حكومة مؤقتة في انتظار التوافق
بقلم: شادي أبو عياش-خاص بمفتاح
2009/5/21

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10487

كانت الآمال قبل تشكيل الحكومة الجديدة، أن تنجم عن جلسات الحوار الوطني التي انعقدت تحت رعاية مصرية في القاهرة، حكومة توافق وطني تعمل على المباشرة بإعادة اعمار قطاع غزة مما خلفه العدوان الإسرائيلي، والعمل على الترتيب لانتخابات رئاسية وتشريعية تعطي للشعب الفلسطيني حقه في قول كلمته وتحديد أي من القوى السياسية أجدى بان يقود مسيرة اعماره وتنميته وإدارة شؤونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن حوارات القاهرة أثبتت أن التوصل لحكومة توافق أمر بعيد المنال كما هو الحال بالنسبة للاتفاق على باقي ملفات الحوار، في ظل تمسك حركة حماس بالحسابات الحزبية والإقليمية التي تعطل التوصل لأي توافق وطني فلسطيني لإنهاء الانقسام واستعادة الشرعية إلى قطاع غزة.

وبغض النظر عما لم يتوصل إليه المتحاورون في القاهرة، فان الظروف الموضوعية والقضايا الحياتية للمواطنين والمؤسسات العامة والخاصة، دعت السيد الرئيس محمود عباس إلى التفكير وتكليف رئيس الوزراء د.سلام فياض بالعمل على تشكيل حكومة جديدة بشكل موسع، سيما وان البلاد كانت تحتاج إلى حكومة تدير شؤونها، بعد أن كانت الحكومة السابقة قد قدمت استقالتها كخطوة لدعم جهود الحوار، وهي بذلك توقفت عن اتخاذ أي قرارات إستراتيجية أو ذات تأثير في انتظار تشكيل الحكومة.

صحيح أن الحكومة الحالية يتفق الكل على أنها مؤقتة في انتظار نتائج الحوار أو الاتفاق الذي ستطرحه مصر في تموز المقبل، وكذلك في انتظار نتائج الانتخابات الواجب أن تعقد ويبدأ التحضير لها خلال أشهر، إلا أن تشكيل الحكومة الذي اتخذت طابعا فصائليا كان يمكن أن يكون أجدى ويحدث تأثيرا اكبر وأقوى لجهة وزن ونوعية وشكل وشخوص الوزراء، إذا ما كانت مشاورات تشكليها قد جرت بالشكل المتعارف عليه، أي التوجه لعناوين الكتل البرلمانية التي وافقت على الانضمام لهذه الحكومة، وهو الأمر الذي كان قد وفر عليها هذه المعارضة التي قد تضعف مقومات عملها، سيما وأنها أعادت شخوصا وأبقت على آخرين لم ينجزوا مهامهم بالشكل المطلوب سابقا، بدل أن تعمل على تكليف أكفاء ومهنيين وشخصيات من الوزن الثقيل من القوى السياسية أو المجتمع المدني أو من المهنيين والمستقلين خصوصا في الوزارات الحساسة التي تحتاج إلى جهد وكفاءة.

كما أن الابتعاد عن التشاور مباشرة مع ممثلي ورؤساء الكتل البرلمانية كما يقتضى عرف تشكيل الحكومات، والعمل على تكليف أشخاص محددين بناء على انتماءاتهم وبشكل انتقائي، ادخل تشكيله الحكومة في أتون الخلاف مع اكبر الكتل البرلمانية، بل وانسحب ذلك على مواقف النقابات الرئيسية، الأمر الذي يضع عقبات منذ اليوم الأول لعمل هذه الحكومة التي لا تحتاج إلى أي عقبات إضافية في وجهها، سيما وان هذه المعارضة إن استمرت فان الحكومة لن تتمكن من تطبيق برامجها ومشاريع بشكل ناجع وهي لا تتمتع بدعم كتل برلمانية رئيسية ودعم شعبي كان من الممكن لحركة فتح أن توفره لها.

أما وقد شكلت الحكومة الجديدة والتي هي بكلا الأحوال حكومة الرئيس وتتمتع بالشرعية القانونية والسياسية، اتخذت لونا تكنوقراطيا وفصائليا، في ظل مشاركة شخوص من حركة فتح وفدا وجبهتي النضال الشعبي والديمقراطية، في ظل مقاطعة حزب الشعب والجبهة الشعبية، فان المطلوب منها مهام داخلية عاجلة، أبرزها التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية، واستكمال وضع الخطط لإعادة اعمار قطاع غزة وتنظيم الشؤون الحياتية للمواطنين، والنهوض بالاقتصاد الوطني، إلى جانب مواجهة سياسيات الاحتلال خاصة في القدس وكذلك التصدي للحملات الاستيطانية والتوسعية الإسرائيلية.

http://www.miftah.org