تساؤلات حول وثيقة إقامة الدولة وإنهاء الاحتلال.
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2009/9/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10807

كثرت التساؤلات التي جاءت تعقيباً على وثيقة رئيس الحكومة د.سلام فياض "إقامة الدولة وإنهاء الاحتلال" والتي جاءت ببرنامج عمل للحكومة يتعهد بإعلان إقامة الدولة في عام 2011 أي بعد سنتين من الآن، ومن أهم هذه التساؤلات، تلك المشككة في إمكانية تحقيق برنامج الدولة وخاصة في هذه الفترة القصيرة، إذا ما قورنت بحجم المشاريع الضخمة المراد إقامتها، كمطار فلسطين الدولي، وميناء غزة، وإعادة تشغيل مطار ياسر عرفات في غزة، وغيرها.

والمعروف عن د.سلام فياض أنه رجل برجماتي يتميز بواقعيته وقراءته الجيدة للمعطيات الدولية، فهو ما ينطق عن الهوا، وإنما هو نابع عن تخطيط مسبق ودراسة معمقة بحيث تضمن موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، من إعلان إقامة الدولة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تضمن توفر التمويل والدعم من الدول المانحة لتنفيذ المشاريع الضخمة التي جاء بها برنامج عمل الحكومة لإقامة الدولة وإنهاء الاحتلال، في وقت تعاني منه البنية التحتية والاقتصاد الوطني من ضعف وتدهور نتيجة سياسات دولة الاحتلال الإسرائيلية، التي لم تستثني مرفق أو مؤسسة من عدوانها بل و جعلت من مؤسسات السلطة هدفا مباشراً لها، وخاصة في الانتفاضة الثانية والحرب الأخيرة على غزة، الأمر الذي ألحق خسائر فادحة بالاقتصاد الفلسطيني المعتمد بشكل أساسي على الدعم والتمويل الخارجي.

وتكمن الأهمية في هذه الوثيقة، وضعها لبرنامج إعلان إقامة الدولة الفلسطينية ضمن سقف زمني محدد وقريب بحيث تنتهي خططها بحلول عام 2011، وهو نهج غير مألوف في برامج الحكومات والاتفاقيات السابقة.

واللافت للانتباه في وثيقة الحكومة الفلسطينية أنها لم تتطرق على الإطلاق إلى الوضعية الانقسام القائمة بين الضفة وغزة، وإمكانية تطبيق البرنامج في ظلها، في حال لم ينجح الحوار الفلسطيني الفلسطيني؟ دون أن ننسى ما يعانيه القطاع من حصار جائر منذ ثلاث سنوات، يضاف إليها حاجته الماسة لإعادة إعمار ما دمر من مؤسسات ومرافق في حرب إسرائيل الأخيرة على غزة.

والتساؤل الأهم الذي يتبادر لأذهاننا جميعا ًما مصير هذه الوثيقة بعد الانتخابات والتي بالتأكيد لا تضمن نتائجها استمرار الحكومة على رأس عملها حتى العام 2011. وماذا عن موقف إسرائيل؟، التي لا شك ستوفر العراقيل، بحيث يستحيل معها المضي قدماً في تنفيذ البرنامج، وما هذا إلا أمراً واقعاً لا يمكن إنكاره، في دولة تقبع تحت الاحتلال، فهل وضحت الحكومة هذا الأمر في حسبانها أثناء إعدادها لبرنامج الوثيقة؟ وهل ستضمن الحكومة الفلسطينية التمويل الكافي من الدول المانحة لتنفيذ مشاريع بهذه الضخامة، نعرف تماماً أن مساهمة الحكومة المادية فيها تكاد تكون معدومة.

وعلى الرغم من كل هذه التساؤلات والتي تبدو تشاؤمية في طرحها بالاستناد للمعطيات الواقعية على الأرض، إلا أن الحراك السياسي الدولي في الفترة الماضية، ومساعيه الحثيثة والحازمة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والدفع الجاد باتجاه المفاوضات يصب في تأكيد وجود الدعم الدولي أي دعم الولايات المتحدة وأوروبا لبرنامج إقامة الدولة وإنهاء الاحتلال.

لذا فالعقبة الأساسية في تحقيق ذلك هو الموقف الإسرائيلي والذي لا تبدو إمكانية استجابته لهذا الطرح واردة في ضوء ممارساته على الأرض، والماضية في ابتلاع المزيد من الأراضي، وتوسيع الاستيطان، والتعنت في ملف الأسرى، والتهويد المكثف لمدينة القدس، الذي لن يرضاها إلا عاصمة أبدية وموحدة لدولة إسرائيل، فهل ستقبل القدس القسمة على اثنين.؟ بل كيف ستكون القدس عاصمة لدولة لا تملك فيها حق السيادة، ويعاني مواطنوها من التهديد الدائم بحقهم في العيش والمواطنة، بحيث يتحولوا في نهاية المطاف إلى أقلية في المدينة.

وعلى كل حال مازال الوقت متاحا ًلكلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لترتيب أمورهم ومعالجتها من أجل التوجه للمفاوضات التي دعا إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بعد شهرين من الآن.

وعلى الرغم من أن إعلان هذه الوثيقة جاء تحديا ًفي وجه الاحتلال الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني في وقت نحن بحاجة فيه لاتخاذ خطوات جادة في مواجهتهما إلا أنها لا بد أن تجيب على كل هذه التساؤلات السابقة وأن تمتع بالمرونة في التعامل مع كافة المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية، وبالتالي إذا لم تتغير المعطيات على أرض الواقع، فهل سنستمر في إعلان الدولة؟ وإذا كان كذلك فعلينا أن نكون جادين في ماهية وشكل الدولة التي نريدها.

http://www.miftah.org