إسرائيل في مواجهة العالم
بقلم: شادي أبو عياش-خاص بمفتاح
2008/12/16

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10004

لم يكن منع السلطات الإسرائيلية للمقرر الأمم المتحدة الخاص بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية البروفسور ريتشارد فولك من دخول الأراضي الفلسطينية وإسرائيل بالعمل الفريد من نوعه والجديد الذي تقوم به إسرائيل، فطوال سنوات احتلالها للأرضي الفلسطينية، وهي تضرب بعرض الحائط وتتجاهل عن عمد جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، وبطبيعة الحال رفضت التعامل مع أي بعثات دولية مهمتها كشف حجم معاناة الشعب الفلسطيني والانتهاكات الذي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي.

الخطوة الإسرائيلية، استدعت انتقادا دوليا وان كان بعضها على استحياء، إذ عبر أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون عن أسفه تجاهها، فيما أدلى ناطق باسم رئيس الجمعية العامة ميغيل داكوستا بتصريح قوي انتقد فيه الخطوة الإسرائيلية، وقال "إن رئيس الجمعية العامة داكوستا يشعر بالقلق من الاحتجاز التعسفي الذي تعرض له المقرر فالك، فيما كان في طريقه للقيام بمهمة للتحقق من انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وان "مثل هذه الأعمال من دولة عضو في الأمم المتحدة تعكس قرارا خطيرا من بلدان فردية بتحدي تخويلات الأمم المتحدة ومن يقومون بتنفيذها".

إن تكرر رفض إسرائيل التعامل مع أو احترام الوفود الدولية الرسمية، يثبت مرة تلو الأخرى بأنها لا تأبه لما يسمى بهيئة الأمم المتحدة، رغم أنها عضو فيها، بل وعضو في مجلس حقوق الإنسان التابع لها أيضا، وهو المجلس الذي انتخب بالإجماع البروفسور فولك الذي أهانته إسرائيل في مطار بن غوريون واحتجزته ورحلته، تثبت حكومة إسرائيل مرة أخرى أنها بارعة في التنصل من واجباتها الأخلاقية والقانونية أيضا، رغم أن التعاون مع مثل هذه الوفود الدولية الرسمية واجب وليس خيار تقرره أي دولة.

محاولات إسرائيل منع توجيه أي انتقاد لسياساتها العدوانية والقمعية تجاه الشعب الفلسطيني، وتنصلها من التعاون مع أي بعثة تحقيق دولية أو حتى مراقبة دولية، لن يفلح في تحسين صورتها أمام العالم، ولن يحول دون أن يعي العالم طبيعة معاناة الشعب الفلسطيني في ظل هاذ الاحتلال القمعي.

فمجرد أن يرتبط اسم إسرائيل بالاحتلال وبناء المستوطنات وجدار الضم والتوسع والفصل العنصري والاعتقالات والقتل والخرق اليومي لحقوق الإنسان، حتى يتلطخ اسم هذه الدولة، التي يعتقد ساستها أنهم إن منعوا موفدا دوليا من دخول الأراضي الفلسطينية، فإنهم سيتمكنون بذلك من حجب الحقيقة عن العالم.

إن المجتمع الدولي الذي لا تهتم إسرائيل بقراراته ومبعوثيه وتهينهم، مطالب الآن أن يثور لكرامته ولكرامة موفديه، قبل أن يقوم بتفوير الحماية لشعب بأكمله لا زال يعاني بشكل يومي من عذابات وويلات هذا الاحتلال، فاستمرار غض الطرف والسكوت عن هذه الخروقات الإسرائيلية للقانون الدولي يعني بشكل غير مباشرة، إعطاء الضوء الأخضر وتوفير الغطاء الدولي لإسرائيل للتمادي في سياستها هذه، والإيحاء لها بأنها دولية فوق القانون الدولي ويحق لها أن تمارس أي سياسية تريد.

وأمام هذه الاهانة الإسرائيلية الجديدة للمجتمع الدولي، فان خطوات عملية ليس اقلها التهديد بسحب عضوية إسرائيل أو تجميدها من الأمم المتحدة وهيئاتها ووكالاتها الدولية، ضرورة ملحة، حتى تحترم هذه الدولة قرارات وبعثات هذه الهيئات، فذلك سيجعل إسرائيل تفكر ألف مرة قبل ازدراء وفود ومبعوثي الأمم المتحدة.

أما إن بقي المجتمع الدولي ساكن دون رد على هذه السياسية الإسرائيلية التي تواجه العالم وتحاربها وقراراتها، فان ذلك يعني أن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يحمي قرارات اتخذها ولا يمكن أن يجبر دولة تعتبر نفسها فوق القانون على أن تحترم ممثليها.

http://www.miftah.org