باريس، بروكسل - وكالات: اقترح الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، أمس، أن يتم توزيع المساعدة الأوروبية للفلسطينيين "تحت سلطة" الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بعد تشكيل الحكومة التي تسيطر عليها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وقال شيراك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني: "نعتقد في جميع الأحوال أنه ينبغي عدم معاقبة الشعب الفلسطيني اقتصادياً، فهو يواجه ما يكفي من المشاكل والمصاعب".

وقدمت "حماس"، مساء الأحد، إلى عباس تشكيلتها الحكومية المؤلفة من 42 وزيراً وقد أسندت الحقائب الأساسية فيها إلى قياديين في الحركة.

وقال شيراك: "ما أتمناه هو أن نتوصل إلى أفضل الحلول التي تحدد مع رئيس السلطة الفلسطينية (..) حتى نتمكن من مواصلة هذه المساعدة دون أن ترسل إلى حيث لا ينبغي، أي بكلام آخر تحت سلطة الرئيس الفلسطيني".

وذكر بالشروط المفروضة على "حماس" المصنفة بين المنظمات الإرهابية بنظر الغرب، منذ فوزها في الانتخابات التشريعية في كانون الثاني وهي "نبذ العنف" و"الاعتراف بإسرائيل" و"الاعتراف بالاتفاقيات الدولية" الموقعة بين إسرائيل والفلسطينيين. ويقدم الاتحاد الأوروبي الدعم المالي الرئيسي إلى الفلسطينيين حيث يبلغ حجم مساعداته السنوية نحو نصف مليار يورو، غير أن الدول الـ25 أعلنت أنها قد تلغي القسم الأكبر من هذه المبالغ التي توزع عبر الحكومة الفلسطينية إذا لم تلتزم "حماس" بالشروط المفروضة عليها.

من جهة أخرى حث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم، أمس، رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف إسماعيل هنية، على التحلي "بالمسؤولية" وإلا واجه استقطاعات كبرى في برامج المعونات التي يخصصها الاتحاد لصالح الشعب الفلسطيني. وذكر الاتحاد أن مستقبل تعامله مع حكومة فلسطينية تقودها "حماس" مرهون بالتزام الحركة الإسلامية بالمطالب الدولية المتعلقة بنبذ العنف والاعتراف بإسرائيل. وقالت وزيرة الخارجية النمساوية، أورسولا بلاسنيك، للصحافيين بعد بدء المحادثات بشأن مستقبل المساعدات للسلطة الفلسطينية: "إن (حماس) الآن في مفترق طرق".

وأضافت بلاسنيك التي تترأس بلادها الاتحاد الأوروبي حالياً أن حكومات الدول الأعضاء ستجري تقييماً بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وبرامجها قبل أن تتخذ قراراً بشأن المعونات. وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو: إن الزعماء الجدد للسلطة الفلسطينية عليهم أن يظهروا تحولاً في مواقفهم إزاء الإرهاب والاعتراف بإسرائيل من خلال "الأفعال قبل كل شيء" لا الأقوال.

ورداً على سؤال بشأن استمرار برامج معونة الاتحاد الأوروبي في غزة والضفة الغربية، قال سترو إنه لا توجد نية لدى الاتحاد في "معاقبة الشعب الفلسطيني".

وأضاف سترو "على الجانب الآخر فإنه على الشعب الفلسطيني أن يقول لحكومة "حماس" المقبلة مهما كان تشكيلها إن الديمقراطية تتضمن المسؤولية وقبل كل شيء مسؤولية عدم التورط في العنف". ومؤكدة على الحيرة التي تواجه الاتحاد الأوروبي في محاولته لمساعدة الشعب الفلسطيني دون أي تعامل مباشر مع "حماس"، قالت مفوضة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي بينيتا فيريرو ــ فالدنر: إن التكتل الأوروبي "سيحتفظ ببابه مفتوحاً" شرط أن تلبي "حماس" الشروط الدولية.

وقالت فيريرو ــ فالدنر "إننا سوف نتعامل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة إذا ما تم تلبية معايير معينة"، مشيرة إلى مطالب الاتحاد الأوروبي بأن تنبذ "حماس" العنف وتعترف بحق إسرائيل في الوجود وتلتزم باتفاقات السلام. وأضافت أن "فريق (حماس) يجب أن يعلم أن قراراته ستكون مهمة بالنسبة لهم وبالنسبة لنا".

وأضافت "سنترك الباب مفتوحاً أمام التغيير الإيجابي .. لكننا لن نتنازل عن مبادئنا". وأكدت أنه على الرغم من أن تشكيل الحكومة الجديدة يبدو أنه سيكون من "القاعدة الضيقة لـ(حماس)" إلا أن الاتحاد الأوروبي لن يندفع ويحكم على الأمور الآن.

وناقش الوزراء الأسبوع الماضي دراسة للاتحاد الأوروبي حذرت من أنه إذا استمر حظر تعامل الاتحاد مع "حماس" فإن نحو 80 في المئة من المساعدات الموجهة للشعب الفلسطيني سيجري تعليقها. ويقدم الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية معونات تبلغ قيمتها 500 مليون يورو سنوياً (609 ملايين دولار).

وكان الاتحاد قد قدم معونة عاجلة للفلسطينيين قيمتها 120 مليون يورو لدعم الحكومة المنتهية ولايتها لكن المسؤولين حذروا من أن هذه الأموال ستنفد سريعاً بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية.