ليخرج من القاهرة أوباما فلسطيني!
بقلم: ريم وهدان-خاص بمفتاح
2009/3/12

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10281

الجميل فيما يمكن أن تتفتّق عنه اجتماعات القادة على طاولة الحوار، أنتا لربما نشهد انتخابات تشريعية ورئاسية قادمة إذا ما توفق فرقاء القاهرة في لم الشمل وتشكيل حكومة تحضر لها. الملفات المطروحة كلها صعبة، أعقدها تلك التي تحمل ملف المصالحة الوطنية. ليس فقط لأنها تحمل مسؤولية الدماء التي أريقت بل لأنها لن تستطيع التغلب بقرار متحد على الأثار النفسية التي سببها شرخ حزيران 2007.

لن تكون الملفات الأخرى أقل تعقيداً بكثير، فسيكون على لجنة الانتخابات أن تنظر في حيثيات الاختلال القانوني الذي سببه الانقسام، وأن تبحث بدقة في كل تلك القرارات والمراسيم التي أصدرت في الضفة وغزة حول الانتخابات وأهمها ذلك الذي أصدره الرئيس محمود عباس( القرار بقانون رقم 1 لعام 2007 بشأن الانتخابات العامة). أما ملف الحكومة فالتعامل معه يجب أن لا يخلو من كثير من الحذر كي لا يعيد قرارات مكة في المحاصصة إلى حيز التنفيذ وإلا ستكون حكومة الوحدة القادمة كسابقتها، هشة، فصائلية التنظيم، حزبية الهوى.

وفي الأمن، سيكون على المجتمعين أن لا يقرروا حول المسائل المتعلقة بالأجهزة الأمنية فقط، لنأمل أن يتعدّوا ذلك إلى التفكير في سبل إعادة أمن المواطن المهجر في قطاع غزة الذي بدأ صبره ينفذ من بطء عمليات إعادة الإعمار، وأن يخططوا لمساندة أرباب العائلات الذين ملوا العيش على المعونات الغذائية الطارئة في الخيام. أما ملف المنظمة فسيعيد الأسئلة ذاتها التي ما انفكت تتكرر عبر وسائل الإعلام منذ الانقسام، ليجيب عليها، ويتجاوز الدعوات إلى تشكيل مرجعيات أخرى.

لا شك بأن اجتماعات الفصائل على طاولة مصرية ستلقي ظلالاً متفائلة في الشارع إلا أن الأهم من ذلك هو أن يتمكن المجتمعون من أن يلهموا شعباً بأكمله ليقود حواراً فلسطينيا- فلسطينيا على الأرض، بأن ينشأ خطاب يقود باتجاه أن يتعاتب الأحبة بجرأة وصدق حول ما حصل، ويتيح نقاشا أكاديميا ونفسيا لا نستذكر فيه كل الأحداث المؤلمة التي مررنا بها منذ الانقسام، بل يجعلنا نتفكر في كيفية خداع التاريخ كي لا يسمح لنا أن نعيد الكرة مرة أخرى. نحتاج إلى خطاب يلهم طالبا من كتلة فتح في مجلس الطلبة أن يجلس مع زميله في حماس يناقشوا معاً تفاصيل إقامة معرض للكتاب في الجامعة، خطاب يشجع الأمهات الفلسطينيات من كل الفصائل على التحالف من أجل تشجيع بيع الأغذية الصحية في مقاصف المدارس، نحتاج إلى خطاب ملهم يجمعنا في التحرير والبناء.

عندما القى أوباما خطاب فوزه في الانتخابات الرئاسية ليصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة الأمريكية، استمعت إليه بتأثر، لأن خطابة لم يكن يعبر فقط عن أمال الأمريكيين الذين ملّوا من العنصرية والحرب، بل لأنه وجه خطابه إلى العالم، إلى كل الملتفين حول المذياع والمتسمرين على شاشات التلفاز في كل ركن وزاوية من الأرض، دعاهم ليستقبلوا معه زمناً جديداً من الحرية والتغيير. كان خطابه ملهما، واقعيا، وعاطفياً ذكرني كم نحن بحاجة إلى خطاب متفائل موحّد.

من الضروري أن يصل إلى أسماعنا وقلوبنا من القاهرة، ونحن هنا في شتى أنحاء فلسطين وخارجها، خطاب يجمعنا، يشبه ذلك الذي ألقاه أوباما عند الفوزه، كلمات يرددها كل الفلسطينيين بأن عصر الانقسام قد ولى وبأننا قادمون إلى شيء اكبر من خلافاتنا وثأرنا وعتابنا. نريد قائداً يذكرنا باننا لسنا تجمعاُ من الأعلام الخضراء و الصفراء والحمراء بل إننا شعب له علم تاريخي واحد، نريد قائداً يقول لنا بكبرياء وثقة- على غرار ما قاله الرئيس الأمريكي : " هذه المرة، أصبح دورنا أن نعيد شعبنا إلى العمل، لنفتح أبواب الفرص أمام أولادنا، لنعيد الازدهار ولنعزز قضيتنا، لنستعيد الحلم الفلسطيني ولنؤكد الحقيقة الأساسية، وهي اننا من العديد من الأفراد المختلفين نشكل شعباً واحداً، وأن الأمل سيملؤنا طالما بقينا نتنفس. وانه حيثما نلاقي التهكم والشك وأولئك الذين يقولون لنا لا نستطيع، سنرد بتلك العقيدة الأبدية التي تجمع روح شعب: نعم، نستطيع."

هذه التعقيدات التي ستواجه فصائلنا إذا ما تطلعت بعمق إلى إنجاز مصالحة شعبية حقيقية يجب أن لا يكون مخاضها على طاولات الحوار القاهرية فقط بل يجب أن تصل إلى روح الأصالة الفلسطينية في الداخل والشتات، أن تخاطب ربات المنازل والأطفال والعمال والموظفين والحزبيين وغير الحزبيين والفلاحين والصامدين وأن تدعو كل فلسطيني أو ذلك الذي ينحدر من أصول فلسطينية إلى أن يعود إلى السفينة التي خرقت ليصلحها ونكمل الإبحار.

http://www.miftah.org