ألن تحظى بلدنا يوماً بشيء من التخطيط وبعد النظر؟
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/3/1

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11349

كنا قد اعتدنا على تعطل الحياة وانقطاع خطوط الهاتف والكهرباء وتعطل الأعمال والمدارس، وتقطع الطرق إذا ما حدث وتساقطت بعض الثلوج في فصل الشتاء، لكن الأمر مختلف هذا العام، فهذا ذاته ما حدث عند تواصل الأمطار التي هطلت في محافظة رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية ليومين متتاليين.

فما شهدته المدن والقرى والمخيمات والطرق في الضفة الغربية وقطاع غزة، في موجة الأمطار الأخيرة كشف لنا عن تهالك الُبنى التحتية، أو حتى انعدامها أصلاً، حيث غمرت مياه السيول والوديان الكثير من الشوارع وملأت معظمها بالصخور والحصى ما دعا لإغلاقها لخطورتها وبعد أن أضرت بكثير من المركبات بالإضافة إلى جنبات الطرق التي حفرت فيها المياة لعمق أكثر من نصف متر في المناطق المنخفضة، كما وأغرقت السيول الكثير من المنازل والمحال التجارية وشكلت أرقاماً لا يُستهان بها من الخسائر، ولا يجب أن ننسى الخسائر البشرية، ففي كل عام نفقد أناس حاولوا عبور أحد الوديان، فجرفتهم السيول، إذ تنعدم مصارف المياه في الأماكن التي تحتاج لها، وإن وجدت فهي لم تستوعب كمية الأمطار التي هطلت، بل وفاضت مختلطة مع مياه الصرف الصحي، في صورة تنم عن أبشع ما يمكن تسميته بالمكرهة الصحية والبيئية، ناهيك عن تراكم النفايات على جنبات الطرق.

وإذا ما تحدثنا عن الشوارع فحدث ولا حرج، فشبكة الطرق لدينا في أيام الصحو ليست مهيأة لكم السيارات المتزايد في رام الله، لا من حيث الإعداد ولا التجهيز، فما بالك في الظروف الجوية الصعبة، لا بل إن أكثر ما تتميز به هو كثرة الحفر والمطبات العشوائية وغير القانونية والفردية في بعض الأحيان، فبين المطب والحفرة..هناك مطب، ليتحول موضوع السياقة في معظم شوارعنا لما يشبه رحلة السفاري أو سباق لتجنب أكبر عدد ممكن من الحفر والمطبات، وهو ما سيؤهلنا يوماً ما لدخول موسوعة غنيس للأرقام القياسية!!!، وفي كل مرة نفاجئ بخنادق وحفر أضافية فيما تزداد المطبات وتبقى الحفر على ما هي عليه، وعندما قررت البلديات إزالة المطبات غير القانونية، تزامن توقيتها مع فترة الأمطار الغزيرة، وهي بالطبع أزالت المطبات وتركت مكانها مؤقتاً خنادق مفتوحة وسط الطرق إلى أجل غير مسمى دون أي إشارات تحذيرية، الأمر الذي "زاد الطين بلة" في هذه الأجواء.

كل هذا إن دل على شي إنما يدل على افتقارنا لأي نوع من أنواع التخطيط، أو الاستعداد الاستراتيجي، أو حتى بعد النظر، وما حال شوارعنا في ظل الأمطار الغزيرة، إلا انعكاس لانعدام أي نظام عمل أو استعداد مسبق، شأنها شأن المجالات الأخرى، وكما جرت العادة فنحن بانتظار أن تحل كارثة حقيقة، من أجل أن تدق ناقوس الخطر في وجه المسؤولين، وإلا فإن غير ذلك لن يكون قد وصل إلى مرحلة تستحق أن يٌنظر فيه، وهذه هي حالنا المتفردة باللامبالاة والعشوائية والارتجالية، وتصرف الموقف.

لاشك أن هذه الظروف ليست دائمة، وهي بفعل قوى الطبيعة، لكن بشكل أو بآخر فنحن أيضا ًمسؤولون ولا يجب التذرع بالقول أن هذه الظروف أقوى منا، على الأقل بالعمل لإيجاد بنية تحتية قادرة على مواجهة مثل هذه الأزمات، أو كحد أدنى بتحمل المسؤولية في مثل هذه المواقف، لا أن يُترك الأفراد لينظروا في أمرهم ما استطاعوا.

وإذا كان الحال كذلك في مواجهة يومين من الأمطار، لا نريد حتى التفكير في ما ستكون عليه الحال في مواجهة الزلزال المدمر والذي من المتوقع أن يضرب منطقتنا في أي وقت، ونحن شبه أكيدين أنه قادم، وتم التحذير منه منذ عدة سنوات وكل ما نملكه في مواجهة مثل هذا الحدث هو الدعاء "الله يستر".

هذه دعوة للاستفادة من تجارب الدول والشعوب الأخرى في التحضير والاستعداد للكوارث وخير مثال على ذلك الصور التي طالعتناعن زلزال تشيلي اليومين الماضيين، حيث أظهرت أن استعداد الدولة لمثل هذه الكارثة قلل كثيراً من الأضرار التي لم تتناسب مع قوة الزلزال العالية، بما أنقد آلاف الأرواح، فالاستعداد يقلل تكبد الخسائر.

أما حال بلدنا ومسؤولينا فيذكرني بنكتة مصرية، إذ استنجد مواطن صعيدي بعمدة البلد قائلاً: "إلحق يا عمدة الميه دخلت بيوتنا!!، فرد العمدة : "مبروك.. عقبال الكهرباء".

http://www.miftah.org