رام الله ـ رويترز: بالنسبة لغالبية الفلسطينيين كان المسلحون الملثمون رموزا محترمة للمقاومة ضد الاحتلال. أما الآن فإن الاقتتال الداخلي المتواصل وغياب القانون الذي يسود الاراضي الفلسطينية حوّلا الناشطين الى افراد عصابات في عيون كثيرين كانوا ينظرون اليهم في وقت من الاوقات على انهم ابطال.

وقالت مي، وهي زوجة من سكان غزة، في اشارة الى الغارات التي تستهدف وقف هجمات الصواريخ على اسرائيل «انه امر بالغ السخرية لكنني اشعر بارتياح، لان الاسرائيليين بدأوا حملة قصف. المسلحون الذين يقتلون بعضهم البعض في الشوارع اضطروا الى الذهاب للمخابئ».

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) هذا الاسبوع وهو يفكر بشأن قلق المواطنين المتصاعد بسبب الاقتتال بين حركتي حماس وفتح، الذي قتل فيه نحو 50 شخصا في الشهر الماضي فقط، ان الفلسطينيين على شفا حرب اهلية. واضاف ان الخطر الذي يفرضه الاقتتال الداخلي لا يقل عن المخاطر الناجمة عن الاحتلال الاسرائيلي.

والمسلحون الذين كانوا في وقت من الاوقات يحاربون الجنود الاسرائيليين في ازقة البلدات ومخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وغزة انقلبوا على بعضهم بعضا في صراع مستمر على السلطة بين حماس وفتح الشريكين في حكومة الوحدة الوطنية.

وبعض الميليشيات التي شكلتها فتح وحماس لم تعد تخضع لسيطرة القيادات السياسية التي تتبعها وانما تدين بالولاء لمجموعات إجرامية تتولى بنفسها تنفيذ القانون.

وقال ناصر جمعة، الذي كان عضوا بارزا في كتائب شهداء الاقصى ـ الجناح العسكري لفتح، إن العديد من هذه الجماعات أصبح الان عبئا على المجتمع وانها شكلت لسد فراغ امني تحت ذريعة المقاومة الوطنية. وتابع القول انهم بعد ذلك قاموا بابتزاز الشعب وهاجموا افراده وصادروا الحريات لان قوات الامن الرسمية الضعيفة فشلت في معاقبتهم. واضاف ان الفلسطينيين العاديين فاض بهم الكيل من هذه المجموعات المسلحة وانهم يتمنون الان ان يتولى الاحتلال الاسرائيلي السيطرة على غزة أو يأملون عودة الحكم الاردني في الضفة الغربية للتخلص من هؤلاء.

وفي احدى الحوادث الاخيرة في مدينة نابلس بالضفة الغربية طلب مسلحون من اصحاب المتاجر إغلاق محالهم كبادرة تضامن مع زعماء فتح الذين اعتقلوا في اليوم السابق في مداهمة اسرائيلية. واطلق المسلحون النار في الهواء وسرقوا جرافة من بلدية نابلس واغلقوا الطريق الرئيسي بالرمل وقسموا المدينة بنفس الطريقة التي كانت تستخدمها قوات الاحتلال اثناء القيام بعملية. وللمرة الاولى في المدينة، وهي معقل للناشطين، رفض معظم اصحاب المتاجر اغلاق متاجرهم.

وقال فلسطيني اسمه نجاح يعمل في وكالة اعلان في نابلس «هؤلاء الناس سببوا لنا الكثير من المعاناة ولا يعملون في المقاومة الوطنية».

وبينما تغيرت المشاعر تجاه الناشطين فان المداهمات الاسرائيلية لاعتقالهم تثير تنديدا علنيا قويا بين الفلسطينيين الذين يطالبون منذ فترة طويلة بالافراج عن المحتجزين في السجون الاسرائيلية.

وقاد المسلحون انتفاضة فلسطينية بدأت في عام 2000 واكتسبوا قوة عندما دمرت العمليات العسكرية الاسرائيلية البنية الاساسية لأجهزة الأمن الرسمية التي ينتمي بعض افرادها الى جماعات الناشطين.

وملأ الناشطون الموالون لفصائل سياسية مختلفة فراغ السلطة وتحول التنافس الى اقتتال دام بعد ان فازت حماس على فتح في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 2006 .

وقال المحلل الفلسطيني باسم الزبيدي لرويترز «الرسالة هي ان الناس تعبت من الاقتتال الداخلي بين الفلسطينيين. فاض بهم الكيل من كل من فتح وحماس، وكل ما يريدونه هو العيش في أمان قبل أي تفكير في محاربة اسرائيل».