في طريقها الى قطر لالقاء خطاب امام مؤتمر الديمقراطية الذي يعقد في الدوحة دعت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني الدول العربية الى تطبيع علاقاتها مع اسرائيل» بهدف تشجيع الفلسطينيين على اتخاذ ما وصفته بقرارات لصنع السلام وقد تزامن هذا التصريح الذي ادلت به ليفني في عمان امس مع الاعلان في اسرائيل بأن رئيس الوزراء ايهود اولمرت ورئيس حزب الليكود المعارض بنيامين نتانياهو قرار مقاطعة الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر ورفضا الالتقاء به خلال زيارته لاسرائيل والمنطقة التي بدأت امس ايضا لان كارتر وجه انتقادات للسياسة الاسرائيلية ولاستمرارالاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية.
اذن نحن امام مشهد سريالي يتمثل من قيام عواصم عربية لا تقيم سلاما مع اسرائيل بفتح ابوابها امام وزيرة الخارجية الاسرائيلية مثل قطر رغم التزام هذه العواصم بمبادرة السلام العربية ورغم قرار القمة العربية الاخير الواضح القاضي بأن تطبيع العلاقات لا يمكن ان يسبق انهاء الاحتلال الاسرائيلي. ومن الجانب الاخر للمشهد تقاطع اسرائيل الرسمية الرئيس الاسبق كارتر صاحب الفضل في ابرام اول معاهدة سلام تاريخية لم تحلم بها اسرائيل يوما لانه انتقد الاحتلال الاسرائيلي، وهي نفس اسرائيل الرسمية التي طالما كانت تأخذ على العالم العربي مقاطعته ورفضه التطبيع معها ليس بحسب انتقادات توجهها اسرائيل للعالم العربي بل بسبب احتلالها غير المشروع للاراضي الفلسطينية والعربية.
ليس هذا فحسب، بل ان كارتر الذي يزور المنطقة بهدف دفع جهود السلام قدما لم يـأت من حكومة تحتل «اراضي اسرائيلية» بصورة غير شرعية ولا من دولة تشن هجمات عسكرية متواصلة على الشعب الاسرائيلي ولا من دولة تقيم مستوطنات غيرشرعية على الاراضي الاسرائيلية وهو ليس عضوا في حكومة تتنكر للشرعية الدولية ولاتفاقيات السلام وتنسف جهود السلام وتمارس عكس ما تعهدت به امام المجتمع الدولي في مؤتمري انابوليس وباريس.
ولهذا فان ما يجب ان يقال لوزيرة الخارجية الاسرائيلية التي تتشدق بالديمقراطية والتطبيع والسلام ان الاجدر بها ان تدعو نفسها وقادة اسرائيل الى انهاء الاحتلال غير المشروع للاراضي الفلسطينية والعربية وان تسأل نفسها عن الاسباب الحقيقية التي تدعو الامة العربية من المحيط الى الخليج الى رفض مثل هذه الدعوات التي تطلقها.
والاهم ان توضح ليفني لكل مواطن عربي ما هي الاسباب التي تدفع رئيس حكومتها اولمرت ورئيس المعارضة نتانياهو الى مقاطعة كارتر؟ وهل السبب هو انتقاد الاحتلال الاسرائيلي؟ واذا كان كذلك الا يحق لامة تحتل اسرائيل اجزاء من اراضيها بشكل غير شرعي وتحرم شعبنا باكمله من شعوبها من ممارسة حقوقه المشروعة، الا يحق لهذه الامة ان تعبر عن رفضها للمنطق الاسرائيلي هذا بالمقاطعة؟!
واذا كانت ليفني ستلقي خطابا عن الديمقراطية في مؤتمر الدوحة أليس من الاجدر ان تسأل اذا ما كانت المقاطعة التي تفرضها اسرائيل على اي شخصية او مسؤول دولي ينتقد احتلالها وسياساتها تنسجم مع حرية التعبير ومع الايمان بالديمقراطية؟
يبدو اننا امام مهزلة طالما تعودت عليها شعوبنا العربية فخطاب ليفني عن الديمقراطية في الدوحة يتناقض مع واقع الحال الذي تفرضه حكومتها على الشعب الفلسطيني فلا يمكن لشعب يحتل شعبنا آخر بالقوة ويمارس هذا الكم من تحدي الشرعية الدولية بالاستيطان والجدار وتغيير معالم القدس وعزلها والحملات العسكرية المتواصلة في الاراضي الفلسطينية ونسف جهود السلام لا يمكن ان يكون ديمقراطيا، فالديمقراطية كل لا يتجزأ ولا يمكن ان تكون مجرد شعار تطلقه امام العدسات وتمارس عكسه على الارض.
هذه المفارقة العجيبة بين المقاطعة الاسرائيلية لكارتر وفتح ابواب العواصم العربية امام ليفني تطرح الف سؤال على القادة والمسؤولين العرب الذين ستلتقيهم ليفني في الخليج، كما انها تشير بوضوح الى ان الدعم العربي للفلسطينيين وتشجيعهم على السلام يجب ان يتمثل بكلمات قليلة تسمعها ليفني بوضوح: حان الوقت لانهاء احتلالكم غير المشروع وعندها سيكون لكل حادث حديث.