غزة - قال اسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال ان قنوات الاتصال الذي تقوم به بعض الدوائر لإخراج الحالة الفلسطينية من التأزم الداخلي حتى اللحظة، "لا يمكن أن نسميها حوارات حقيقية برأسين، فتح وحماس"، معربا عن امله في ان تتطور هذه الاتصالات لتصل لهذه الغاية، مستدركاً ان هذا الامر مرهون بصدق النوايا وعدم الرهان على أميركا وإسرائيل.

وجدد هنية خلال لقاء مع مندوبي الصحافة المحلية في مكتبه بمدينة غزة أمس، الدعوة الى حوار غير مشروط لانهاء الخلافات القائمة.

وقال هنية ان المدخل العملي لمعالجة الوضع الراهن لا يكون إلا بالحوار اللامشروط والمباشر، الذي ينفذ إلى أعماق وأسباب الأزمة التي أوصلت الساحة الداخلية إلى ما وصلت إليه. ووضع عشرة اسس لانجاح أي حوار، وهي: وحدة الوطن الفلسطيني ووحدة النظام السياسي واحترام الشرعيات الفلسطينية وقيام مؤسسة أمنية وطنية مهنية، واعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية لتكون لكل الشعب ويجب اعادة بنائها واصلاحها، بالاضافة الى الشراكة السياسية الحقيقية، واحترام الخيار الديمقراطي، وعدم السماح بالتدخلات الخارجية الضارة بالشعب، واحترام التعددية السياسية، وحماية المقاومة كحق مشروع الى أن يزول الاحتلال.

وقال إن ما جرى من احداث الحسم العسكري لم تكن له أبعاد سياسية وإنه جاء في سياق أمني وميداني بحت، مشيراً الى ان أحداً لا يفكر في إقامة كيان منفصل في غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك عدم إنشاء أي نظام سياسي فلسطيني في غزة منفصل عن النظام السياسي الفلسطيني العام في الضفة وغزة. وقال : ان الابواب مفتوحة لحوار فلسطيني فلسطيني او برعاية عربية أو إسلامية أو إقليمية، أو بأية رعاية كانت.

وقال هنية : ان الأيام المقبلة ستثبت الخطأ الكبير الذي يقع فيه الذين يوصدون الأبواب أمام الحوار الوطني، وان إعادة الوحدة الوطنية إلى مسارها الصحيح يجب أن تكون بلا شروط، منوهاً الى أن الشروط التي يجري الحديث عنها بحد ذاتها هي ملفات للحوار.

وقال : "ان الأميركيين لا يريدون حوارات في هذه المرحلة وربما هناك أطراف محلية وإقليمية تستجيب لهذه الرغبة". من ناحية ثانية قال هنية إن الحصار المفروض على القطاع "لا يعني أن يرضخ الشعب لشروط الأطراف التي تحاصره، ويمكن أن تكون النتيجة عكس ذلك مزيداً من الثبات والتعاطف الشعبي". وقال هنية إن الأيام المقبلة ستثبت أن الإدارة الأميركية غير جادة في تحقيق سلام عادل في المنطقة، معتبراً أن المؤتمر الإقليمي الذي يجري الحديث عنه هو "تظاهرة هدفها تحشيد المنطقة وراء قرار أميركي ظالم بتوجيه ضربة عسكرية لدولة عربية أو إسلامية، وسيكتشف الجميع بأن إعادة إنتاج المسار التفاوضي ليست في صالح الشعب الفلسطيني".

أما بالنسبة للحصار الذي يتعرض له القطاع فقد اعتبر هنية "أن المشكلة ليست في الحكومة أو حركة حماس، لكن المشكلة تكمن في تلك الأطراف التي تريد أن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني وأن تستثمر ما جاء لتمرير مخططات، لها علاقة بتصفية القضية الوطنية بشكل أو بآخر".

وقال إن قطاع غزة لا يشهد انهيارات بالمعنى المطروح، مستعرضاً ما سماه حالة نجاح الحكومة في فرض الأمن في قطاع غزة وإنهاء حالة الفلتان الأمني.

ووجه هنية انتقادا لبعض وسائل الاعلام التي تتعمد نشر تقارير غير متوازنة ودقيقة حسب تعبيره، داعيا الصحافيين الى الالتزام بالموضوعية والمهنية، وحمل على استخدام بعض وسائل الاعلام مصطلحات وصفها بالغريبة.

وقال إن طبيعة العراك القائم استوجبت من وسائل إعلامية ومن أطراف تدير المعركة ضد القطاع أن تظهر كل شيء وقد دمر، وإنها لا ترى إلا بالنظارة السوداء وإنها تختلق الأحداث والقصص والتضليل بهدف المس بهذا الواقع الجديد في غزة، داعياً المواطنين إلى التحلي برباطة الجأش والالتزام بأعلى درجات الثقة بالذات.

وقال هنية : إن فرض الأمن بعد 14 حزيران لم يأتِ من قبل أفراد القوة التنفيذية البالغ عددهم 7000 عنصر فقط وإنما جاء نتيجة تعاطف واحتضان الشعب لتلك الحالة، معتبراً أن غالبية المواطنين مع ما تقوم به حكومة تسيير الأعمال". من جهة أخرى نفى هنية تدخل الحكومة في موضوع امتحانات الثانوية العامة وقال إن الحكومة منذ البداية عملت كل ما في وسعها من أجل إخراج النتائج بين الضفة وغزة بشكل مشترك إلا أن رام الله رفضت كل الحلول المقدمة.

وقال : إن الطلاب سيلتحقون بجامعات قطاع غزة ولن يمنعهم أحد من ذلك وسيتمكنون ايضا من الالتحاق بأية جامعة خارجية. ونفى بشدة انباء عن اعتقالات تقوم بها القوة التنفيذية بحق كوادر حركة فتح، داعياً الصحافيين إلى التجوال في كل المراكز الامنية.

وأضاف أنه "لا يتم التعامل مع الإخوة في حركة فتح أو الفصائل من منطلق ملفات أمنية، بملفات سياسية"، مشيراً إلى أن الخلاف السياسي لا يمكن أن يتحول إلى إجراء أمني. وأشار إلى "وجود قضايا لها علاقة بأبعاد جنائية ومنها عمليات الشتم والتعدي على منظومة القيم، الامر الذي يستدعي القوة الامنية للتعامل مع هذه الحالات وليس لأنه تابع لتنظيم". وأشار إلى "قيام بعض الأشخاص المعروفين بتوزيع بيانات لا تتحدث بلغة سياسية وإنما بلغة التهجم والتخوين والتحذير وإعادة الأمور إلى نقطة الصفر، وبالتالي تتعامل الجهات الأمنية مع هؤلاء الأشخاص بناء على ذلك"، مشيراً إلى أن ذلك ليس له علاقة بحرية الرأي، ودلل على ذلك بالمؤتمرات التي يعقدها الدكتور زكريا الأغا وإبراهيم أبو النجا من حركة فتح.

وفي موضوع آخر حذر هنية من استغلال بعض الأشخاص اسم حركة حماس لتهديد بعض الصحافيين، مؤكداً أنه لا يقبل ولن يقبل بتهديد أي صحافي وأعرب عن استعداده لتقبل أي شكوى من أي صحافي. وأدان منع صحيفتي الرسالة وفلسطين من التوزيع في الضفة الغربية، مؤكداً أن الحكومة المقالة لا تتحرك في غزة بردات الفعل.

وأكد هنية احترام كافة المؤسسات المدنية والحفاظ عليها، مشيراً إلى أن القوة التنفيذية خرجت من مقر اتحاد نقابات العمال بعد أن طلب منها ذلك، معرباً عن أسفه "لرفض الإخوة في الفصائل الوطنية تشكيل لجنة وطنية مؤقتة لإدارة الاتحاد لحين إجراء انتخابات الاتحاد".

وعقب هنية على ما يجري في الضفة الغربية من احداث امنية واعتقالات بحق كوادر حماس قائلا إن حكومته لديها شبكة اتصالات واسعة تهدف الى احتواء الوضع في الضفة الغربية، مشيرا الى ان حكومته بحوزتها تقارير تتحدث عن اعتقال لمئات الأفراد من حماس وأعضاء في البرلمان على حد قوله.

واشار الى ان كل الاتصالات التي تجري فلسطينياً وعربياً ودولياً تتركز على ضرورة انهاء الوضع في الضفة الغربية وايقاف الملاحقة السياسية. وتابع قائلا : ان ما يجري في الضفة ليس له علاقة بالجانب الامني وانما بجانب سياسي، وتساءل كيف تحظر الكتلة الاسلامية في جامعات الضفة، معتبرا أن القرار سياسي وهو مخالف لأبسط قواعد اللعبة الداخلية.

واعرب عن أمله في أن تتوقف الممارسات وعدم تكرار الخطأ الذي كان موجوداً في غزة.

وفي سياق آخر نفى هنية وجود أية اتصالات مع الجانب الاسرائيلي بخصوص تبادل الاسرى، مشيرا الى انه لا توجد أية اتصالات من طرف آخر إلا من المصريين الذين ما زالوا أصحاب الملف، مشدداً على ثقته بالدور المصري.

وقال ان المشكلة لا تكمن في الوسيط ولا في الموقف الفلسطيني، وانما في الاسرائيليين الذين لم يتعاطوا ايجابياً مع المطالب الفلسطينية والعربية في هذا الجانب، معرباً عن استعداده لصفقة مشرفة تنهي معاناة الأسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي ولانهاء ملف شاليت.

وتطرق هنية الى ما جرى من احداث مؤخرا بين القوة التنفيذية وعناصر في حركة الجهاد الاسلامي، مؤكداً أن ما جرى ليس مع حركة الجهاد الاسلامي، وانه على خلفية ليس لها علاقة بالجهاد أو بموضوع سياسي.

واضاف انه تم احتواء الموضوع سياسياً من خلال لقاءات مكثفة بين القيادتين وتم الاتفاق على أسس ومبادئ لضبط هذه العلاقة وتطوير العلاقة واحتواء أية اشكالية تحدث في الميدان. وشدد على ان غزة لن تكون كياناً منفصلاً، مضيفا انه لا دولة فلسطينية في غزة ولا دولة فلسطينية دون غزة، ولا نظام سياسي بلا حركتي فتح وحماس كأساس.

وقال هنية ان حركتي "فتح" و"حماس" دعامتان قويتان للنظام السياسي الفلسطيني، مشيراً الى أن ما يجري في الضفة والقطاع مؤقت ولن يكون أصلاً دائماً. واضاف "وأنا أطمئن كل أبناء الشعب ان اللحمة الى الوطن ستعود للجغرافيا والنظام، هذا مصير ضمني، والمعالجات الفلسطينية ستشق طريقها رغم الصعوبات".

وفي سؤال حول مصير العالقين المتخوفين من العودة للقطاع عبر معبر ايرز، أكد هنية حق هؤلاء بالتخوف، مؤكداً انه كان قد حذر من ذلك سابقاً، فضلاً عن رحلة العذاب من العودة. ولفت هنية الى ان الاتصالات مع المصريين حول هذه القضية لم تتوقف، منوها الى ان هناك بحثاً متواصلاً في كيفية معالجة هذا الاشكال.

وأعرب عن أمله بأن يكون هناك اجراء مفيد على هذا الصعيد له علاقة بمعبر رفح نفسه، منوهاً إلى أنهم طرحوا أن تشرف شركة حراسات بدل القوة الأمنية، مؤكدا ان كل الطروحات تم رفضها. وقال ان الرفض سياسي، متهما أطرافاً فلسطينية الى جانب الطرف الاسرائيلي بالاتفاق حول الموقف المتعلق بالمعابر. وانتقد هنية مهاجمة دولة قطر الذي اشاد بدورها، وقال : لا قطر ولا أية دولة اسلامية تتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية، ولن نسمح بذلك ولكن في نفس الوقت نعتد بالعمق الاستراتيجي الدولي الاسلامي.

وحول مصير العتاد والسيارات التي استولت عليها حركة حماس بعد 14 حزيران، قال هنية انها ملك الأجهزة الأمنية وهي في الحفظ والصون، داعياً الى اعادة صياغة المؤسسة الأمنية. وتطرق هنية الى جهاز الاستخبارات التي اعلنت عنه وزارة الداخلية في الحكومة المقالة الاسبوع الماضي، مشيرا الى انه جهاز صغير جدا لن يزيد عدد عناصره على 200 عنصر على الاكثر، وهو جهاز مفرز من وزارة الداخلية.

وأبدى هنية استعداده التام للتخلي عن "رئاسة الوزراء" وكافة وزراء حكومته، وانه اذا كان ثمن الوفاق الوطني الكرسي فإنهم جاهزون لتقديم هذا الثمن. وفي سياق آخر توقع هنية ان يتم صرف مساعدات لثلاثين ألف متعطل عن العمل في بداية شهر رمضان- الأيام-