربان" بشكل مختلف تماما عن طريقة تعاملها مع الغرب، ومن هنا لا بد لأُمة العربان ان تستفيق كما ان عليها أن تعلم بأن إسرائيل لا تهتم كثيرا لكل الهرولة العربية وهذا التدافع باتجاهها لأنها تعتبر بأنها أُمة مهزومة وقاصرة ولا تستحق الاحترام أو أي بادرة تجاهها، واسرائيل تدرك بانها حتى لو لم تفعل – تبادر- فلسوف تظل هذه الأُمة تهرول باتجاهها مستجدية خانعة ذليلة. اسرائيل لن تتوقف عن توجيه اللطمات والإهانات لهذه الامة التي "تستأنس" بذلك.

عن شبكة أمين الاخبارية