يهودية الدولة والقفز عن القرارات الدولية
بقلم: شادي أبو عياش-خاص بمفتاح
2009/4/30

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10428

مرة أخرى تحاول إسرائيل وضع العراقيل والاشتراطات اللامنطقية في وجه أي محاولة لإلزامها بإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية المحتلة، فتارة تقول أن ليس هناك شريك فلسطيني، ومرة أخرى يخرج رئيس وزراءها الجديد بحكومته اليمنية ليدعو إلى ما اسماه دعم الاقتصاد الفلسطيني بدلا من الخوض في المفاوضات والمسيرة السياسية، أو ليكرر ما طرحته إسرائيل سابقا بان على الفلسطينيين الاعتراف بها كدولة يهودية كشرط للتقدم في المفاوضات.

إن نتنياهو يعلم أن الفلسطينيين لن يلغوا حق العودة الذي أقرته القوانين والشرائع الدولية، ولن يشرعوا العنصرية الإسرائيلية الطامحة لان تجعل من إسرائيل دولة لليهود كي يتسنى لها طرد من بقي من الفلسطينيين المتواجدين على أرضهم وارض أجداهم في الناصرة وأم الفحم وعكا ويافا، إلا ان نتنياهو يسعى بذلك إلى صد أي محاولة دولية للضغط باتجاه استئناف مفاوضات السلام على الأسس التي قامت عليها وعلى أساس حل الدولتين ومخرجات مؤتمر انابوليس.

وربما ملامح التململ أو حتى الضغط الدولي على حكومة نتنياهو قد بدأت تتجلى شيئا فشيئا، بدءا من تصريحات ممثلي وقادة الاتحاد الأوروبي ومؤسساته الذين شددوا أكثر من مرة على ضرورة التزام حكومة تل أبيب بأسس العملية السياسية، وليس انتهاء بقول أوباما واركان ادارته بتمسكهم بحل الدوليتن، وهو ما لا يريده نتنياهو حتى لا يسقط تحالف حكومته القائم على رفض أي تحرك أو تقدم في العملية السياسية، لان هذا التقدم يعني الالتزام بالقرارات والرؤية الدولية، مما يؤدي لإنهاء الاحتلال.

إن الموقف الفلسطيني الرسمي الذي أعلنه الرئيس محمود عباس عبر تأكيده رفضه الاعتراف بيهودية الدولة، وكذلك الموقف الشعبي المتمسك بحقوق الفلسطينيين بما في ذلك حق العودة إلى ديارهم التي هجروا منها، وكذلك ما قام به الآلاف من الفلسطينيين داخل إسرائيل حيث شاركوا بمسيرة في قرية كفرين المهدمة في شمال إسرائيل تحت عنوان "يوم استقلالكم يوم نكبتنا"، في ذكرى قيام دولة إسرائيل، ومطالبتهم بالعودة إلى قراهم المدمرة، كلها دلائل على رفض مطلب الاعتراف بيهودية الدولية، وتمسك الفلسطينيين بحقوقهم التي أقرتها القرارات الأممية.

إن الاعتراف بما يسميه نتنياهو يهودية الدولة، يعني إلغاء حق العودة، والحكم على الفلسطينيين داخل إسرائيل بل وحتى الأقليات الأخرى من غير اليهود بالطرد والتشرد واللجوء مرة أخرى، والاعتراف رسميا بعنصرية هذه الدولة.

إن إسرائيل التي تتفاخر بأنها أقامت نظاما ديمقراطيا في الشرق الأوسط المليء بالنظم الديكتاتورية، لهي دولة عنصرية بامتياز، فهمي تمارس العنصرية بحق جيرانها وبحق الشعب الذي تسيطر عليه وعلى أرضه، بل إنها عنصرية في قوانينها ومعاملتها للأقليات ولمواطنيها من غير اليهود.

إن العالم الذي لا يخفى عليه الاحتلال الإسرائيلي وممارساته بحق الشعب الفلسطيني وتأثيراته على استقرار الشرق الأوسط والعالم، يجب أن لا يرى في عنصرية إسرائيل ومطالبتها بنفي كل من هو غير يهودي منها، كمطلب لدولة ذات سيادة، فكما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة يعاني الاحتلال وكوارثه، من استيطان وجدران فصل عنصري، فان الفلسطينيين داخل إسرائيل يعانون أيضا العنصرية الإسرائيلية في كافة مناحي حياتهم، وعلى المجتمع الدولي الحر الذي ينادي بحرية الإنسان وضمان حقوقه أن يعمل جديا على ضمان حرية الشعب الفلسطيني على أرضه عبر إنهاء الاحتلال كي يتسنى له إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وان يحمي أيضا الفلسطينيين داخل إسرائيل من العنصرية الإسرائيلي التي ينادى نتنياهو بشرعنتها.

http://www.miftah.org