بعد الاحتكار ..المواطن يختار.
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2009/11/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11015

أكثر من عشر سنوات تفردت خلالها شركة الاتصالات الخلوية الفلسطينية- جوال، بالسوق وبالمستخدم الفلسطيني، دون أن تشغل بالها بضمان بقاء هذا المستهلك الذي لم يكن يملك الكثير من الخيارات، أو لم يملك خياراً آخراً غير "جوال" كشركة فلسطينية.

الآن وبعد ولادة مشغل جديد للاتصالات الخلوية ألا وهي شركة "الوطنية موبايل"، بعد تأخر إطلاقها لأكثر من عامين، بسبب احتجاز سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتردداتها، وابتزاز السلطة الوطنية، في أكثر من مناسبة للإفراج عنها، بدأت "الوطنية" حملتها الإعلانية الجديدة، والتي كان أبرزها، إعلان "بس شقلبها"، والذي يشير إلى قلب الرقم (9) في مقدمة جوال (059) لتصبح مقدمة الوطنية (056)، الأمر الذي لم يستغرق جوال كثيراً لترد، -رغم إنني شخصياً لا أعرف إن كانتا قد بدأتا هذه الحملة معاً أم أن الوطنية هي من بادر بإدخال جوال بشكل مباشر إلى إعلاناتها-، في كل الأحوال فمن المرجح أن تكون جوال قد اعتبرته إعلاناً للحرب عليها، كونه دعوة صريحة لمستخدميها (1.54 مليون) بالانقلاب على الشركة التي خدمتهم على امتداد السنوات العشر السابقة، واستبدال شرائح الوطنية بشرائح جوال.

فقد سارعت لإطلاق حملة عبر الصحف واللوحات الإعلانية في أهم الأماكن العامة والشوارع، تحمل شعار "خليك كبير"، في إعلان جاء على شكل درس رياضيات يؤكد أن 9< 6، مع تثبيت ال9 بالبراغي، بالإضافة إلى الإعلانات الإذاعية التي تشيد بكون جوال شبكة فلسطين الأولى، وأنها شركة فلسطينية خالصة، - مع العلم أن ملكية شركة الوطنية موبايل تعود بنسبة 57% للشركة الوطنية الدولية للاتصالات وهي شركة كويتية تملك شركة الاتصالات القطرية"كيوتل" 51% من أسهمها.

على كل حال فهي الحرب التنافسية إذن، التي نقف على أعتباها بيد أنها لم تبدأ بعد.

ورغم أن شركة جوال تحاول الإشارة دوماً وفي كل مناسبة أن الوطنية لا تشكل منافساً حقيقياً لها، وهي صاحبة الامتياز الأول في فلسطين، إلا إنها منذ بدء العمل عل تأسيس "الوطنية موبايل"، تسابق الريح ولا تدخر جهداً فيما قد نسميه مجازاً "إرهاق" المستهلك بعروضها وإعلاناتها وخدماتها الجديدة والمميزة، حتى لم يعد يحفظ منها شيئاً، لكثرتها بل اختلطت عليه جميعها، فبين إعلان جوال وإعلان جوال هناك إعلان آخر لجوال، الأمر الذي لاشك يشير إلى تهديد الوطنية ومزاحمتها جوال على مستخدميها.

والمستفيد الأكبر من هذه المعركة هو المواطن، الذي سيحظى أولاً بفرصة الاختيار لما يناسبه من عروض، بعد أن كان المتضرر الوحيد من الاحتكار، من قبل شركة واحدة لا منافس لها، كما أن الإيجابية الأخرى هي لا شك خلق مجال أوسع للإبداع وإطلاق العنان للأفكار الخلاقة والذكية لجلب المستخدمين، لكن المهم أولاً: أن يكون ذلك في سياق المنافسة الشريفة والنزيهة بعيداً عن التجاوزات الأخلاقية، وثانياً: أن تكون هذه العروض صادقة ولصالح المستخدم.

بيد أن هذا التنافس بين الأحمر والأخضر، وهي ألوان الشركتين الوطنية وجوال- على التوالي-، حوله المواطنون لمصدر للتهكم والاستمتاع بما ستؤول إليه المنافسة عليهم، على مبدأ "الله يكتر من تنافسهم ويخفض من أسعارهم".

لكن مربط الفرس هو، إذا كان مستخدمو جوال يستحقون بالفعل كل هذه الامتيازات والعروض، فلماذا حُرموا منها طوال السنوات الماضية، ولم يفرج عنها إلا الآن بدخول منافس جديد على الخط؟!، وهل كان من الممكن يوماً أن يتمتع بمثل هذه العروض إذا لم تأت الوطنية لتنافس جوال؟.

بقي أن نشير إلى أن شركة جوال كانت قد بيعت إلى شركة الاتصالات الخلوية الكويتية– زين، بيد أن الصفقة مازالت بحاجة لمزيد من الوقت لإتمام الإجراءات، فكيف ستكون عليه المواجهة بين زين والوطنية؟

على كل حال نحن مستخدمو جوال على علم بخدمات الشركة وإمكانياتها، لكن فيما يتعلق بالوطنية موبايل، نأمل أن تفاجئنا بأكثر مما نتوقع، ولاشك أنها تشكل استثماراً عربياً هاماً في الاقتصاد الفلسطيني، وإذا ما نجحت ستكون دليلاً على تحسنه، وفي كل الأحوال نتمنى لها التوفيق، ولا يسعنا أن نقول عنها إلا كما يقول المثل الشعبي "لا بذم ولا بشكر إلا بعد سنة وستة أشهر" والتجربة خير برهان، فهل ستبقى كبير مع جوال أم ستشقلبها مع الوطنية؟.

http://www.miftah.org