دولة فلسطينية مقبلة عاصمتها القدس..بانتظار التأشيرة الأوروبية.
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2009/12/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11084

أيام معدودات تفصلنا عن الثامن من الشهر الجاري موعد تقديم اقتراح الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي على وزراء الخارجية الأوروبيين للموافقة عليه، والذي اقترح اعتبار القدس الشرقية 'عاصمة لدولة فلسطينية مقبلة' في إطار حل سلمي تفاوضي مع الدولة العبرية.

هذه الخطوة النوعية التي أقدم عليها الاتحاد الأوروبي، تأتي في ظل مواصلة حكومة الاحتلال الإسرائيلية، لسياستها في تهويد القدس، وطرد سكانها من منازلهم، وتوطين المستوطنين فيها، تماما ًكما حدث قبل يومين عندما اقتحم مجموعة من المستوطنين منزل عائلة الكرد في حي الشيخ جراح بالقدس بحماية جيش الاحتلال، ومن ثم استولوا عليه، بعد أن رفضت محكمة الصلح الإسرائيلية التماس من عائلة الكرد يطالب المحكمة بعودة العائلة إلى المنزل.

هذا كله بالتزامن مع سياسية التطهير العرقي التي تنتهجها حكومة الاحتلال، من خلال تجريد المقدسيين من حقهم بالإقامة بالقدس، بمصادرة هوياتهم المقدسية، حيث كشفت مصادر إسرائيلية أن العام الماضي سجل رقماً قياسياً لعدد المواطنين العرب في القدس الشرقية الذين سحبت وزارة الداخلية الإسرائيلية حقوق الإقامة منهم. وبشكل إجمالي فقد ألغت الوزارة إقامة 4,577 مقدسيا العام 2008، أي أكثر ب 21 ضعفاً عن معدل سحب هويات الإقامة السنوي طيلة ال 40 عاماً الماضية.

ناهيك عن الزحف الاستيطاني الذي يلتهم المدينة ويهودها، حيث صادق نتنياهو أمس على بناء 84 مبنى في المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وذلك رغم التصريحات الإسرائيلية السابقة التي أكدت أنه جرى التجميد في بناء المستوطنات بالضفة لمدة 10 شهور، وبذلك ارتفع عدد الوحدات الاستيطانية الجديدة المصادق على بنائها في غضون يومين فقط إلى 109 وحدات.

وطالما أن هذا هو حال القدس، فلن يكون أي وجود لحل قريب، فاستقرارها أو عدمه مؤشر لمستقبل سلمي أو صراع أبدي، ومن هنا يأتي قرار الاتحاد الأوروبي كنتيجة منطقية لهذه الانتهاكات الإسرائيلية والتي تهدف إلى تغيير واقع القدس الديمغرافي والجغرافي بهدف فصلها وعزلها عن محيطها الفلسطيني، في ظل انعدام أي فرصة تبشر بحل سلمي، أو باستئناف المفاوضات، إثر التعنت الإسرائيلي وعدم الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية وبالمرجعيات المستندة إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي، أو بأي التزام مؤقت لوقف الاستيطان في الضفة الغربية وخاصة في القدس، لذا لابد من استثمار هذا الموقف الأوروبي لخلق إرادة سياسية قوية، تستقطب الأطراف الدولية الأخرى لتبني هذا القرار، ما يشكل ضغطاً على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، وبحيث تترجم هذه الإرادة إلى خطوات عملية فاعلة تفضح جرائم الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس خاصة، وتسترجع الحقوق الفلسطينية، إذ أن هذا الموقف يشكل قوة دافعة للدبلوماسية الفلسطينية في استخلاص اعتراف مجلس الأمن بحدود الرابع من حزيران 1967، حدوداً للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وبالتالي يتوجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته اتجاه تعريف حل الدولتين على أساس الشرعية الدولية والقانون الدولي.

فقرارا ً كهذا سيكون بمثابة الدفعة الحقيقية للشعب الفلسطيني الذي لم يجن شيئاً من سنين المفاوضات التي مضت، و لم يحقق مشروعه الوطني بسبب التمادي الإسرائيلي في سياسته وأطماعه التوسعية.

وما يثير الغرابة والاستهجان هو الحملة الدبلوماسية والتهديدات التي أطلقتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، للاتحاد الأوروبي، بحرمانه من المشاركة كوسيط في العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، إذا ما أصر على مشاركة القدس واعتبار الجزء الشرقي منها عاصمة الدولة الفلسطينية، بصورة أقل ما يمكن وصفها بالغطرسة الإسرائيلية، حيث تعطي إسرائيل لنفسها الحق بإخراج أو إدخال من تشاء في العملية السلمية في المنطقة، وكأنها صاحبة الشأن الوحيدة، ولم تكتف بذلك فحسب بل ذهبت إلى العمل على إحباط مشروع القرار و اتهامها للسويد بأنها تتبع خطاً معادياً لإسرائيل.

مما قد يولد المخاوف لدينا بإمكانية تراجع الأوروبيين عن موقفهم، ويبدد آمالنا كالمعتاد بالظفر بأي فرصة.

وعلى الرغم من أن البعض ربط بين المقترح الأوروبي وبين خطة سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني، بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وإنهاء الاحتلال، وجاء تأييداً لها، إلا أن الموقف الأوروبي وحسب التقديرات الدولية، جاء تعبيراً عن قلق الاتحاد من الجمود السياسي في العملية السلمية، وجاء تطبيقاً للقانون الدولي وحماية القرارات الدولية، كما جاء على لسان السيد (مارك أوت) المسؤول الجديد لملف الشرق الأوسط في الإتحاد الأوروبي، وحسب المؤشرات والمعطيات فلم يأخذَ في اعتباره مشروع فياض.

ولذلك وحتى يتأكد الاعتراف الأوروبي والدولي بدولة فلسطينية عاصمتها القدس، وحتى تتحقق النتائج المضمونة للمفاوضات، فلا بد من أن يتوفر أولاً: الوقف الكامل وغير المشروط للاستيطان، والاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني التي أقرتها المرجعيات الدولية، ومتطلبات الأمن والاستقرار لجميع الأطراف، ومن ثم الالتزام الأمريكي الفعلي، بسياسته المعلنة بشأن وقف الاستيطان وإقامة الدولة.

http://www.miftah.org