منظمة التحرير: تطوير الأداء والبقاء
بقلم: شادي أبو عياش-خاص بمفتاح
2009/5/28

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10509

منذ تشكلها بقرار عربي قبل 45 عاما، وما تبع ذلك من تطوير لاستراتيجيتها بعد دخول عناصر الفصائل الوطنية إليها، سعت منظمة التحرير الفلسطينية إلى أن تكون البيت الجامع والوطن المعنوي للفلسطينيين أينما كانوا في الوطن والشتات والمهجر، حيث نجحت بفعل العمل السياسي والنضالي الدؤب لقادتها وللشعب الفلسطيني في أن تنتزع اعتراف العالم والإقليم العربي وحتى الإسرائيلي بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

ورغم التفاف الشعب الفلسطيني حولها والتزام الأحزاب الوطنية وفصائل النضال والعمل الوطني الفلسطيني، على اختلاف رؤاهم وتوجهاتهم الفكرية والأيدلوجية بالمنظمة، إلا أن أوساطا عربية وغربية وإقليمية حاولت عبثا احتواء منظمة التحرير لاستخدامها كورقة مساومة سياسية رابحة في صراعها مع إسرائيل أو مع القوى الدولية، على اعتبار أن القضية الفلسطينية لب الصراع في الشرق الأوسط وان من يمسك بالخيوط الفلسطينية السياسية سيكون قادرا على المساومة على القضية الفلسطينية، إلا أن الالتفاف الفلسطيني الشعبي حول ممثلهم الشرعي والوحيد حال دون أن تنجح هذه القوى في إنهاء أو احتواء المنظمة.

واليوم وبعد مرور 45 عاما على تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، فان بند الالتفات إلى عمل وأداء المنظمة أصبح ركنا وملفا أساسيا من ملفات العمل الداخلي الفلسطيني وعلى أجندة الحوار الوطني في القاهرة وما سبقه من جلسات حوار وجهود مصالحة فلسطينية، إلا أن الاختلاف هو بين تطوير المنظمة ومؤسساتها، ورأي آخر يسعى إلى هدمها بحجة إعادة بنائها، مما يهدد هوية وشكل المنظمة التي حملت راية الكفاح والنضال الوطني على مدار العقود الماضية.

إن تطوير المنظمة ومؤسساتها مطلب هام وحيوي لمسيرة النضال الوطني وتصويبها بغرض الارتقاء بهذه المنظمة التي تمثل الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده والتي تدافع عن حقوقه وتعبر عن آماله وتطلعاته وهي محط إجماع عربي ودولي، وهذا التطوير لا بد أن يصيب جميع مؤسسات واطر المنظمة، كما حدث عند انعقاد المؤتمر العام لاتحاد المرأة الفلسطينية مؤخرا، حيث كان لانعقاد مؤتمر الاتحاد في الوطن، وهو الذي يعد من ابرز مؤسسات المنظمة خطوة متقدمة ومبادرة على طريق تطوير وتفعيل هذه المؤسسات، فيما المطلوب الآن إشراك الشعب الفلسطيني في هذه العملية عبر عقد المؤتمرات العامة لبقية الاتحاد والنقابات العامة.

أما دعاة ما يسمى بإعادة بناء المنظمة، فهم يسعون عبر هذه الدعوة إلى تغير وجه المنظمة ومبادئها، عبر تغير صورة وشخصية المنظمة التي حافظت على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني المستقل وخاضت المعارك في سبيل الحفاظ عليه بعيدا عن أي تأثيرات خارجية، فالنجاح والمنجزات التي حققتها القوى والعناصر الوطنية التي تسلمت زمام قيادة منظمة التحرير وأبعدتها عن تجاذبات وتأثيرات المواقف السياسية للأنظمة العربية، في خطر إذا ما تمت إعادة صياغة المنظمة بما يتوافق وأهواء المصالح غير الفلسطينية، مما يهدد المستقبل الفلسطيني خطر أن تعود المنظمة وتصبح ورقة ومن أوراق المصالح السياسية العربية والإقليمية.

صحيح أن الحوار الوطني وإنجاحه والوصول لتوافق ومصالحة وطنية أمر مطلوب فلسطينيا شعبيا ورسميا، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال أن يكون هذا التوافق على حساب الأجندة الوطنية وعلى حساب المنجزات الوطنية وأبرزها منظمة التحرير الفلسطينية، أو كنتيجة للضغط أو الابتزاز السياسي الذي أصبح سبيلا لدى البعض بهدف الوصول إلى المراكز القيادية والسيطرة على المنظمة، والتهديد بتدمير طموحات ومصالح الشعب الفلسطيني إن لم يتم ذلك، فتطوير المنظمة يكون عبر تفعيل وتطوير عمل مؤسساتها وليس عبر هدمها وإلحاقها بأجندات غير فلسطينية، فلا مصلحة فلسطينية في ذلك.

http://www.miftah.org