أثار لقاء خالد مشعل رئيس حركة حماس مع جيمي كارتر الرئيس الاميركي الاسبق، المقرر عقده اليوم، زوبعة عاتية من الرفض الاسرائيلي، لانه يدل على ان الحصار المفروض على حماس يمكن ان يسقط في نهاية الامر.
فالرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس رفض عقد اللقاء لانه يكسر الحصار المفروض على حماس ويشجعها على مواصلة عملياتها "الارهابية". فاسرائيل الرسمية "لا بترحم ولا بتخلي رحمة الله تنزل" فهي الجلاد والدولة المحتلة التي تقوم بكافة اشكال العدوان والاستيطان والجدران وتقطيع الاوصال، وتمثل ذروة الارهاب، وتصف الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة الذين هم الضحية بالارهاب.
وامام فشل السياسة الاسرائيلية التي اعتمدت حرب الابادة والمحرقة ضد غزة والحصار الخانق تخشى ان تنهار سياستها كلياً اذا تغاضت عن عقد لقاء بين كارتر ومشعل لان عقده بدون رد اسرائيلي غاضب يمكن ان يشجع غيره خصوصاً وسط تعالي اصوات اسرائيلية شملت وزراء وكتّاباً ورؤساء اجهزة امنية سابقين طالبوا بفتح حوار مع حماس وعقد تهدئة معها لان اعتماد القوة وحدها لا يجدي، واوصل اسرائيل الى خيارين كلاهما مر.
الخيار الاول: ان تمضي حكومة اولمرت بالعدوان والحصار على غزة الى حد اعادة احتلاله مجدداً. لان اسكات الصواريخ التي تطلق من غزة على جنوب اسرائيل لا يمكن دون احتلال غزة، وهذا امر مكلف ومن شأنه ان يوقع خسائر باهظة في صفوف القوات الاسرائيلية ويمكن ان يؤدي الى "توحيد الفلسطينيين مجدداً مثلما حدث في اندلاع انتفاضة مصغرة في الضفة رداً على المحرقة التي ارتكبتها اسرائيل في غزة.
الخيار الثاني: ان تستمر الحكومة الاسرائيلية بالرد المتقطع والضربات عن بعد مع توغلات محدودة، رغم ان التجربة السابقة اثبتت ان هذا الخيار لا يحقق الاهداف الاسرائيلية بل يؤدي الى تآكل متزايد لقوة الردع الاسرائيلية ومن شأنه ان يشجع القوى والفصائل الفلسطينية التي تطلق الصواريخ والقذائف على اسرائيل.
أمام الارتباك الاسرائيلي الرسمي ايد 64% من الاسرائيليين للمرة الثانية خلال شهرين فتح حوار مع حماس كما ظهر في الاستطلاعات التي جرت خلال الايام الاخيرة وقبل حوالي شهرين ما يدل على ان هناك اغلبية مستقرة وسط الرأي العام الاسرائيلي تطالب بفتح الحوار مع حماس لانها تجد ان السياسات التي اتبعتها الحكومة الاسرائيلية لم تسكت القذائف والصواريخ التي تطلق على اسرائيل سلماً ولا حرباً.
لكن حكومة اولمرت لا تزال تركب رأسها لانها تريد توظيف الانقسام الفلسطيني الى أقصى حد وتعميقه من خلال محاولة التوصل لاتفاق تصفوي مع القيادة الفلسطينية اعتماداً على دعم مطلق من ادارة بوش في شهورها الاخيرة ومن خلال مواصلة الحصار والعدوان بصورة عامة في غزة بصورة خاصة، فالحكومة الاسرائيلية تسابق الزمن لأنها تخشى من حدوث تغيير في السياسة الاميركية بعد الانتخابات الرئاسية القادمة خصوصاً اذا فاز باراك اوباما. صحيح ان اوباما سيدعم اسرائيل شأنه شأن أي رئيس اميركي آخر، لكن السياسة الاميركية ستتغير اذا فاز، فهناك دعم للسياسة الاسرائيلية الاكثر تطرفاً وهناك دعم لاسرائيل، فهو أي اوباما يريد الانسحاب من العراق، ولا يتحمس لشن حرب على ايران، ويرفض ان يتدخل في مسألة لقاء مشعل مع كارتر رغم انه أكد انه لن يلتقي مع حماس، التغيير في السياسة الاميركية قادم بغض النظر عن الرئيس القادم، والسؤال هو عن حجم هذا التغيير، لذلك تحاول اسرائيل ان تضع الادارة الاميركية القادمة امام الامر الواقع الذي اوجدته وامام اتفاق فلسطيني - اسرائيلي تسعى لانجازه قبل نهاية هذا العام، ويكون تحت سقف ورقة الضمانات الاميركية لاسرائيل واعلان أنابوليس وخارطة الطريق.
على الفلسطينيين جميعاً رغم خلافاتهم ان يعوا ان لديهم اوراقاً يمكن ان يستخدموها، ولذا عليهم ان يسارعوا الى عدم تمكين حكومة اولمرت من تحقيق اهدافها، وذلك باعطاء الاولوية لانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، فالانقسام مدمر ولا يمكن ان تحقق المفاوضات شيئاً للفلسطينيين وهم منقسمون، كما لا يمكن ان تحقق لهم المقاومة اهدافهم دون ان تستند الى برنامج سياسي قابل للتحقيق ويستند الى ارادة موحدة تجعل المفاوضات قادرة على حصاد ما تزرعه المقاومة!!