بهدف عزل المدينة عن سكانها

المقدسيون..وسياسة الإبعاد الإسرائيلي.
بقلم: الاء كراجة لمفتاح
2010/3/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11404

سياسة باتت أكثر انتهاجاً من قبل جنود الاحتلال اتجاه المقدسين وخاصة سكان البلدة القديمة، ألا وهي الإبعاد حيث أصدرت محكمة القدس الإسرائيلية قراراً يقضي بإبعاد 15 أسيراً من محافظة القدس المحتلة عن التواجد في محيط البلدة القديمة والحرم القدسي لمدة 15 يوماً، والذين تم اعتقالهم من داخل البلدة القديمة يوم اندلاع الأحداث ومن بينهم الزميل الصحفي موسى قوس وصبيين دون السن القانوني حيث تبلغ أعمارهم بين 12 إلى 14 من العمر، مع فرض غرامة بقيمة 5000 شيكل للشخص، لمن يخالف القرار، لكن قائمة من صدر بحقهم قرار بالإبعاد عن البلدة القديمة، تشمل مئات الأسماء، والشخصيات المقدسية.

وقد كثفت إسرائيل العمل بسياسة الإبعاد هذه، تزامنا ًمع حملتها التصعيدية الممنهجة ضد القدس والحرم الشريف، سواء بالاستيطان في مختلف مناطق القدس، وخاصة القدس الشرقية المحتلة، أو بطرد السكان المقدسيين من بيوتهم والاستيلاء عليها أو هدمها، أو بسياسة التطهير العرقي التي تمارسها بحق المقدسيين، من أجل تفريغهم من مدينتهم ومصادرة هوياتهم، والآن بإبعادهم عن البلدة القديمة ومحيط الحرم القدسي الشريف، لتريح نفسها من مواجهة اعتكافهم واعتصماهم المتواصل في الحرم، مع العلم أن معظمهم يسكنون البلدة القديمة، وهي بذلك تترجم بذلك أقوال رئيس حاخامات اليهود، وأكثرهم تطرفاً عوفاديا يوسف، الذي ادعى أن المدينة المقدسة لليهود فقط وعلى غير اليهود أن يرحلوا وإلا سينزل الرب عقابه عليهم.

إن هذه الخطوات التصعيدية الخطيرة التي ترسخ سياسة الاحتلال العدوانية والعنصرية، والتي تنتهك حرمة المدينة وقدسية معالمها الدينية المسيحية والإسلامية، واستمرارها في إجراءاتها الاستفزازية سواء بمواصلة الاستيطان، أو بافتتاحها كنيس "الخراب" بجوار المسجد الأقصى والتهديدات المتواصلة ببناء الهيكل الثالث المزعوم في الحرم الشريف، إنما هي دليل واضح على هروب حكومة الاحتلال اليمنية المتطرفة برئاسة نتياهو، من أي استحقاقات دولية من أجل التوصل لحل لإنهاء الصراع، وتوجيهها ضربة قاسمة لكل الجهود العربية والدولية والأمريكية لدفع العملية السلمية، بل وإثباتاً لفرضها لعودة مباشرة أو غير مباشرة للمفاوضات.

وكيف لا؟ وهي تحاول استباق الأمور بفرض أمر واقع على الأرض، بوضع يدها على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية من أجل تحقيق أطماعها التوسعية، والتي لم يعترضها لا المطالبات الأمريكية، ولا الاعتراضات العربية، ولا التنازلات الفلسطينية بمفاوضات غير مباشرة، وواجهتها هبة مواطني القدس وشبابها في صورة أعادت إلى أذهاننا أيام انتفاضة الأقصى الثانية، فلطالما كانت القدس ومقدساتها محور الصراع، ولطالما كانت أكثر الأماكن استهدافاً من قبل الإسرائيليين الذين لا يتورعون عن مس أكثر النقاط حساسية وقدسية لدى الفلسطينيين، وخاصة في كل مرحلة تتكشف فيه بوادر لحلول في الأفق السلمي، لجر الفلسطينيين إلى مواجهة يرمي من خلالها ضرب أي مساع أو إمكانيات تجبرهم على مواجهة جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، ومطالبه العادلة، ومن ثم تتهمه بإشعال هذه المواجهة وتخريبه لأي مساع سلمية.

والحقيقة أن هذا التصدي الشعبي لجرائم الاحتلال في القدس كان مطلوباً، ومعبراً عن حالة الغليان التي تعتري الفلسطينيين جراء سياسة القضم التي تمارسها إسرائيل بحق القدس، وهي نتيجة طبيعة للغطرسة الإسرائيلية التي لا تضع أي اعتبار لأحد، معتبرة نفسها دولة فوق القانون وفوق الجميع، لذا فالمطلوب عربياً ودولياً موقف فاعل وجريء، لاتخاذ إجراءات ملزمة ورادعة لإسرائيل، وإجبارها على الامتثال لقرارات الشرعية الدولية، ومحاكمتها على إرهابها بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية في تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ومقدساته.

وقبل كل ذلك المسؤولية الوطنية قيادة وشعباً، لمواجهة مخططات الاحتلال والتصدي لها، وعدم الرضوخ لقواعد لعبتها الانتهازية، وذلك بإعداد مخططات لحماية القدس ومقدساتها، ومواجهة ممارسات الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، واستمرار المقاومة الشعبية، حتى نتمكن من إحياء قضيتنا العادلة أمام العالم، وكشف الوجه الحقيقي للمحتل، قبل أن نخسر ما بُذل لأجله دماء أبنائنا وذوينا، فإكراما لأرواحهم الطاهرة، وإكراماً لأرضنا، فلترتفع أصواتنا من أجل الحرية والعدالة.

http://www.miftah.org