نبض الضفة لا يهدأ
بقلم: شادي أبو عياش-خاص بمفتاح
2009/1/13

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10095

شهدت شوارع مدينة رام الله اليوم، اعتصاما للعاملين في المنظمات الأهلية والاتحادات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، تضامنا مع المواطنين في قطاع غزة الذين يتعرضون للقتل والعدوان الإسرائيلي المتواصل، في سياق فعاليات مساندة المواطنين في القطاع، أقلها معنويا، فساحات المنارة وسط رام الله لا تكاد تخلو يوما من فعاليات مناصرة الغزيين، وكذلك جميع المدن والقرى والمخيمات، إذ تشهد الضفة الغربية بما فيها القدس بشكل يومي العديد من المبادرات الفردية والجماعية والمؤسساتية التي يقوم بها المواطنون، ضمن سلسلة فعاليات تضامنية منذ اليوم الأول للعدوان، كوسيلة للتعبير عن التضامن والتعاطف مع أشقائهم في القطاع.

إن هذه الفعاليات التي يقوم بها المواطنون في الضفة بشكل يومي، هي صورة طبيعية لما يجب أن يكون، فهذا واجب على أبناء الشعب الفلسطيني تجاه إخوانهم وأهلهم في القطاع، ودليل على أن الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع وداخل أراضي 48 وفي الشتات واحد لا يتجزأ ونبضه واحد، بالرغم من كل محاولات تعميق انقسامه، وبيع قضيته في سوق السياسية الإقليمية السوداء، وهو انقسام مثل علامة سوداء في التاريخ الوطني المعاصر. إلا أن الشعب الفلسطيني اثبت من جديد انه موحد في مواجهة الاحتلال، وأن ما يصيب أهالي غزة، ينعكس فورا صداه في الضفة والقدس ومخيمات اللجوء والشتات.

لا يمكن حصر أو قياس ردة فعل الفلسطينيين، عبر المسيرات والتظاهرات ونصب خيمات الاعتصام فحسب، فبالرغم من أهمية هذه التحركات الشعبية الأكثر وضوحا في الشوارع، إلا أن فعاليات ومبادرات أخرى تقوم عليها المؤسسات الرسمية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني وطلبة المدارس والجامعات والاتحادات الحقوقية والنقابات المهنية، فمن جمع التبرعات، إلى حملات جمع الأغطية والغذاء وحليب الأطفال وتحرك طواقم وزارة الصحة، لتوفير ما يمكن توفيره من مستلزمات للجرحى، وكذلك الجهود الدبلوماسية السياسية إقليميا ودوليا، جميعها خطوات يحاول بها الفلسطينيون في الضفة وقف العدوان واسناد أهلهم، وذلك على الرغم من معاناتهم من الاحتلال ومستوطنيه وجنوده وممارساتهم التعسفية، إلا أن حجم العدوان على القطاع، كان له ردة فعله المباشرة من الشعب الفلسطيني وأشقائه العرب ومناصريه في جميع أصقاع العالم.

إن محاولات تقسيم الشعب الفلسطيني من شعب واحد إلى سكان مناطق ووحدات جغرافية متباعدة منفصلة، طالما كان هدفا وتوجها إسرائيليا، وللأسف جاء الانقسام ليساند ويعزز هذا الهدف، لكن ردة فعل الشعب الفلسطيني في الضفة والداخل والشتات، كانت بمثابة رد واضح وصريح تؤكد أن الشعب الفلسطيني واحد، وان الحملات السياسية والإعلامية من أطراف خارجيةالساعية لتمرير مصالحها على حساب الدم والوحدة الفلسطينية، لن تفلح في حجب حقيقة واحدة، تقول إننا جميعا أبناء فلسطين، وأن من يسعى لتقسيم شعبنا سياسيا ووطنيا والحديث عن أن الضفة كيان مختلف عن قطاع غزة واهم، ولا يعرف حقيقة الفلسطينيين. فصحيح أن الشعب الفلسطيني يختلف فيما بينه في الآراء والاجتهادات السياسية، وهذا وضع صحي تفتقر إليه دول عديدة، بمن فيها التي تحاول أن تتاجر بقضية شعبنا، إلا انه شعب يتوحد دائما في وجه الاحتلال، الذي هو أصل وجذر المشكلة وسبب كل الاضطرابات واللااستقرار في المنطقة.

كما أن أجواء الوحدة الفلسطينية التي تصاعدت مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على القطاع، انعكست على المواقف الإعلامية والسياسية، فرأينا كيف أن أعضاء المجلس التشريعي، لا سيما من حركتي فتح وحماس ساروا في مظاهرة واحدة جنبا إلى جنب، فيما أكد المسؤولون بدءا من الرئيس محمود عباس ومرورا برئيس الوزراء د.سلام فياض على أن الأولوية الآن هي لوقف العدوان وتعزيز الوحدة واستعادة وحدة الوطن، وهو دليل على أن الموقف الرسمي الفلسطيني ليس ببعيد عن نبض الشارع، كما هو حال قلوب أبناء الضفة الى جانب معاناة أبناء قطاع غزة، فنبض الضفة لن يهدأ حتى يتوقف العدوان.

http://www.miftah.org