لنقف جمعياً في وجه الترانسفير الجديد بحقنا
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/4/12

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11478

ومن يقف في وجه عنصرية دولة الاحتلال؟؟ من يمنع هذه الحلقة الجديدة من مسلسل التطهير العرقي والتراسنفير الذي تنتهجه يومياً؟ فها هي تترجم سياستها على أرض الواقع بقوانين لا يقبلها عقل أو منطق إنساني؟

فقرار الأمر العسكري الجديد رقم 1650 والذي تمت المصادقة عليه من قبل قيادة جيش الاحتلال العليا في 13/10/2009 والمقرر أن يدخل حيز التنفيذ غداً الثلاثاء الموافق 13/4/2010 والذي يصنف الفلسطينيين المتواجدين في الضفة الغربية (كمتسللين، غير قانونيين)، ووفقا للقرار العسكري" فإن كل من هو متواجد في الضفة الغربية بشكل "غير قانوني" أو بدون تصريح ساري المفعول، هو مرتكب لجنحة جنائية، وسيعرض نفسه للطرد وللسجن التي سيصل فيها الأحكام وفقا للقرار العسكري لمدة 7 سنوات وغرامة مالية تصل إلى 7500 شيكل.

إن هكذا قرار إذا ما تم تنفيذه حقاً لن يكون سوى كارثة تحل على رؤوس آلاف المواطنين ممن يسكنون الضفة فهو يشمل زوجات وأزواج حملة هويات الضفة وأطفالهم المولودين في الضفة، وأولئك الذين دخلوا الضفة بتصاريح إسرائيلية ولا يحملون هوية الضفة، وهو يشمل كذلك كل المتضامنين الإسرائيليين والأجانب المشاركين في الاحتجاجات الشعبية ضد الاحتلال والاستيطان، وهذا واحد من الأهداف التي ترمي دولة الاحتلال لتحقيقها، حيث تسعى ليس فقط لعزل الفلسطينيين عن بعضهم وتفكيك أسرهم وإيجادهم وسط ظروف عائلية معقدة وصعبة بل ومستحيلة وهو أمر حدث ويحدث كل يوم بسبب القرارات الجائرة والتعسفية وحدث بفعل جدار الفصل العنصري، بل أيضاً بعزلهم جميعاً عن العالم الخارجي وجعلهم في سجون كبيرة كنتونات، لا يملكون حتى حق الزيارة لهم.

كما سيتم طرد وسجن عشرات الآلاف من الفلسطينيين بموجب هذا القرار العسكري الجائر الذي يعتبرهم متسللين إلى ارض إسرائيل وسوف يتم التعامل معهم وفق الأنظمة العسكرية فقط. وخاصة الفلسطينيين الذين مكتوب في هوياتهم الشخصية مواليد غزة، ما يعني إعادة العمل بما كانت قد اتخذته سلطات الاحتلال في عام 1969 عندما كانت تعامل أي فلسطيني تواجد في دول العدو كمتسلل وإبعاده عن الضفة الغربية.

أما ردود الفعل فقد تراوحت بين التنديد والتوضيح بخرق هذا القرار للقوانين الدولية والإنسانية، ومن قال إن إسرائيل التي تعتبر نفسها دولة فوق القانون تنأى بنفسها عن خرق كل القوانين كالقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة للحفاظ على المدنيين تحت الاحتلال؟ من مازال يقول أنه خرق لاتفاقية أوسلو؟ وما هي إلا وهم وزيف مازلنا متمسكين به؟ مُزقت بنوده منذ زمن، بل إن إسرائيل كمن يخاطبنا قائلاً "بلوا الاتفاق واشربوا ميته".

إن هذا القرار ما هو إلا ترجمة للممارسات الإسرائيلية اليومية القاضية بتفريغ المناطق الفلسطينية من سكانها وخاصة القدس، وتعزيز العزل والفصل العنصري بين مدن الضفة الغربية والقدس، وقطاع غزة، ومطاردة الفلسطينيين في أبسط حقوقهم في حرية اختيار أماكن إقامتهم، لتؤكد بذلك دولة الاحتلال أنها هي من يحكم ويرسم للفلسطينيين خطوط حياتهم ولتذكرنا بذلك وبأننا جميعاً في مختلف مناطق الأراضي الفلسطينية نقع تحت سيطرتها وتصرفها الكامل، ففي كل مرة تتفتق عنها أفكاراً فائقة الإبداع في الخبث والإجرام، من أجل تحقيق نواياها وغاياتها التوسعية ومواصلة سياستها اليومية في طرد وتفريغ السكان من أرضهم، لكنها الآن تضع القوانين لتحقيق ذلك، وما هذا إلا دليل واضح على سياسة الاحتلال في فرض أمر واقع على الأرض، وتشتيت الأنظار عن الانتهاكات التي تقترفها يومياً في مدينة القدس من أجل تهويدها، التي سمعنا عن آخرها بوجود (218) كنيس يهودي داخل مدينة القدس منها (70) كنيس داخل البلدة القديمة وحدها من أجل تغيير الوجه العربي والديني للمدينة، وهذا كله يصب في التأكيد عل نواياها التي لا تبشر بأي حل قريب في الأفق، بل تحاول أن تنسف أي محاولات جادة لاستئناف العملية السلمية أو المفاوضات.

إن هذا التراسنفير الذي تنفذه دولة الاحتلال بعنصريتها وعنجهيتها، ما هو إلا جزء من مخطط استراتجيي كبير لطرد كل ما هو فلسطيني وعربي من حولها، وهو ماثل أمامنا في كل يوم سواء تجاه سكان الضفة الغربية والقدس أو عرب 48، والذين أمرت السلطات الإسرائيلية مع بداية العام بإخلاء لنحو 400 عائلة فلسطينية من منازلها في يافا، وإصدرت 30 أمر هدم فوري في اللد والرملة، فمسلسل النكبة مستمر حيث لم تكتف إسرائيل بطردها وتهجيرها للفلسطينيين من بيوتهم وأرضهم منذ العام 1948، بل ولم تكتفي حتى بطرد الفلسطينيين وهدم منازلهم في الضفة الغربية وخاصة في القدس، لم يرضيها كل ذلك، بل تنتقل اليوم إلى مرحلة جديدة في طوفان التطهير العرقي الذي تمارسه بحق الفلسطينيين، فهي تجس النبض بالمصادقة على القوانين بداية وعندما تواجه "بالبلادة" من قبلنا تشرع في تنفيذها.

إن كل ردود الفعل الفلسطينية المقتصرة على التنديد والاستنكار لن تردع سلطات الاحتلال عن قرارها الجائر، إن لم يتم هناك وقفة فلسطينية وعربية جادة، سيحل هذا القرار بمثابة الواقعة على الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني، وسيكون بمثابة نقطة التحول إلى المصير والمستقبل المجهول الذي ينتظرهم.

إن الفوضى التي ستعقب تنفيذ هذا القرار لابد من مواجهاتها بكل السبل الرسمية والشعبية سعياً لإلغاء القرار، عبر حشد جهود كافة المؤسسات القانونية والمجتمعية والحقوقية في الوطن والخارج، لكشف وتعرية تمادي دولة الفصل العنصري أمام العالم، ولا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي أمام قرار تعسفي جديد يؤخذ بحق كرامتنا وحقنا في المواطنة وحقنا في أرضنا وممارسة كامل حريتنا عليها.

http://www.miftah.org