أجرت صحيفة معاريف الاسرائيلية المقابلة التالية مع امين سر حركة فتح في الضفة الغربية المعتقل في السجون الاسرائيلية:-

"دوما قلتم عنا إننا نفوت الفرص"، يقول مروان البرغوثي، "ولكن يتبين انكم تتعلمون بسرعة. أنتم تفوتون فرصة تاريخية، فرصة ذهبية، لن تعود. أنتم لا تفوتون فرصة لتفويت الفرصة. وبدل مساعدة أبو مازن، تجعلون منه اضحوكة. بهذه الوتيرة، بعد نصف سنة لن يكون، وانتم ستتوقون له".

مروان البرغوثي يتحدث. من داخل زنزانة سجنه، في سجن ايشل، في الجنوب. ومعه، في الزنزانة الصغيرة، ثلاثة سجناء آخرين من حماس. البرغوثي، يربي لحية، يلبس ملابس السجناء البنية، جرابين وحذاء منزلي من المطاط. وعلى السرير شراشف والكتاب الاخير لدنيس روس "السلام الناقص". "دوما ينقص شيء"، يضحك البرغوثي، "دوما شيء ما يخرب. ولكن الان، توجد هنا فرصة. يوجد عهد جديد. انتم لا تفهمون حجم التغيير. حجم الفرصة. يوجد الان اجماع بين الفلسطينيين، بين المنظمات. ها أنت، تجول هنا واسأل السجناء. الجميع يتحدثون عن الهدوء، عن وقف العنف. وأنتم تجرون الارجل. حتى عن سجين واحد لم تفرجوا حتى الان. أنظروا ماذا تفعلونه لابني، قسام".

كل شيء يمكنه أن يتفكك في لحظة

البرغوثي يستجيب لتعريف "سجين مع دم على الايدي"، فقد أدين بالمشاركة في اطلاق عمليات ويعد كمن ليس مرشحا للافراج بأي شكل كان. المعارض الاساس للافراج عن البرغوثي هو رئيس المخابرات آفي ديختر. ففي المخابرات يرون في البرغوثي قاتل وسيعارضون بكل حزم كل مبادرة للافراج عنه. والمحكمة حكمت عليه بالسجن المؤبد خمس مرات وأربعين سنة متراكمة اخرى. وحتى في القيادة السياسية العليا، في محيط رئيس الوزراء، لدى وزير الدفاع ومحيط وزير الخارجية، يرون في البرغوثي من سفك دم يهود وليس مرشحا للافراج.

المحكمة ردت، من جهة، محاولات الالصاق بالبرغوثي سلسلة طويلة من مخالفات المشاركة في عمليات انطلاقا من مسؤولية الارسال، ولكن من جهة اخرى ادانته بعدد من العمليات شارك، حسب الاتهامات، على مستوى التوجيه أو التخطيط. وفي الجيش الاسرائيلي بالذات النهج مختلف. غير قليل من الالوية الكبار في هيئة الاركان، بعضهم أيضا أعرب عن رأيه في الموضوع علنا، يرون في البرغوثي شريكا محتملا في المستقبل، زعيم فلسطيني برغماتي يمكن، بل وربما مرغوبا فيه الحديث معه.

- يفرجون عن 500 سجين دفعة واحدة، وبعد ذلك 400 آخرين. هذه كمية هائلة.

"اي إفراجات، عمن يفرجون. أنتم خبراء في بيع ذات البضاعة مرتين، ثلاث مرات. أولا افرجوا عن واحد. فمعظمهم على وشك الافراج، مع فترة محكومية قصيرة متبقية. أنتم تجعلون الامر اضحوكة. فهذا ليس فقط لن يساعد ابو مازن بل سيهينه. أنتم تهينونه. وبعد ذلك ستتوقون له".

- ابنك تبين كمن شارك في عمليات. لا يوجد في اسرائيل قدرة على الافراج عن سجناء كهؤلاء الان.

"هذه أيضا نكتة. إذن لماذا وافقوا على الافراج عنه؟ بل وأعلنوا ذلك؟ دحلان قال ليس قبل شهر انه سيفرج عنه. وابو مازن اتصل بزوجتي. هذه مخالفة قبل خمس سنوات، عندما كان ابن 15. ويدعون بانهم اطلقوا النار من سيارة كان هو فيها، وهذا ليس صحيحا. ولكنكم ستفعلون كل شيء من أجل ان تخربوا الامر".

- 900 سجين في المرحلة الاولى هذا كثير. أنت تعرف الخريطة السياسية في اسرائيل، تعرف مصاعب شارون، تعرف أنه قد يسقط في كل لحظة.

"شارون؟ يسقط؟ لا تقلق، فهو لن يسقط. هو ثقيل بما فيه الكفاية. هو مستقر. على شارون أن يفهم بان ابو مازن جدي. ان يرى ماذا يجري هنا. عليكم ان تفرجوا عن 5000 سجين دفعة واحدة، ومنذ الان. هكذا فقط ستبنون ابو مازن، هكذا فقط سيفهم الفلسطينيون بانه يوجد هنا على ماذا ومع ماذا يمكن الحديث".

حتى في حماس يتحدثون عن دولتين

- هذه نهاية الانتفاضة كما يقول الجميع؟

"نهاية الانتفاضة ستأتي عندما تأتي نهاية الاحتلال. كل شيء هش، كل شيء يمكن ان يتفكك في كل لحظة. أعرف ان الخروج من غزة سيكون هادئا. سيكون تنسيق مع الفلسطينيين. يوجد اجماع على الا تطلق رصاصة واحدة، او صاروخ واحد، وبعد الخروج لن يكون عنف ونشاط من داخل غزة. أنتم ستفهمون أنه عندما لا يكون احتلال، لا يكون عنف. الانتفاضة ستستمر في الضفة، حيث ستواصلون الاحتفاظ، هناك سيستمر الاحتلال".

البرغوثي يحصل على احترام شديد في السجن ولكنه يفقد الارتفاع في الخارج. في وقت غير بعيد تلقى دعوى بمبلغ 300 مليون شيكل من عائلات متضرري الارهاب. وقد رفض التوقيع على تلقي الدعوى التي اعيدت الى اصحابها. له ثلاث ساعات نزهة في ساحة التنزه في اليوم. وهو يقرأ "معاريف"، "يديعوت احرونوت" و "هآرتس" كل يوم. وهو مشترك في الصحف الثلاثة. يشاهد التلفزيون على مدار الساعة. يموت على برنامجي "بلاد رائعة" و "السفير"، يتابع الاخبار ، متيقظ لكل ما يجري في اسرائيل، في السياسة، في الاقتصاد، في الرياضة.

الزنزانة ضيقة، سرير طابقين وسريرين منفردين، أربعة سجناء بالاجمال. على كرسي في الطرف الاخر رغيفا خبز خُبزا قبل بضع دقائق. السجناء يتلقون المنتوجات من الخارج. بسبب العزلة، فانهم يعدون طعامهم بأنفسهم ايضا. بالاجمال، ظروف غير سهلة. والتقارير عن مخيم صيفي للسجناء الامنيين ، تلك التقارير التي تنشر في الخارج، مغلوطة. آفي بيتون، قائد سجن ايشل، يبقي على خيط قصير. وهو الرجل الذي حطم الاضراب عن الطعام قبل بضعة اشهر. لديه 500 سجين أمني. لديه اقسام توجد فيها القيادة الخطيرة لحماس والجهاد.

كل شيء مرتب، منضض، يبدو ناجعا وآمنا. يكاد لا يكون خرق للانضباط. حسن سلامة، من القتلة بين سجناء حماس في السجن، عاد اليوم من فترة قصيرة في الزنزانة الانفرادية، بعد أن تحدث على نحو غير لطيف مع احد السجانين. الاجواء حيال التقدم السياسي والهدوء النسبي تتحسن. تحفز وتوقع. فقط 3 او 4 سجناء سيفرج عنهم من هنا في الجولة القريبة، ولكن الجميع يؤمنون بأن يومهم سيأتي أيضا؟

- أيوجد لابو مازن احتمال؟

"يوجد له احتمال. هو رجل جدي. أنا أعرفه على نحو ممتاز واؤيده. انا في صورة الاوضاع، اتابع المجريات، لي مشاركة غير صغيرة في الهدنة وفي الاحاديث عن وقف النار. أنت تعرف أني بعثت باناس الى مصر، دمشق، قيادة حماس وخالد مشعل".

- الى متى أنت هنا؟

"اؤمن بان حتى نهاية هذه السنة أنا في الخارج".

- ما هو المستقبل؟

"انظر حولك. هؤلاء السجناء هنا، في الزنازين الاخرى، في الاقسام المجاورة، هؤلاء هم الذين سيقودون الشعب الفلسطيني في المستقبل. من هنا ستنشأ القيادة. افحص هنا وسترى أنه يوجد تأييد للمسيرة، يوجد تغيير دراماتيكي. تحدث مع الحماسيين. يكاد يكون جميعهم يتحدثون منذ الان عن دولتين، عن حل سلمي. السياسيون الاخرون الذين يؤدون مهامهم اليوم، معظمهم فاسدون. وهم في النهاية سيكونون في السجن، ونحن في السلطة".

- وفي هذه الاثناء حماس تنتصر في الانتخابات. كيف تفسر ذلك؟

"لانهم ليسوا فاسدين. هم يعملون مع الناس. يوجد في حماس تغيير، يتوجهون الى انتخابات المجلس التشريعي، يعرفون لماذا يفعلون ذلك، فهم يدخلون الان الى السياسة. عليكم ان تفهموا هذا التغيير، وان تسيروا معه".

- ماذا ينبغي لاسرائيلي أن تفعل وهي لا تفعله؟ ينقلون المسؤولية عن المدن، يفرجون عن مئات السجناء؟ ماذا اكثر من ذلك؟

"عليكم ان تفهموا بان الدفعة للمسيرة تخرج من هنا. من السجون. على الاقل حسنوا هنا الاجواء. اضيفوا ساعات نزهة. حسنوا الشروط. اثبتوا انكم تنوون شيئا".

- هل انت نادم لعدم المنافسة ضد أبو مازن؟

"في يوم الانتخابات كانت هناك استطلاعات تظهر أني كنت سأنتصر بسهولة، ولكني أعلنت نزع ترشيحي وأنا مسرور لذلك. أنا ساعدت ابو مازن ولا يوجد لدي أي تفكير بالندم. يجب مساعدته. متى تفهمون أنتم ايضا ذلك؟".