الورقة المصرية، هل تبشر باتفاق وشيك؟
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2009/10/1

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10882

إذن جاء رد حركة حماس على الورقة المصرية، حيث سلم خالد مشعل رد الحركة لدى توجهه للقاهرة، عندما وضح أن حماس فضلت الحضور شخصياً للقاهرة لتبرهن على اهتمامها بتوقيع الاتفاق.

ورغم بعض الاختلافات والتساؤلات المعهودة التي أعقبت صدور الورقة المصرية، إلا أن أجواءً من التفاؤل والإيجابية تسود المرحلة الحالية، في صورة مبشرة لاتفاق وشيك، سيكون أحد أهم عوامل نجاحه، هو صموده واستمراره.

فتح وحماس قدمتا ملاحظاتهما وردودهما على الورقة، ففتح وصفت تصريحات مشعل بالإيجابية، وشددت على ضرورة تعيين موعد محدد لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في ال25 من حزيران العام القادم، وحماس قدمت ردوداً وملاحظات إيجابية على الورقة، كان من أبرزها عدم إجراء انتخابات قبل إنهاء الانقسام وأن تتم معالجة ملف المعتقلين السياسيين قبل التوقيع على أي اتفاق أو مصالحة، وأن تشمل صلاحيات اللجنة المشتركة وإصلاح الأجهزة الأمنية الضفة الغربية وقطاع غزة.

ورغم أجواء التفاؤل هذه، تأتي ملاحظات وتحفظات كلا الجانبين، لتضع العقدة في المنشار، وتنذر باستحالة إنهاء الانقسام، وضرورة التأقلم مع اعتباره أمراً واقعاً، فالقضايا الخلافية العالقة بين الطرفين، وأهمها: (تشكيل الحكومة، والأمن والمعتقلين،...) وغيرها، ما زالت هي ذاتها ولن تتغير الرؤية فيها ما لم يتفق الجانبان على تجاهلها وإيجاد بدائل لها.

وإن أي اتفاق لا يستند على مرجعية واحدة تحدد المهام وتقسم المسؤوليات، على أساس الشراكة والتعددية والمحاصصة بالتساوي، مع قبول كل الأطراف، والتغاضي عن منطق المحاسبة، والمحاكمة، وتلقين الدروس والانتقام، ورد الصاع صاعين، سيكون مصيره كمصير غيره من الاتفاقات التي امتلأت بها أدراج المكاتب ولن يصمد طويلاً أمام المتغيرات على أر ض الواقع.

والأهم من كل ذلك هو ضرورة التجاوز عن الخوض في التفاصيل المقيتة التي كثيراً ما تكون عقبة في وضع أي اتفاق حيز التنفيذ، فيتوجب على الطرفان الآن عدم الخوض بل وإغفال التفاصيل الدقيقة، التي لم نعهدها أبداً لدى الجانب الفلسطيني، طيلة سنوات تفاوضه مع الإسرائيليين، في مفارقة غريبة.

على كل حال، وعلى ضوء ما يحصل، فإن الأمل بنجاح المصالحة الفلسطينية الوطنية القادمة على الأبواب، قد يتبدد وتذهب ريحه أدراج الرياح إذا ما استمرت الخلافات حول القضايا الحساسة قائمة، وخاصة موعد إجراء الانتخابات واللجنة المشتركة والمعتقلين والقوى الأمنية المشتركة.

وإن كل المعطيات التي أفرزتها الأسابيع القليلة الماضية خاصة بعد القمة الثلاثية الفلسطينية الأمريكية الإسرائيلية، ودعوة اللجنة الرباعية لاستئناف المفاوضات، في ظل استمرار الاستيطان، إنما يدل دلالة واضحة، على أنه لا يمكن التعويل على الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي، في مواجهة التعنت الإسرائيلي، وتحقيق المصالح والحقوق الفلسطينية، بل ينبغي أن يكون هناك تحرك وطني فلسطيني، همه الأول هو إنهاء الانقسام وتوحيد شطري الوطن لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، في كل المجالات وعلى جميع الأصعدة ابتداءً بتهويد القدس، ومروراً باستمرار بناء الجدار والمستوطنات.

وإن ما حدث من تنازل من قبل القيادة الفلسطينية عن شروطها بتجميد الاستيطان ووضع مرجعية واضحة للتفاوض، كشرط أساسي للقاء، لاشك أضعف موقف الجانب الفلسطيني، الذي بدا واضحاً أنه لم يصمد طويلاً أمام الضغوطات الدولية التي دفعت باتجاه اللقاء والتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية الماضية في هدم أي أساس للتفاوض أو الحل والنقاش، فارضة سياسة الأمر الواقع، متعذرة بكل الأعذار والشروط الواهية لبدء التفاوض.

وعلى ضوء ما تقدم فلن يكون هناك بديل عن المصالحة الوطنية الحقيقية، بتصفية النفوس، والمسامحة، على مبدأ عفا الله عما سلف، لتكون مصالحة يتبعها ترجمة حقيقة على الأرض، وليست اتفاق لا يتجاوز كونه حبراً على ورق ولا يخرجنا من دوامة الانقسام والضياع جراء استغلال هذا الواقع إسرائيلياً على مدى العامين الماضيين.

http://www.miftah.org