الوعود الأمريكية..وعلاقتها بالمصداقية!!
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2009/11/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=10985

مما لاشك فيه أن ملامح الموقف الأمريكي من عملية السلام، باتت واضحة تماماً وأُميط اللثام عن حقيقة الوعود التي تغنى بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في خطابه الذي ألقاه في القاهرة، والذي تعهد فيه بجهود الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لحملها على الاستجابة لمتطلبات السلام.

وطرب العالم العربي أجمع، والفلسطينيون بشكل خاص لمثل هذه الوعود الأمريكية والتي لم يسمعها من أي إدارة أمريكية سابقة، فيما يتعلق بضرورة وقف الاستيطان واستئناف سريع وفاعل لعملية السلام في الشرق الأوسط.

ثم أخيراً تأتي وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، وتلقي اللوم على القيادة الفلسطينية عن تعثر المفاوضات، وتشيد بما وصفته بالعرض غير المسبوق لنتنياهو إزاء مسألة الاستيطان، حيث أبلغت الرئيس الفلسطيني بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو مُصرٌ على أن لا يشمل وقف الاستيطان 3000 وحدة استيطانية قيد البناء، وأن يتم استثناء القدس من أي تجميد للاستيطان. في المقابل تعهدت كلينتون للرئيس الفلسطيني بالتزام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإقامة الدولة الفلسطينية خلال 24 شهراً، وأن الإدارة الأمريكية تعتبر الاستيطان غير شرعي.

كما تعهد الأمريكيون بإعلان أن الضم الإسرائيلي للقدس الشرقية غير شرعي وغير مقبول، وأن هذه الصفقة لا تلبي وقف الاستيطان بشكل عام.

خيبة أمل وإحباط هما حالُ كل من حاول تصديق الوعود الأمريكية التي تبعثرت عند أول عتبة في طريقها إلى العملية التفاوضية، وبشرت الفلسطينيين ببناء دولة مستقلة وكبحها للنزعة التوسعية الإسرائيلية.

لكن أي دولة هذه التي ستقام على ما تبقى من الأرض، أو ما زاد منها عن حاجة المستوطنين؟

تراجع خطير في موقف الإدارة الأمريكية، وإن دل على شيء فإنه يدل على تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل على أنها دولة فوق القانون الدولي وفوق الشرعية الدولية، بما يضرب مصداقية واشنطن ويقوضها.

الجانب الأمريكي الذي قدم طوال الأشهر السابقة عرضاً سحرياً عجيباً سلب فيه عقول العالم أجمع، وكان الفلسطينيون على شفا حفرة من أن يصدقوا أن حكاية السياسة الأمريكية على وشك أن تتغير تماماً مثلما صدقوا أن رئيساً أسوداً حكم البيت الأبيض، وهم الذين تحملوا سابقاً التعنت الإسرائيلي أمام الضغط الأمريكي لوقف الاستيطان، لكنهم مضطرون الآن لمواجهة المعادلة المقلوبة بالانحياز الأمريكي للجانب الإسرائيلي، بعدما فشل في الضغط عليه، فهل ستتمسك القيادة الفلسطينية بموقفها الثابت حيال هذه القضية؟؟ ام انها ستلين وتفاوض؟؟.

الآن هناك خيار واحد فقط أمام الرئيس عباس، هو عدم الرضوخ لهذا الضغط الأمريكي غير المقبول وغير المنطقي، والتخلي عن كل الوعود الزائفة والمفاوضات العبثية التي لا تستند لأهداف ومرجعية واضحة، وعدم استئناف المفاوضات بدون شرط وقف الاستيطان، ومن ثم العودة إلى الشعب وتوحيد صفوفه.

وإلا فإن الإسرائيليين سيخرجون كل قضايا الحل النهائي واحدة تلو الأخرى من ملف المفاوضات، وأولها القدس، تماماً مثلما أخرجوا الاستيطان منه.

http://www.miftah.org