المحكمة الاسرائيلية العليا تحظر مؤقتا بناء الجدار في منطقة اللطرون
بقلم: مفتاح
2004/6/17

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=1111


هل اخطأت الاستخبارات الإسرائيلية في تقديمها للرئيس الفلسطيني وهل خدعت الحكومة أم أن الأخيرة كانت راغبة في الانخداع؟ وهل استهدفت الحكومة الإسرائيلية ياسر عرفات شخصياً ثم طلبت من الاستخبارات أن تبني ملفاً ضده فلجأت هذه إلى التلفيق متخلية عن تقديرات سابقة لديها؟ جدل لافت في الصحف العبرية، لكنه لا يزال محدوداً وغير هادف أقله لتصحيح الخطأ.

المعلومات التي كشفها عكيفا الدار، قبل اسبوع، جديرة بالمتابعة. كان كثيرون من العرب والإسرائيليين يعرفون أن «الملف» الاستخباري مفبرك. إيهود باراك أراده للانتقام من عرفات الذي اسقط عليه رئيس الوزراء السابق كل أسباب فشله، وارييل شارون بحث عن «الملف» وطلب تضخيمه بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 1002 ليصبح ترويجه أسهل لدى الاميركيين.

الآن اصبح للتلفيق اسم، إنه عاموس جلعاد الذي تقلب في مناصب استخبارية عدة، كان له دور في خداع الإدارة الاميركية بالنسبة إلى أسلحة الدمار الشامل العراقية. هو الآخر صبَّ معلومات عن تلك الأسلحة في طاحونة التحضير للحرب. وكان له دور في اقناع الاميركيين، الراغبين جداً في الاقتناع، بأن ثمة علاقة بين النظام العراقي السابق وتنظيم «القاعدة». وكان هذا عنصراً حاسماً في وضع الحرب على العراق في سياق الحرب على الإرهاب. بعد احتلال العراق وانكشاف التلفيقات وبدء التحقيقات في واشنطن أشير إلى جلعاد بشكل عابر، لكن كُتّاباً إسرائيليين عديدين تساءلوا متى يحاسب هذا الرجل. لكنه لا يزال يعمل في مجاله المفضل: الأكاذيب التي تخدم السياسيين، بل يطالبون بها بإلحاح. شارون لا يزال يعتمد عليه.

الاتهام لجلعاد بالكذب في شأن عرفات يأتي هذه المرة من مسؤول استخباري سابق هو عاموس مالكا، ومن آخرين مروا في الأجهزة وكان رصد الرئيس الفلسطيني جزءاً أساسياً من عملهم. بعد اتفاقات أوسلو، وتسلم السلطة الفلسطينية إدارة المناطق المحتلة «سابقا» واستمرار التفاوض بين الطرفين بل بعد نشوة علاقات واتصالات بين مسؤولين من الجانبين، لم تعد هناك عراقيل أمام الاستخباريين لتحديد تقديراتهم للسياسيين. وبعد مرور أربعة أعوام على مفاوضات كامب ديفيد بدأ الآن، فقط الآن، يسمع صوت العقلانيين الذين باتوا أكثر استعداداً للإشارة إلى أخطاء الجانب الإسرائيلي، واعتماد فرضي يرى وهمية بناء على خدع تفاوضية رموها للتعمية وراحوا بعدئذ يحاسبون الطرف الآخر لأنه لم يشأ الإنجرار إليها. وأكبر الأكاذيب تقول ان عرفات رفض عرضاً يعيد إلى الفلسطينيين 89 في المئة من أرضهم، معانداً بشأن حق العودة ووضع القدس. اليوم هناك من يقول إسرائيلياً ان ذلك «العرض» لم يكن فعلاً على الطاولة، وإنما كان مجرد فكرة. أما حق العودة ووضع القدس فيعلم الجميع أنه جزء أساسي من المفاوضات منذ «أوسلو» وما قبله، لكن الإسرائيليين اقنعوا أنفسهم بأن هاتين القضيتين غير قابلتين للتفاوض.

في أي حال، عودة إلى «ملف عرفات» الذي بات يشبه ملف أسلحة العراق، والذي استندت إليه إدارة جورج بوش لـ«شطب» رئيس منتخب لا يقف منه شعبه موقف الشعب العراقي من صدام حسين. هناك الكثير من المآخذ على أداء الرئيس الفلسطيني، لكن إدارة بوش أنجرّت إلى تقويم إسرائيلي بحت لتحديد موقفها من قضية الشعب الفلسطيني برمتها وانزلقت إلى اعتبارها مجرد «قضية إرهاب». ارييل شارون وشاول موفاز وسائر أفراد العصابة هم الذين ينظر إليهم المجتمع الدولي باحتقار ويصنفهم كمجرمي حرب، وهم الذين حملوا «ملف عرفات» إلى واشنطن طالبين الموافقة على تصفيته جسدياً ظناً منهم أن ذلك ينهي متاعبهم.

المسألة ليست في البحث عن «براءة» لعرفات مما اتهموه به. المسألة هي أن العالم تساهل كثيراً مع مجرمي الحرب هؤلاء وسمح لهم بالتمادي في إهانة شعب عبر إهانة رئيسه. العالم بالنسبة إلى هؤلاء يختصر بشخص جورج بوش الذي استطاعوا اختراقه عبر مساعديه وعبر تلفيقات مبرمجة. هذه الكذبة أيضاً يجب فتح تحقيق فيها. والأهم يجب انتهاء الاعتماد عليها، لأنها فعلت فعلها في إفساد أي سلام ممكن. - الحياة اللندنية -

http://www.miftah.org