تنصل نتنياهو من الالتزام بالرؤية الدولية لحل الدولتين
بقلم: مفتاح
2009/3/16

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10294

في الوقت الذي قال فيه خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن العلاقات بين الاتحاد وإسرائيل تتوقف على التزام الحكومة الإسرائيلية بحل الدولتين في عملية السلام مع الفلسطينيين، قالت مصادر إسرائيلية أن الزعيم اليميني المتطرف أفيجدور ليبرمان سيصبح وزيرا للخارجية في إسرائيل إذا سرى اتفاق مبدئي جرى التوصل إليه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو.

وعلق المسؤول الأوروبي على اتفاق مبدئي بين نتنياهو وحزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف على تشكيل حكومة ائتلافية فقال "سنكون مستعدين للعمل كالمعتاد مع حكومة في إسرائيل تكون مستعدة لمواصلة الحديث والعمل من أجل حل الدولتين"، وان الاتحاد الأوروبي سيكون له موقف "مختلف إذا لم تلتزم الحكومة الإسرائيلية المقبلة بعملية السلام ومبدأ الدوليتن".

يأتي ذلك بعد أيام من كشف رئيس الوزراء د.سلام فياض عن ورقة أوروبية قيد الصياغة تبلور موقف 27 دولة من عملية السلام متوازنة جرى العمل عليها تحمل في مضمونها تصورا من كافة قضايا الحل النهائي، ستحمل إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث وصفها د.فياض بأنها متوازنة خاصة بالنسبة لقضية ضرورة وقف الاستيطان فوراً .

هذه التطورات على الصعيد الحكومي الإسرائيلي بات واضحا أنها ستحمل عتاة اليمين الإسرائيلي إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية، بينما رئيس الحكومة نتنياهو لم يعدل من مواقفه التي لا تلتزم أصلا بالرؤية الأمريكية والأوروبية والدولية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القائمة على حل الدولتين، وهو موقف يتعارض كليا مع ما أكدت عليه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون خلال زيارتها الأخيرة للشرق الاوسط، حيث جددت التزام بلادها بهذه الرؤية، وكذلك الموقف الأوروبي المتطور تجاه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والقاضي بوقف الاستيطان.

ومع اتضاح ملامح الحكومة الإسرائيلية الجديدة يأتي انعقاد القمة العربية العادية في العاصمة القطرية الدوحة بنهاية شهر آذار/ مارس الجاري، لتطرح من جديد الموقف العربي من إسرائيل وكيفية التعامل مع حكومة إسرائيلية اقل ما يمكن أن يقال عنها إنها رافضة لأي حل سياسي، وهو ما يستدعي تحركا دبلوماسيا عربيا مغايرا و مكثفا على الساحة الدولية وبخاصة على الساحتين الأمريكية والأوروبي، فأوروبا لها تأثير على السياسة الأمريكية خاصة أن الإدارة الأمريكية الجديدة لا زالت تتلمس طريقها وتحاول التعرف على كيفية إطفاء بصمتها أو سياسيتها في الشرق الأوسط، فيما تجربة استصدر قرار من مجلس الأمن بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في كانون ثان/يناير الماضي وتحرك وزراء الخارجية العرب وتصميمهم على استصدار قرار دولي بهذا الاطار، اثبت أن الضغط والتحرك الدبلوماسي العربي المنسق على الساحة السياسية الدولية يأتي بالنتائج المرجوة.

وربما المحك الرئيسي للمجتمع الدولي هو كيف التعامل مع هكذا حكومة ومع وزير خارجية إسرائيلي متطرف، طالما دعا إلى ترحيل الفلسطينيين مرة أخرى من أرضهم وترحيل الفلسطينيين من داخل إسرائيل، وضرب السد العالي في مصر، ليبرز السؤال هل ستجاري الإدارة الأمريكية الجديدة والدول الأوروبية النظرة الإسرائيلية للحل، بمعنى اتاحة المجال لتنفيذ اسرائيل ما يريده نتنياهو وليبرمان؟؟ أم سيتحرك المجتمع الدولي وخاصة الأوروبيون، وينفذوا ما المح إليه سولانا، وهل سيعملون تجاه إنهاء الصراع عبر إنهاء الاحتلال على طريق تقرير الشعب الفلسطيني مصيره وإقامة دولته المستقلة.؟

العالم يعلم انه لا يمكن أن تستقر الأمور وان يعم الاستقرار الشرق الأوسط في ظل حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، لكن المساحة ما بين المعرفة والتحرك لتغير الواقع، تكمن المصالح السياسية الدولية، وهنا فان العرب في قمتهم المقبلة لا بد وان يفكروا في مخاطبة المجتمع والقوى الدولية بلغة المصالح لتحقيق التغيير الحقيقي في السياسية الأمريكية والأوروبية تجاه إسرائيل وإلزامها بوضع حد لاحتلالها أساس كل العنف والشرور في المنطقة.

إن الموقف الفلسطيني، الذي أكد رفض الفلسطينيين التعامل مع أي حكومة إسرائيلية لا تلتزم بالاتفاقات وبرؤية الدولية مدخل هام وبداية صحيحة للتعامل مع حكومة وزيرة خارجيتها ليبرمان ورئيسها نتنياهو، وفي هذا الاطار فانه لا بد ان يكون التحرك الفلسطيني والعربي فعالا وسريعا للتحذير من مخاطر ترك نتنياهو وشريكه ليبرمان يكملان ما قام به أولمرت من عدوان، والاستمرار باستهداف القدس والمقدسيين بالجدار العنصري والاستيطان والتمسك بالاحتلال.

أما إذا ما تركت الساحة لتجارب ومخططات الحكومة اليمينية الإسرائيلية، فان مشهد العدوان وسقوط الضحايا في قطاع غزة والضفة سيتكرر وربما يتخذ أشكالا أوسع وأعمق، فالعدوان والقتل والتوسع الاستيطاني واستهداف الفلسطينيين هي الوسيلة الوحيدة لإرضاء المتطرفين في إسرائيل.

http://www.miftah.org