مقاطعة منتجات المستوطنات، والتوقيت !
بقلم: جهاد بركات لمفتاح
2010/3/22

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11413

أقيمت الاحتفالات والندوات في يوم المستهلك الفلسطيني الذي صادف الخامس عشر من شهر آذار الجاري، وضمت الاحتفالات في ثنياتها أمرين أساسيين؛ الأول حقوق المستهلك الفلسطيني وحق إشهار الأسعار، والثاني ما يتعلق بحملة صندوق الكرامة الوطنية والتمكين لمقاطعة منتجات المستوطنات، أشيد بهذه الحملة الوليدة والتي كثفت نشاطاتها إعلامياً من خلال المنشورات واللوحات الإعلانية في الشوارع، والإعلانات في وسائل الإعلام، واللافت إدخال الإنترنت من خلال الإعلانات في مواقع شهيرة كـ Facebook و Youtube و مواقع استضافة البريد الإلكتروني.

هل هي الحملة الأولى (كحملة مدعومة حكومياً)؟ وكاسم واضح لمقاطعة منتجات المستوطنات؟.. نعم، ولكن سبقتها حملات لدعم المنتجات الفلسطينية المحلية، وهذه الحملة الجديدة تحتاج للاطلاع على التجارب السابقة في ذات السياق، ومعرفة كيفية التأثير في المواطن الفلسطيني، وأعتقد أن مجرد الإعلانات على أهميتها لا تكفي، ليس لإقناع المواطن بخطورة هذه المنتجات على الاقتصاد الفلسطيني لأنه يعرف، بل لإقناعه بالتخلي عن تلك المنتجات.

سبق هذه الحملة قرار حكومي يقضي بمنع تداول منتجات المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية في المحال التجارية، والحقيقة أن هذا القرار هو تفعيل لقرارات حكومية سابقة لم تأخذ طريقها للتطبيق سابقاً، وربما يعتبر هذا القرار حلاً لفرض مقاطعة هذه المنتجات عنوةً وهو أمر مقبول ولكن كما قلت سابقاً فإننا بحاجة لبث هذه الروح في قلب كل مواطن يغار على وطنه.

وإن ما يميز هذه الحملة، هو الأسلوب التسويقي لها، والتي اعتمدت على مخاطبة المواطن بالإيعاز لرقابته الذاتية على نفسه وضميره، فشعار الحملة "أنت وضميرك". بالإضافة إلى الأسلوب الصادم الذي اتبعته، فإحدى الإعلانات حملت صورة لمدير أحد المصانع الإسرائيلية في المستوطنات، وهو يقول: "شكراً لدعمك المستوطنة ومصانعها"، في محاولة لحمل المواطن للتفكير ببعد نظر، حول تبعات شرائه لمنتجات المستوطنات.

لكن هل جاءت حملة "أنت وضميرك"، في وقتها المناسب؟، لا شك أن الأوضاع السياسية وجهود حكومة نتنياهو لتهويد القدس والأماكن المقدسة، وقرارات حكومته ببناء المستوطنات تتطلب مثل هذه التحركات والحملات، وتحتاج إلى أكثر من ذلك أيضاً، ونحن نتفهم أن السلطة الفلسطينية لم تطالب بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية خصوصاً حين كان الأمل عندها بتحقيق السلام وإتمام عملية التسوية، وبناء على اتفاقات اقتصادية، ولكن لا نفهم عدم مطالبتها أو عدم جديتها لمقاطعة منتجات المستوطنات حتى وقت قريب، فهي تطالب ومنذ اليوم الأول بإزالتها من أراضي الضفة الغربية فهل من الممكن تجاهل قضية جوهرية كهذه لفترة زمنية طويلة!!.

لو انتهجت السلطة هذا التوجه منذ اليوم الأول لإيجادها، لقطعت شوطاً كبيراً في محاربة الاستيطان اقتصادياً، وحرضت العالم على مقاطعتها أيضاً، ولوَفّرْنا وقتاً طويلاً.

على كل حال، أنا لم أعرض فيما سبق موقفاً سياسياً من عملية السلام والمفاوضات، وهل هي مجدية أو صائبة أم لا؟، ولكنني أقول وباختصار إن انْتَهَجْتَ نهجاً، وسَلَكْتَ مسلكاً فعليك التعامل معه بحكمة، وعليك استغلال كافة الفرص لتحقيق سقف مطالبك، وأطالب ليس فقط من السلطة الفلسطينية بل من كل مواطن فلسطيني وعربي بمقاطعة المنتجات والبضائع الإسرائيلية وليس فقط منتجات المستوطنات، ولمن يعتبر الجودة أفضل، أولاً فإن الوطنية والتحرر بحاجة إلى تضحية واستغناء عن شيء من الرفاهية، وثانياً فإن منتجاتنا المحلية في معظمها، والمنتجات العربية التي تصلنا لا تقل عن نظيراتها الإسرائيلية جودةً.

هذا النوع من الكفاح ليس اختراعاً فلسطينياً، المهاتما غاندي أكبر مثال على نجاعة هذا السلاح، غاندي بدأ بمقاطعة الملح الإنجليزي، وحرض شعبه على استخراجه من البحر وسجن هو بسبب ما عرف بمسيرة الملح، وقاطع أيضاً الملابس المستوردة داعياً الهنود لصانعة ملابسهم من القطن المحلي وكانت الاستجابة من شعبه بحرق ملابسهم المستوردة، حتى أن المهاتما بقي وقتاً طويلاً من دون أن يحلق ذقنه لكيلا يستخدم الشفرات الإنجليزية. غاندي ساعده أبناء شعبه بإنجاح نضاله، وهذا بالضبط ما نحتاج إليه.

http://www.miftah.org