كابوس النكبة لم يغادر الفلسطينيين!
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/1/21

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11226

لم تكتف إسرائيل بطردها وتهجيرها للفلسطينيين من بيوتهم وأرضهم منذ العام 1948، بل ولم تكتفي حتى بطرد الفلسطينيين وهدم منازلهم في الضفة الغربية وخاصة في القدس، لم يرضيها كل ذلك، بل طالت سياستها العنصرية، حتى سكانها من فلسطينيي ال48، ففي حلقة جديدة من مسلسل النكبة المستمر بحق الوجود الفلسطيني، طالعتنا صحف الأمس بإخلاء السلطات الإسرائيلية لنحو 400 عائلة فلسطينية من منازلها في يافا، وإصدار 30 أمر هدم فوري في اللد والرملة.

وبحسب التقارير الصحفية فإن الأحياء العربية في المدن المذكورة يقطنها قرابة ال90 ألف نسمة باتت أشبه بمخيمات لاجئين فهي تُستثنى من معظم الخدمات، مقابل أحياء اليهود الفاخرة، وحيث أصبح هدم منازل العرب مشهداً عادياً، في صورة تؤكد عقلية الدولة المحتلة التي تتشدق بديمقراطيتها في كل المحافل، بينما تمارس أبشع أشكال التطهير العرقي اتجاه مواطنيها العرب، فتلاحقهم وتضيق الخناق عليهم، وتفرض سياستها التميزية ضدهم في مختلف المجالات الحياتية، والاجتماعية والاقتصادية والتعليمة والصحية وغيرها، فلا تدخر جهداً في حرمانهم من أبسط حقوقهم بالعيش الكريم، منتهجة سياستها المعهودة بالتهجير القسري وحرمانهم من البناء والتوسع أو حتى الترميم، بل وعرض أملاك اللاجئين الفلسطينيين للبيع.

ورغم أنها ليست المحاولة الأولى ولن تكون الأخيرة في سعي الدولة اليهودية الحثيث لمحاربة كل ما هو عربي وفلسطيني، ولفرض يهوديتها على كل ما هو ضمن حدودها، إلا أن تماديها وإمعانها غير المسبوق بحق مواطنيها العرب بهدف تفريغهم من المدن ومواصلة تهويدها، وممارساتها اللإ إنسانية تجاههم، إنما يشكل خرقاً واضحاً لأي اتفاقيات أو قوانين دولية أو إنسانية، إذ أن الأنظمة الملحقة بمعاهدة لاهاي بخصوص أحكام الحرب لعام 1907، وكذلك معاهدة جنيف الرابعة نصت على وجوب احترام حق الملكية الفردية وتحظر، بشكل صريح، المصادرة النهائية للممتلكات بعد انتهاء الحرب.

إذن هذا هو مسلسل الاضطهاد والظلم الإسرائيلي، والذي لم يتوقف يوماً، فهاهو كابوس النكبة لا ينفك يلاحق الفلسطينيين، فسياسة إسرائيل التي بدأتها على أنقاض منازل الفلسطينيين وأحلامهم ودمائهم منذ العام 1948، هي ذاتها التي تمارسها حتى اليوم، فهي لم تغادر أبدا سياسة هدم المنازل وطرد ساكنيها، سواء في الضفة الغربية أو القدس التي تعاني من أبشع حملات التطهير العرقي، بطرد المقدسيين ومصادرة هوياتهم وأرضهم، وقد أكد مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية في القدس، في بيانٍ له يوم الأحد 3 كانون الثاني- يناير 2010، أن الاحتلال هدم منذ (1-1-2000) وحتى (31-12- 2009) 969 منزلاً بالضفة الغربية؛ منها 92 حالة هدم وإخلاء واستيلاء عام، وأشار البيان إلى أن الاحتلال منذ قيامه دمَّر 531 مدينة وقرية في نكبة فلسطين عام 1948، وشرَّد 804 آلاف و766 فلسطينياً، كما أصدرت وزارة الإعلام الفلسطينية برام الله تقريراً أوضحت فيه أن قوات الاحتلال هدمت منذ العام 1967 ما يفوق 23 ألف منزل فلسطيني.

جربمة جديدة تستهدف وجود الفلسطينيين في أرضهم، بل ونكبة جديدة ينفذونها بعد أن تنكروا للأولى، وسعوا لإلغاء "النكبة" من ذاكرة فلسطيني ال48، ومن عقول أبنائهم، عندما قرر قبل عدة أشهر وزير التربية والتعليم الإسرائيلي جدعون ساعر شطب مصطلح "النكبة" من المناهج الدراسية لطلبة المدارس العربية (الفلسطينية) وبالتحديد صفي الثالث والرابع، وحاول من قبله وزير المواصلات الإسرائيلي من حزب الليكود يسرائيل كاتس، تهويد لافتات الطرق وشطب الأسماء العربية عنها واستبدالها بأسماء عبرية، كما وصادق على استبدال الأسماء العربية للقرى والمدن العربية في أراضي 48 بالأسماء كما تلفظ بها بالعبرية، كل هذا ضمن مسلسل التهويد والسرقة التاريخية الممنهجة التي تمارسها إسرائيل يومياً، سواءً في الضفة الغربية وخاصة القدس، أو في فلسطين ال48.

إن هذا التصعيد الخطير لاقتلاع ما تبقى من عروبة ومواطنين عرب في فلسطين بعد نكبة 1948م، ما من شك أنه سيترتب عليه أبعاداً خطيرة، فالضغط الذي تمارسه إسرائيل على مواطنيها العرب، سيولد الانفجار وستتحمل حكومة الاحتلال وحدها نتائج خطتها الإستراتيجية للتهويد والإقصاء وما ينجم عنها من تداعيات، وأمام هذا المشروع الصهيوني لابد من تحرك شعبي وعربي، للدفاع عن تاريخينا وحقوقنا الوطنية، أمام دولة تعتبر مواطنيها العرب عقبة في طريق تحقيق أطماعها التوسعية، وتحاول ما استطاعت فك ارتباطها معهم، ومن ثم وفي مفارقة غير منطقية، تطالبهم بالولاء ليهودية الدولة، والمطلوب الآن هو الدعم المادي والمعنوي للوقوف جنباً إلى جنب مع فلسطيني ال48، في دفاعهم عن أرضهم، ووجودهم وحقهم التاريخي في مواجهة نظام الأبرتايد الإسرائيلي.

http://www.miftah.org