واصلت قوات الاحتلال فرض سياسة العقاب الجماعي، باستمرار إعاقة حرية سفر الفلسطينيين عبر معبر رفح البري، واستمرار إغلاق الطرق الرئيسة، والإعلان اليوم عن إغلاق حاجز مواصي خانيونس، بعد أن واصلت تلك القوات، على مدى الأسبوعين الماضيين، إطلاق يد مستوطنيها في الاعتداء على السكان المدنيين في منطقة مواصي خانيونس، كما فتحت نيران أسلحتها الرشاشة تجاه قوارب الصيد الفلسطينية قبالة شواطئ شمال غزة، فيما عادت لتقصف بالطائرات حقول ومناطق مأهولة بالسكان، في إجراء يهدف إلى ترويع المدنيين.

كما صعدت قوات الاحتلال من إجراءات إعاقة حركة التنقل من وإلى قطاع غزة، عبر معبر رفح البري، حيث تتعمد تلك القوات البطء في العمل بما يقلص عدد من يتمكنون من دخول ومغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر معبر رفح البري. وتشير المعلومات المتوفرة للمركز أن متوسط من تمكنوا من مغادرة قطاع غزة خلال الشهر الجاري هو 517 مغادراً، فيما بلغ متوسط عدد القادمين 607 قادماً، وهي أعداد لا تتجاوز ربع نظيراتها في الأوقات الطبيعية من عمل المعبر، لاسيما وأن هذه هي فترة الذروة بالنسبة لعمل المعبر خلال العام، حيث يشهد موسم الصيف حركة كبيرة في السفر من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، لقضاء الإجازات ولقاء الأهل. وتفيد المعلومات المستقاة من القادمين إلى أنهم اضطروا للمبيت يومين في العراء بين الجانبين المصري والفلسطيني من المعبر بسبب إعاقة قوات الاحتلال لمرورهم، كما تشير مصادر المركز إلى أن ما متوسطه 1400 مسافر يضطرون للمبيت في العراء يومياً بسبب إعاقة قوات الاحتلال لمرورهم، من بينهم نساء وأطفال ومسنين. فيما أعلنت قوات الاحتلال عن إغلاق حاجز مواصي خانيونس، المنفذ الوحيد للسكان إلى مدينة خانيونس.

ووفقاً لمصادر البحث الميداني في المركز، فقد شرع المستوطنون في اعتداءاتهم على سكان منطقة المواصي على شاطئ بحر خانيونس منذ صباح يوم الجمعة الموافق 17/6/2005 بسرقة قاربي صيد مملوكة للصيادين الفلسطينيين من مرفأ الصيد على شاطئ مواصي خانيونس. ثم شرع المستوطنون منذ صباح السبت الموافق 18/6/2005، في اعتداءات متواصلة بدأت بالاعتداء على مواطنين بالضرب المبرح ما أدى إلى إصابتهم برضوض وجروح نقلوا على إثرها إلى مستشفى خانيونس، ومنذ ذلك التاريخ واصل المستوطنون حملة من الترهيب والاستفزاز المنظم، أوقعوا خلالها سبعة مصابين في صفوف سكان المواصي، من بينهم مصاباً سهلت قوات الاحتلال للمستوطنين النيل منه، حيث أشارت مصادر البحث الميداني في المركز إلى أن هلال زياد المجايدة، البالغ من العمر (18) عاماً، تعرض للضرب والتنكيل على أيدي المستوطنين بينما كان محتجزاً لدى قوات الاحتلال في المنطقة.

فيما هاجم المستوطنون تسعة منشآت صغيرة، تعود ملكيتها لبلدية خانيونس، تقع شمال منطقة مواصي خانيونس بالقرب من مرفأ الصيد. وهي منشآت سياحية تؤجرها بلدية خانيونس لاستخدامها كمطاعم ومقاهي (كافيتيريات)، تم إغلاقها منذ بداية الانتفاضة بسبب تعذر الوصول إلى المنطقة التي ترزح تحت حصار مشدد، واستولى المستوطنين على منشأتين وضعوا حولها أسلاكاً شائكة، قبل أن تبادر قوات الاحتلال إلى تدمير ثمانية من المنشآت التسعة.

هذا وطالت اعتداءات المستوطنين مزروعات وأراضي محاذية لتلك البؤرة الاستعمارية، تعود ملكيتها لعائلات اللحام، والنجار، والأسطل، واحتلوا منازل لعائلات البيوك والنجار والأغا. فيما تكررت المحاولات للاستيلاء على منزل يسكنه محمد عبد المجيد الأسطل، وهو مملوك لعصام الأغا، وتخلل تلك المحاولات إطلاق النار على السكان وقذف المنزل بالحجارة، إلا أن تشبث السكان بالمنزل ومحاولات الجيران صد اعتداء المستوطنين حال دون تمكنهم من الاستيلاء على المنزل، فاكتفوا بكتابة الشعارات التي تحقر العرب والمسلمين على جدران المنزل باللغة العبرية.

كما حاصر المستوطنون العيادة الصحية الوحيدة في المنطقة واعتلى بعضهم سطحها، وحالوا دون وصول السكان إليها كما حطموا زجاج سيارة الإسعاف الوحيد في منطقة المواصي وهي تابعة لوزارة الصحة الفلسطينية.

هذا وعادت قوات الاحتلال لاستخدام الطائرات الحربية في قصف مناطق مختلفة من شمال غزة، بعد أن قصفت في وقت سابق من شهر حزيران (يونيو) الجاري بلدة بيت لاهيا، وشرق تل الزعتر ومخيم جباليا، لتقصف عند حوالي لساعة 10:40 من مساء يوم الأربعاء الموافق 29/6/2005، بئراً لمياه الري يقع في أرض زراعية وسط حي سكني بشارع الوزير في بيت حانون، ما أسفر عن تدميره بالكامل، وإلحاق أضرار طفيفة في ثلاث منازل محيطة وتبلغ مساحة غرفة البئر حوالي 25 م2، وتعود ملكيته للمواطن: صبحي حسين محمد الكفارنة.

كما فتحت الأبراج العسكرية، المحيطة بمستوطنة (دوغيت) شمال غرب بيت لاهيا، عند حوالي الساعة 7:00 صباح الخميس 30/6/2005، نيران أسلحتها الثقيلة بشكل مكثف تجاه قارب صيد فلسطيني كان يتواجد قبالة شواطئ بيت لاهيا بالقرب من استراحة الواحة، ما أدى إلى إصابة الصيّاد محمد يوسف العطار (20عاماً) بعيار ناري في الفخذ الأيمن.

هذا وأبلغت قوات الاحتلال الإسرائيلي الأخوين ياسر وجاسر طافش مساء السبت 25/6/2005، بضرورة إخلاء منزلهما الكائن غربي مستوطنة (دوغيت) لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل بدءاً من 25/7م2005، تحت ذريعة الحفاظ على حياتهم أثناء الانسحاب، الأمر الذي يعتبر تهجيراً قسرياً لعائلتين لا تملكان بديلاً للسكن.

كما أبلغت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح السبت 25/6/2005، سكان منطقة السيفا المحاصرة، عن نيتها إغلاق المنطقة لمدة ثلاث أسابيع كاملة إغلاقاً كاملاً اعتباراً من 15/7/2005. وأبلغوا السكان بضرورة التزود بالمواد الغذائية، الأمر الذي ينطوي على تهديد جدي لحياة السكان، لاسيما في ظل عدم وجود عيادة صحية في المنطقة، ويحرم المزارعين من بيع منتجاتهم الزراعية. كذلك منعه للمرضى من الخروج ومراجعة الأطباء المتابعين، عدا عن الحالات الطارئة، الذي يهدد بمأساة إنسانية سوف تعيشها المنطقة فترة الانسحاب.

مركز الميزان إذ يستنكر تصاعد انتهاكات قوات الاحتلال بحق السكان المدنيين وممتلكاتهم، لاسيما اعتداءات المستوطنين المتكررة على سكان منطقة المواصي وممتلكاتهم، فإنه يؤكد على أن قوات الاحتلال تشجع المستوطنين على مواصلة هذه الاعتداءات خاصة وأنها تجرى تحت سمع وبصر هذه القوات.

كما يرى المركز أن تصريحات قادة قوات الاحتلال المتواصلة حول نيتهم استهداف السكان المدنيين في حال تعرض المستوطنات لإطلاق نار خلال عملية إخلائها، وإعلان قوات الاحتلال عن نيتها إغلاق المناطق المحيطة بالمستوطنات، ومنع سكانها من مغادرة مناطقهم، انتهاك جسيم لواجبات دولة الاحتلال بموجب القانون الدولي. ويؤكد المركز على أن هذه التصريحات تهدف إلى تهيئة الرأي العام العالمي لاستيعاب أي جريمة قد ترتكبها بحق السكان خلال عملية الإخلاء، تحت ذريعة حماية أمن قواتها.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يندد بتصعيد قوات الاحتلال لعدوانها على السكان المدنيين، وبالقيود المفروضة على حركتهم، فإنه يطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل والفاعل لوقف هذه الممارسات، التي تتعارض مع قواعد القانون الدولي، وتشكل انتهاكات جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب. وتتسبب في تدهور حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما يناشد المركز المجتمع الدولي، لاسيما الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة المخصصة لحماية المدنيين في وقت الحرب، بضرورة القيام بواجبها واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، لضمان احترام قوات الاحتلال الإسرائيلي لالتزاماتها بموجب الاتفاقية. والتحرك العاجل والفاعل لتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لاسيما في قطاع غزة وخلال عملية تنفيذ قوات الاحتلال لانسحابها أحادي الجانب، التي قد ينطوي على جرائم حرب واسعة، ترتكب بحق المدنيين وممتلكاتهم. والمركز يحذر المجتمع الدولي من مغبة عدم أخذ التهديدات الإسرائيلية المتكررة على محمل الجد.