اليسار الإسرائيلي
بقلم: شادي أبو عياش-خاص بمفتاح
2009/3/19

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10299

قام وفد من حزب ميرتس الإسرائيلي بزيارة إلى حي البستان في بلدة سلوان في القدس للإعراب عن التضامن مع المواطنين ضد سياسة بلدية الاحتلال المتمثلة باستهداف المقدسيين وهدم منازلهم، حيث قال رئيس الحزب عضو الكنيست حاييم أورون إن حملة التصعيد الأخيرة التي تقوم بها البلدية الإسرائيلية في مدينة القدس الشرقية تحمل مخاطر كبيرة، وتعرض المسيرة السلمية المتعثرة إلى الانهيار، بينما أكد القيادي في الحزب لطيف دوري أن الهدف الرئيس وراء عمليات الهدم هو ترحيل الفلسطينيين وتشريدهم عن أرضهم وبالتالي منع إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

هذه الزيارة التضامنية التي سبقها زيارات تضامنية لأعضاء الكنيست الرافضين للسياسات الإسرائيلية، هامة وتضفي أملا بان اليسار الإسرائيلي، وان كان في أرذل قوته الآن، لا زال موجودا رغم معاناته الكبيرة في ظل التوجه المجتمع الإسرائيلي الحاد نحو اليمين بل أقصى اليمين المتطرف، فكل انتخابات في إسرائيل تحمل معها نتائج وقوة ومدا جديدا لهذا اليمين، فالمجتمع الذي يضع بنيامين نتنياهو وجوزيف ليبرمان على رأس الحكم، لا يمكن أن يكون يساري التوجه.

ما يعنينا في اليسار الإسرائيلي، والمقصود اليسار الحقيقي وليس من يدعي اليسارية ويمارس القمع ضد الشعب الفلسطيني أمثال ايهود باراك، ليس برامجه الاجتماعية الموجهة للمجتمع الإسرائيلي، بل فهمه أن الأمن في المنطقة والحل للصراع يتأتى عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وليس تجميله كما سعى حزب كاديما، وليس إدامته كما يسعى نتنياهو وليبرمان.

إلا أن هذا اليسار الذي ادعى رغبته في التعايش وإنهاء الاحتلال سنحت له الفرصة تلو الأخرى عندما كان في سدة الحكم أن يتخذ قرارا شجاعا لمصلحة إسرائيل وللمنطقة بإنهاء الاحتلال ليتسنى للشعب الفلسطيني تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، إلا أن الجبن السياسي التي تمتع به هذا اليسار الذي كان على رأسه ايهود باراك وقبله شمعون بيرس، افقده وتوجهاته السياسية، اقلها المعلنة، مبرر الوجود، وجعل من أطروحات اليسار فارغة المضمون، فهذا اليسار قد سنحت له الفرصة أن يلتزم بتعهداته ورؤيته بإنهاء الاحتلال، إلى انه فضل الاستمرار بقمع الشعب الفلسطيني، ومصادرة أراضيه إلى جانب الاستمرار ببناء المستوطنات.

وأمام اليسار في إسرائيل، إن صح تسميته بذلك، أن يتحرك ويعيد بناء رؤيته القائمة على أساس إنهاء الصراع عبر إنهاء الاحتلال، والتكفير عن ذنوبه وأخطاءه بحق الشعب الفلسطيني التي لا تقل عن الأخطاء التي ارتكبها اليمين الإسرائيلي، وتجميع صفوفه من جديد وتعزيز قوته التي فقدها وإيجاد قيادة له تعمل على تحقيق هذه الرؤية والتخلص من قياداته المتلونة التي أفشلته كباراك، إن كان له أن يسترجع جزءا من قوته التي أظهرت الانتخابات البرلمانية اضمحلالها، حيث أظهرت انتخابات الكنيست الأخيرة أن الزعيم المفترض لليسار وهو حزب العمل ضعيف ولا يمكن أن ينافس الأحزاب اليمنية، فيما الأحزاب اليسارية بما فيها كاديما، الذي سمي اعتباطا بحزب يساري، لم تستطع أن تجمع نصف أعضاء الكنيست بالحد الأدنى.

أما العملية السياسية المتجمدة والتي لا يتوقع لها أن تتحرك إلى الأمام في ظل حكومة إسرائيلية قادمة رئيس وزراءها نتنياهو ووزير خارجيتها ليبرمان، فهي في عداد المجمدة، إلا في حال أفاق المجتمع الدولي من غيبوبته السياسية، وعلمت الإدارة الأمريكية الجديدة صاحبة عنوان التغيير، والاتحاد الأوروبي مع أطراف اللجنة الرباعية الدولية على إرسال رسالة واضحة للحكومة الإسرائيلية القادمة أن الحل المطلوب هو إنهاء الاحتلال وليس المماطلة والتسويف.

الفلسطينيون متمسكون بحقوقهم وبقرارات المجتمع الدولي ورؤيته القائمة على أساس حل الدولتين، وريثما يفيق اليسار في إسرائيل من غيبوبته، ويسلك الطريق التي يدعي أنها طريقه، يمكن عندها أن يجد الفلسطينيون شريكا إسرائيليا في العملية السياسية القائمة على أساس القرارات الدولية وتطبيقها أولها إنهاء الاحتلال.

http://www.miftah.org