لندع للحظة اولئك الذين لا يرغبون بالتطوع للجيش بالفعل. ما هو رأيكم في أصحاب الدافعية العالية للخدمة، المعنيون بالانضمام للوحدات القتالية بما في ذلك الخروج للتأهل لمرتبة الضباط؟! ذلك لانه على ضوء معطيات التهرب من الخدمة كان على اهود براك المشتكي وغابي اشكنازي المتباكي أن يُلاحقاهم. اذا كيف يحدث والحال هذه انه يتوجه إلي في كل اسبوع شاب جديد "برتقالي" مشتكيا من قيام الجيش بوضع المصاعب أمام تجنده؟!.
رئيس قسم القوى البشرية، اليعيزر شتيرن، اعترف رسميا بوجود ظاهرة المساءلات السياسية في مكاتب التجنيد. من الصعب أن نُصدق أن هذا الواقع قائم في الدولة التي تدعي أنها دولة ديمقراطية، ولكن الفتيان اليافعين يُسألون هنا خلال عملية تجنيدهم عن آرائهم السياسية. ونحن هنا لا نتحدث عن اولئك الذين عارضوا فك الارتباط، الذي يقولون عنه اليوم جهارا بأنه كان فاضحا وتفريطيا. كل فتى متدين يرتدي قبعة مطرزة حتى وإن لم يكن مشاركا في أية عملية معارضة لتلك الخطوة الحمقاء، سُئل اسئلة نفاذة ومُهينة على أبواب الجيش. الجيش الاسرائيلي يقوم بكل ما في وسعه من دون استثناء حتى يمنح هذا الشاب شعورا واضحا: أنت لست مرغوبا، أنت مجذوم ومارق، أنت العدو.
نحن نتحدث هنا عن مئات الشبان من ذوي الدافعية الذين امتنع الجيش عن تجنيد قسم منهم، بينما يقوم بتنغيص حياة الآخرين حتى الموت ويستنفد الرغبة لديهم بأية خدمة ذات أهمية.
لم تُسعف كل توجهاتي، وتوجهات اعضاء كنيست آخرين، حتى من حزب كديما نفسه. الجيش الاسرائيلي يبحث "تحت الارض" عن طريقة لاقناع الشبان المتدينين – الوطنيين بعدم الالتحاق بالجيش. واذا التحقوا فليس لخدمة ذات مغزى وأهمية. واذا نجح شاب برتقالي رغم كل ذلك بالنفاد الى وحدة قتالية فهم يضعون عليه علامة هناك الى أن يستخرجوا من نفسه أية دافعية للقدوم لخدمة الاحتياط.
مثال آخر: يتبين أن الدولة تقوم باجراء تقليصات دائمة على دعمها للمعاهد التحضيرية العسكرية، وفي هذه المرحلة هناك شك في افتتاح السنة الدراسية القريبة كما هو مخطط. هناك في البلاد اليوم أكثر من 30 كلية تحضيرية، وفي السنوات الأخيرة يدرس فيها سنويا بالمتوسط 1100 حتى 1800 تلميذ، 40 في المائة منهم في المعاهد العلمانية التحضيرية أو المختلطة. نسبة خريجي هذه المعاهد الذين يصلون الى الخدمة القتالية عالية بصورة خاصة (70 في المائة من الرجال)، كذلك الحال مع الضباط منهم (أكثر من 30 في المائة). قبل ثماني سنوات قررت الحكومة زيادة ميزانية هذه المعاهد التحضيرية سنويا وفقا لازدياد عدد طلابها. ولكن على ارض الواقع تتنكر الدولة لالتزامها هذا. ميزانية المعاهد التحضيرية انخفضت في عام 2007 من 26 مليون شاقل في السنة الماضية الى 15 مليونا، هذا رغم أن الارتفاع في عدد طلابها كان يستوجب حصولها في هذه السنة على 30 مليون شاقل. الاتحاد الوطني – المفدال خصص في كل سنة من ميزانيته الائتلافية مبلغا من المال لصالح المعاهد التحضيرية رغم أن نصف هذه المعاهد هي كما أسلفنا علمانية ومرتبطة بحزب العمل. قمنا بذلك لاننا نعتقد أن هذا مشروع اسرائيلي شامل، من المهم لنا جميعا أن ندعمه ويؤيده، واذا تقاعست الدولة عن ذلك فسنقوم نحن بالمهمة. هذه المعاهد أنفقت تقريبا كل المبلغ الذي حصلت عليه على تمويل السنة الدراسية الأخيرة التي انتهت في الشهر الماضي. لم تتبق لها ميزانية للعام القادم الذي سيبدأ بعد شهر. هذه المعاهد التحضيرية ستُغلق بكل بساطة أو أنها لن تقبل في صفوفها طلابا آخرين.
ربما يجدر باهود براك كوزير للدفاع أن يتحدث عن ذلك بدلا من أن يتذمر ويشتكي من التهرب من الخدمة العسكرية. - معاريف 9/8/2007 -