عل مكشوف..إشهار الأسعار حقٌ وواجب.
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/2/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11296

تطالعنا هذه الأيام الصحف واللوحات الإعلانية المنتشرة في داخل المدن وعلى مداخلها، بحملة "ع المكشوف" من أجل إشهار الأسعار باعتبارها حقٌ وواجب، والتي أطلقها المجلس الفلسطيني لحماية المستهلك، في خطوة لطالما انتظرها المواطن الذي يدفع من جيبه ثمن استغلال التجار لحاجته، برفع الأسعار كما يحلو لهم، دون رقيب أو حسيب، في مختلف المناسبات والمواسم كشهر رمضان والأعياد وغيرها.

قرار ضرورة إشهار التسعيرة بالعملة المتداولة على وحدة البيع المعروضة للمستهلك بشكل مباشر، والصادر عن مجلس حماية المستهلك، واحد من أهم القرارات التي اتخذت لصالح المواطن، للوقوف في وجه ظاهرة رفع الأسعار العشوائية، خاصة مع ارتباط القرار بنظام عقوبات لكل من لا يلتزم به، مع إمكانية تحديد بعض السلع الأساسية وتسعيرها، بعد أن كانت محكومة بيد التجار وأصحاب المحال.

وتأتي هذه الحملة بتمويل من صندوق الكرامة الوطنية والتمكين الذاتي، وبالتزامن مع حملة تنظيف السوق الفلسطينية من منتجات المستوطنات، والعمل الجماعي على تكريس ثقافة دعم الاقتصاد والمنتج الوطني، والإقبال على المنتجات الفلسطينية.

إن هذه الخطوة هي الجواب الشافي الذي انتظره المواطن الفلسطيني من حكومته ومسؤوليه، حيث أنه أكثر من يتأثر بتقلب الأوضاع الاقتصادية وتذبذبها والتي تتمثل بالارتفاع الحاد للأسعار، خاصة أن أسعار السلع والخدمات في بلدنا، لا يمكن أن تنخفض وتعود لسابق عهدها إذا مازال المؤثر أو السبب لارتفاعها، سواءً أكان محلياً أم عالمياً، فهي متى ما ارتفعت لن تعود كما كانت عليه أبداً، لأن هناك دائماً نسبة من المواطنين المستعدين للشراء والمتأقلمين مع السعر الذي تقرر، وهؤلاء هم مربع اهتمام التاجر ولن يقلق بغيرهم ممن سيستغنون عن بضاعته لارتفاع سعرها.

وبالإضافة إلى ما سبق فإن عدم وجود قوى شعبية توعوية، قادرة على تشكيل حركة لمقاطعة السلع ذات الأسعار المرتفعة، شجع التجار على التمادي في ممارساتهم اللا قانونية واللا أخلاقية. وقد جاء هذا القرار طبقاً لقانون حماية المستهلك لعام 2005، فحسب المادة (17) من القانون، رقم (21) والذي ينص على التالي: "يجب على جميع التجار والمسوقين ومقدمي الخدمات على اختلاف أنشطتهم التجارية إشهار الأسعار على جميع السلع والخدمات بالعملة المتداولة على وحدة البيع المعروضة للمستهلك بشكل مباشر". وبالتالي فهذا القانون يشمل أيضاً مقدمي الخدمات، حيث يتعين على من يقدم الخدمات كالماء والكهرباء أن يضع سعر تعرفة الخدمة خلف الفاتورة الشهرية للمواطنين، وكذلك الأمر بالنسبة لأصحاب الأفران إذ يكون البيع بالوزن، وستقوم الجهات المختصة بتنفيذ القرار مطلع شهر نيسان القادم.

وسيحفز هذا القرار مؤسسات المجتمع المدني، نحو دعم وتبني قضايا المستهلكين التي تمس احتياجاتهم الأساسية، والاطلاع على تجارب الدول الأخرى في تنفيذ قوانين حماية المستهلك، ففي هذا القرار حماية له من الغبن والغش والخداع وكذلك خلق روح المنافسة بين التجار، إذ أن إيجاد آليات ناظمة للجميع، وإشهار السعر على أقل تقدير، ستتيح للمستهلك حرية الاختيار والتمييز وستشجع التجار على تقديم الأفضل، وذلك منوط بتجاوبهم مع هذا القرار الهادف إلى حمايتهم وحماية المواطن وتحديد العلاقة بينهما.

وكان قد أُعلن عن تشكيل المجلس الفلسطيني لحماية المستهلك، في العاشر من نوفمبر العام الماضي، وهو يتألف من ممثلين عن العديد من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بحماية المستهلك، ويأتي ذلك انسجاماً مع نصوص قانون حماية المستهلك الذي تناولت أحد مواده أهمية تشكيل هذا المجلس.

وقد أٌنيط بالمجلس الذي أقر 15 آذار يوماً للمستهلك الفلسطيني، العديد من المهام المتعلقة بتنظيم السوق وضبط جميع المتغيرات التي تحكم عملية تدفق وتداول السلع والمنتجات، حيث أن من أهم أهداف المجلس المشاركة في رسم العلاقة وتنسيقها ما بين كافة الجهات ذات العلاقة بحماية المستهلك، والعمل على توحيد الجهود الرقابية للجهات التنفيذية، وكذلك إلى دعم وتعزيز دور المستهلك في الاقتصاد الوطني، والحفاظ على الأمن الغذائي وسلامة الأسواق الداخلية التي تصب في حماية المواطن الفلسطيني.

كما لن تقتصر مهام المجلس الفلسطيني لحماية المستهلك على مراقبة السلع الغذائية والتموينية فحسب، بل سيكون من ضمن اختصاصه الإشراف على كافة السلع والخدمات كالبنوك وشركات التأمين وسوق المال وغيرها من الخدمات، كما أوضح وزير الاقتصاد الوطني د.حسن أبو لبده بصفته رئيسا للمجلس.

ونحن الآن بانتظار أن تدخل هذه القرارات حيز التنفيذ، والأهم من ذلك هو أن تطبق بصرامة، إذا ما سعينا نحو تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، ولا أن تبدأ بقوة ومن ثم يخبو نورها كما حال الكثير من القوانين في بلادنا.

http://www.miftah.org