واشنطن (رويترز) - أكد الرئيس الأمريكي جورج بوش للزعيمين الفلسطيني والاسرائيلي يوم الاربعاء ان الولايات المتحدة ستشارك بفاعلية في عملية صنع السلام على الرغم من الشكوك العميقة بشأن فرص التوصل الى اتفاق قبل انتهاء ولايته.

فبعد 24 ساعة فقط من تعهده بمحاولة الوصول لاتفاق بحلول نهاية 2008 التقى رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس ببوش من أجل الإطلاق الرسمي لمحادثات السلام لأول مرة منذ سبعة أعوام.

وجاء اجتماع البيت الابيض تتويجا لثلاثة أيام من الجهود الدبلوماسية المكثفة في الشرق الاوسط بما في ذلك مؤتمر شاركت فيه 44 دولة سعي بوش خلاله كي ينجز في عام ما عجزت عنه الحكومات الامريكية المختلفة على مدى عقود.

وقال بوش الذي كانت تساوره مخاوف في السابق من التعامل المباشر مع القضية "لم أكن لأقف هنا لو لم أكن أعتقد أن السلام ممكن."

وأضاف بوش الذي كان يقف كتفا بكتف مع الزعيمين في حديقة الزهور بالبيت الأبيض "ثمة أمر أكدته للسيدين وهو أن الولايات المتحدة ستشارك بفعالية في العملية.. أننا سنستخدم قدرتنا لمساعدتكما وأنتما تتوصلان الى القرارات الضرورية لإرساء الأساس لدولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب في سلام مع اسرائيل."

وابتسم عباس وأولمرت بصورة جامدة بينما كان بوش يتحدث ولكنهما لم يتصافحا على غرار ما فعلا يوم الثلاثاء في مؤتمر أنابوليس.

وفي محاولة لتعزيز جدية التزام الولايات المتحدة أعلنت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تعيين الجنرال المتقاعد في البحرية جيمس جونز كي يكون مبعوثها الخاص للامن في الشرق الاوسط.

ولم تظهر أي مؤشرات على أن بوش يعتزم السير على نهج التدخل الشخصي المتواصل الذي نبذه بعد ان فشل سلفه بيل كلينتون في وساطته للتوصل الى اتفاق سلام في عام 2000 .

وتفادى بوش سؤالا في مقابلة مع شبكة تلفزيون سي.ان.ان هل هو مستعد للذهاب الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية من أجل السلام.

وقال بوش "الذهاب الى منطقة في حد ذاته لن يطلق المفاوضات. المهم هو العمل مع الفاعلين الرئيسيين ... رئيس الوزراء اولمرت والرئيس عباس. فهكذا تنجز الامور. والان اذا تعين علي ان أحادثهما معا فسوف أفعل."

وبعد اجتماع البيت الابيض سيواصل الجانبان اجتماعهما في 12 من ديسمبر كانون الاول في القدس. ولكن تبقى هناك أسئلة جادة بشأن ما اذا كانت الجهود الجديدة للسلام مجدية.

والزعماء الثلاثة يعانون سياسيا في الداخل الأمر الذي يثير شكوكا فيما اذا كان بامكانهم الوفاء بتعهداتهم كما أن الشعور بعدم الثقة بين اسرائيل والفلسطينيين سيجعل إحراز أي تقدم صعبا.

وفي مؤشر على وجود عقبات رفض اسلاميو حماس التوجه الجديد نحو السلام وتعهدوا بتقويضه. وتصاعدت أعمال العنف فقال مسعفون ان صواريخ اسرائيلية قتلت اثنين من ضباط البحرية التابعين لحماس في الجزء الجنوبي من قطاع غزة.

وفي بروكسل قالت مديرة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة يوم الاربعاء ان عملية سلام فلسطينية لا تشمل حماس لن تكون قابلة للتطبيق.

وقالت كارين ابو زيد ان هناك حاجة لمزيد من الضغط السياسي لتسوية الخلاف بين حركة فتح التي تسيطر على الضفة الغربية وحماس التي تسيطر على قطاع غزة.

وقال أولمرت انه على الرغم من أن الجانبين سيحاولان الوصول لاتفاق في العام المقبل فان ذلك ليس موعدا صارما.

وأضاف متحدثا للصحفيين الذين سافروا معه "أريد تذكيركم بأننا قلنا أننا سنبذل كل جهد للوصول لاتفاق بحلول (نهاية) 2008 ولكننا لم نلتزم باستكمال الوصول لاتفاق بحلول (نهاية) 2008."

وافتتح بوش الذي واجه انتقادات لعدم بذل المزيد من الجهد لحل الصراع من قبل مؤتمر أنابوليس يوم الثلاثاء في الاكاديمية البحرية الامريكية بقراءة بيان مشترك تفاوض عليه الجانبان الاسرائيلي والفلسطيني ولكنه تجنب القضايا الاساسية التي تفصل بينهما.

ولكن مسؤولين أمريكيين أصروا على أن جميع القضايا الجوهرية سيتم التعامل معها في المحادثات في المستقبل. الا أن الحضور العربي في حد ذاته بما في ذلك المملكة العربية السعودية وسوريا عزز أكثر محاولات بوش جدية لاحلال السلام منذ توليه الرئاسة عام 2001.

والدافع الآخر لحضور عدد كبير من المشاركين هو الرغبة للتصدي للنفوذ الاقليمي المتزايد لايران التي تنتقد جهود السلام مع اسرائيل.

وبخلاف القبول باطار لمحادثات السلام فان أولمرت وعباس لم يعطيا أي مؤشر على تقديم تنازل بشأن خلافاتهما حينما تحدثا أمام المؤتمر.

وبدا أن الاسرائيليين حققوا الكثير مما جاءوا لتحقيقه في أنابوليس بينما ندد كثير من المعلقين العرب بالمؤتمر لكونه حدثا اعلاميا هدفه إصلاح صورة بوش التي تضررت جراء الحربين في العراق وأفغانستان.

وجاء اتفاق أنابوليس بعد مفاوضات مطولة استمرت حتى اللحظات الأخيرة بين الجانبين بشأن وثيقة مشتركة تخطط مسار المفاوضات المتعلقة بقضايا الوضع النهائي وهي القدس والحدود والامن ومصير اللاجئين الفلسطينيين.

وكانت الوثيقة غامضة بشأن الجوانب الرئيسية للدور الامريكي. فستتولى رايس دور القيادة عن الحكومة الامريكية وامتنع البيت الابيض عن تحديد ما اذا كان الرئيس قد يسافر للمنطقة لرعاية العملية