كرامة العرب والمسلمين، مسألة فيها نظر!!
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2009/9/28

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10869

وكأنما يعيد التاريخ نفسه، يعيدنا إلى ما قبل تسع سنوات لاندلاع انتفاضة الأقصى، في نفس هذا اليوم، حين اقتحم ارئيل شارون زعيم الليكود، ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق، المسجد الأقصى تحت حماية أكثر من ثلاثة آلاف رجل أمن، الأمر الذي أطلق شرارة الانتفاضة في 28/9/2000.

17 جريحاً في المواجهات التي اندلعت أمس في باحات المسجد الأقصى، إثر التصدي لمحاولة متطرفين يهود اقتحامه بدعوى زيارة الهيكل المزعوم في "عيد الغفران"، بحماية الشرطة وقوات الأمن الإسرائيلية التي قابلت المصلين بالأعيرة المطاطية وقنابل الصوت والغاز.

موقف الفلسطينيين موقف معروف ومتوقع، فإسرائيل لم تدرك بعد حقيقة الإصرار الفلسطيني في الدفاع عن المسجد الأقصى، والمدينة المقدسة وكل المحاولات التي ترمي إلى تهويدها، وفي كل مرة تحاول جس نبض أهالي المدينة، بمثل هذه المواقف الاستفزازية، لكن رد الفعل الفلسطيني هو نفسه، دفاع وتصدي بالروح والجسد دون كلل أو ملل، غير أن ما يحصل في القدس ليست خطة مستوطنين متطرفين فحسب وإنما هو مخطط دولة بأكملها.

الموقف العربي والدولي أيضاً كان متوقعاً، ولم يأت بجديد، بيانات شجب واستنكار وخطابات تحذير وتهديد لإسرائيل، بأن لا تتمادى في عدوانها على المسجد الأقصى، لأنه خط أحمر، لكن إسرائيل لا ترى لا أحمرا ًولا أخضراً، فيما يخص المسجد الأقصى، وتهويد القدس، وطرد المقدسيين، وسحب هوياتهم وملاحقتهم، وهدم منازلهم والاستيلاء عليها من أجل المستوطنين، والسيطرة على كافة مداخل المسجد الأقصى، وهدم حي سلوان، والاستيلاء على جبل المكبر وصور باهر، والسواهرة، وتوسيع جدار الضم والتوسع، والإعلان عن مخططات من أجل توسيع الاستيطان وفي المستقبل، بناء القدس الكبرى، وطرد الفلسطينيين منها، واستمرار الحفريات تحت المسجد الأقصى.

ولا أحد يأخذ أياً مما سبق على محمل الجد، وفي وجه كل هذا يقول العرب والمسلمون مخاطبون إسرائيل، لا تستفزينا أكثر من ذلك!! لأننا سنغضب، ولن تحمد عقبى غضبنا!!

الموقف العربي لن يتغير اتجاه أي من القضايا المصيرية سواءً الاستيطان أو تهويد القدس، أو غيرها، فهو لم يكن يوماً بالمستوى المطلوب، ولم يمنع إسرائيل من أن تقتل 1400 فلسطينياً في عدوانها على قطاع غزة نهاية كانون الأول من العام الماضي، ولم يُغير شيئاً خلال تسع سنوات قبلها، ابتداءً بانتفاضة الأقصى، وانتهاءً بالعدوان على غزة، وما بينهما. وإذا ما هُدم الأقصى فسيبقى الحال على ما هو عليه، بدعوى أن أسوء مخاوفنا قد تحققت، وقد فات الأوان على التحرك، وسيكفينا عدد من البيانات بالشجب والاستنكار والإدانة، تترافق مع بضع مسيرات ومظاهرات احتجاجية للشعوب العربية، حتى تحرق فيها أعلام إسرائيل وأمريكا ، وتفرغ غضبها.

وإذا كان هذا هو موقف العرب والمسلمين، اتجاه ما حدث ويحدث في المسجد الأقصى، والذي يعتبر ملكاً عاماً لهما، فكيف لنا أن نتوقع موقفا ًدولياً صارماً اتجاه ما يحدث له، ليس باعتباره واحداً من أهم المقدسات لدى المسلمين، وإنما لأنه مكان تاريخي وإرث حضاري، ففي حين سارعت كل المؤسسات الدولية في العالم، لحماية تمثالي بوذا من الهدم وطالبت بحمايتهما باعتبارهما إرثاً حضارياً وإنسانياً يجب الحفاظ عليه، وعندما أصرت حركة طالبان على هدمهما في أفغانستان، قامت الدنيا ولم تقعد فهو ذنب لا يغتفر، بينما اقتحام المساجد والمقدسات، مسألة فيها نظر؟

وعلى ضوء هذه المحاولات المتكررة للجماعات اليهودية المتطرفة من اقتحام الأقصى، بات من الضروري وضع موضوع القدس والأقصى في سلم الأولويات، في أي مبادرة لتحريك عملية السلام، والمفاوضات والتي لن تستمر ولن تكون مجدية في أي حال من الأحوال ما دام هذا هو حال الأمر الواقع على الأرض.

فيما تعرقل إسرائيل أي جهود لتهدئة قريبة أو مفاوضات، وتستمر في ممارساتها اللا إنسانية اتجاه الفلسطينيين وإذلالهم صبحاً ومساءً، وإهانتها للعرب والمسلمين، باستمرارها بالاستيطان، والانتهاكات للمقدسات.

وفي كل الأحوال فإن المطلوب حالياً تحرك عربي وإسلامي ودولي من أجل وقف هذا الاستهتار الإسرائيلي بأمن المنطقة، واستقرارها، إذا كانت النوايا جادة فيما يتعلق بالمفاوضات وإحياء عملية السلام.

فالفلسطينيون وأهل القدس قاموا بدورهم من أجل الدفاع عن أنفسهم وعن مدينتهم، ولكن ما سيقدم العرب والمسلمون؟

http://www.miftah.org