باول: لا نقبل بتغيرات تحول دون قيام دولة فلسطينية متواصلة وقابلة للحياة
بقلم: مفتاح
2004/6/26

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=1156


واشنطن - في حوار الدائرة المستديرة الذي أجراه وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في مكتبه بمبنى وزارة الخارجية امس الاول مع القدس وثلاث زملاء من الصحفيين العرب المعتمدين في واشنطن من صحف الأهرام والشرق الأوسط وعكاظ، تناول وزير الخارجية العلاقات الأمريكية العربية التي تمر بمراحل بالغة من الدقة.

وتحدث باول عن السياسة الخارجية الأمريكية إزاء مسيرة السلام في الشرق الأوسط،وانعكاسات خطة شارون للانفصال الأحادي على مستقبل خريطة الطريق، واقتراب لحظة »تسليم السلطة« للعراقيين في ظرف يزداد فيه العنف تفاقما، ومشروع الشرق الأوسط الكبير وحرج العلاقات الأمريكية السعودية.

وفي إطار رده على سؤال القدس حول ما دار في لقائه مع وفد منظمة المؤتمرالإسلامي الذي كان قد التقاه الأربعاء الماضي بمشاركة الدكتور صائب عريقات، وزير المفاوضات في السلطة الفلسطينية، قال باول: «لقد كان اللقاء جيداً، وأنه جاء في إطار الجولة التي يجريها (وفد منظمة المؤتمرالإسلامي) مع كافة أعضاء الرباعية كي نسير قدماً نحو تفعيل خريطة الطريق.»

وأضاف: «لقد جددت لهم تأكيدنا أن الرئيس (بوش) ملتزم بتنفيذ خريطة الطريق وفق الرؤية التي طرحها وعمل قصارى جهده للتعاطي مع خطة شارو ن للانسحاب من غزة وللبدء في إخلاء بعض مستوطنات الضفة الغربية، شريطة أن يكون ذلك متجانساً مع موقفنا التقليدي وأن يتم حل الأوضاع النهائية من خلال التفاوض بين الطرفين وعلى قاعدة قرارات مجلس الأمن 242 و338 .»

وأوضح باول أنه بحث مع الوفد »المفاوضات المصرية الإسرائيلية الفلسطينية التي استكملت الأربعاء بين اللواء عمر سليمان والجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وأنني أثمن هذه الجهود ونشعر بالرضا نحوها.»

واستطرد الوزير قائلا : «لقد تحدثت إلى الوزير عريقات على حدة كي نركز على الشأن الفلسطيني الإسرائيلي-في لقاء بيني وبينه على هامش اللقاء مع وفد المنظمة-وتبادلنا الأفكار، وراجعنا معاً أين نحن الآن في سياق التقدم على ضوء تطورات خطة شارون وعلاقة ذلك بخريطة الطريق» من جهة. ومن جهة أخرى، يقول باول »لقد أخبرت عريقات بأننا بحاجة ماسة لنرى تحركا حقيقيا من قبل القيادة الفلسطينية لتوحيد ودمج كافة الأطر الأمنية، وإعطاء احمد قريع «أبو علاء» سلطات حقيقية كرئيس للوزراء». ويضيف «لقد وجهت رسالة واضحة إلى الرئيس عرفات وقلت له فيها أنه يتحمل الآن مسؤولية الممارسة لإنجاح الجهود المصرية وتوحيد أجهزة الأمن إذا كان لنا أن نتقدم في مسيرة السلام.»

أما بخصوص فكرة الانتخابات التي بحثها معه د. عريقات، قال باول: «لقد قلت له نحن نؤيد الانتخابات، ولكن لا بد من تهيئة الظروف لذلك: يجب أن يعد للانتخابات بتريث ودقة، ضمن ظروف مواتية، تأخذ بعين الاعتبار معطيات الواقع ومتطلبات خريطة الطريق.»

وحول سؤال القدس عن ردة فعله على قرار الكونغرس الأمريكي بأغلبية 407 أصوات ومعارضة 9 أصوات، الرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي، جورج بوش، إلى شارون، في الرابع عشر من نيسان الماضي، والتي يعني إقرارها، إلزام الإدارة الأمريكية القادمة، بعد الانتخابات الرئاسية، بمضمونها وبقرارات الرئيس بالنسبة لما جاء فيها، خاصة بالنسبة لعدم العودة إلى حدود الرابع من حزيران عام 76، ونقض حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، قال باول »لقد أوضح الرئيس (بوش) أن الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية لدى قيامها شأن يجب أن يتفق عليه بين الطرفين من خلال التفاوض. وكذلك الامر بالنسبة لعودة اللاجئين واعتقد ان قرار الكونغرس ينسجم مع هذا الموقف.

ويجدر بالذكر أن القرار ينص على الاعتراف »بحق دولة إسرائيل بالحفاظ على حدود دفاعية آمنة، تعكس الواقع الديموغرافي القائم.« ويقر القانون أنه »لن يُسمح للفلسطينيين بالعودة إلى داخل دولة إسرائيل.» كما دعا الكونغرس إلى«وضع حد للإرهاب الفلسطيني».

ورداً على سؤال القدس بخصوص موقف إدارة الرئيس بوش من الجدار الذي يقتطع الضفة الغربية ليلتف حول مستوطنة آرييل، قال باول » يعترينا القلق بخصوص الجدار، وعبرنا عن قلقنا للإسرائيليين بشكل مباشر، خاصة مسار الجدار وضرورة أن لا يعقد الجدار حياة الفلسطينيين ويزيد من معاناتهم، ويأخذ الاراضي من أيادي الفلسطينيين ليضعها في الطرف الإسرائيلي من الجدار، أويعقد قيام دولة فلسطينية متواصلة ومترابطة وقابلة على الحياة.» وأكد باول أن جهود الولايات المتحدة أدت «إلى تعديل مسار الجدار للتخفيف من ذلك على حياة الفلسطينيين: وقال نحن نتفهم احتياجات جهة ما لبناء جدار شريطة أن يقام ذلك على شقهم من الحدود ولا يغوص في العمق الفلسطيني، ونحن نضغط باستمرار كي تتفهم إسرائيل هذه القضية وهذا ما أخبره سفيرنا في إسرائيل هاوارد كيرتزر للحكومة الإسرائيلية قبل يومين. وأضاف سنستمر في الانخراط بشكل كامل في هذا المجال،ونأمل أن يكون الفلسطينيون قد حققوا الإنجازات المطلوبة بخصوص توحيد الأمن مع حلول شهر أيلول القادم.»

ونفى الوزير باول أن يكون هناك علاقة بين انتخابات الرئاسة الأمريكيةومسيرة السلام في الشرق الأوسط قائلاً »إن تعليماتي من الرئيس بوش أن أركزعلى إحياء مسيرة السلام، والاستمرار في السعي لتوصل إلى التسوية، دون التأثر بضغوطات السنة الانتخابية أو صياغة الموقف بناءّ على تكهنات انتخابية. وأضاف انه لو كانت لدينا اعتبارات انتخابية لما كنا فعلنا ما فعلناه بالنسبة لخطة شارون أو ما فعلناه مع الملك عبدالله.»

وأجاب باول رداً على سؤال حول تشابه الاحتلال الأمريكي للعراق مع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، واستخدام أنماط المداهمة والقصف المروحي «التي تشبه الأساليب الإسرائيلية إلى حد بعيد»، قائلاً «لا اعتقد ذلك: نحن في سياق تسليم السلطة والسيادة للعراقيين ؛ توصلنا معهم إلى وضع أطر سياسية تسمح لهم الإمساك بزمام سيادتهم؛ ليس هناك أوجه شبه أو مقارنة (بين الوجود الأمريكي في العراق والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية)، كم أتمنى أن يكون التقدم على المسار الفلسطيني-الإسرائيلي بدرجة التقدم الحاصل في العراق.» وأضاف وزير الخارجية الأمريكي «نحن هناك (في العراق) من أجل تقديم العون الأمني .. نحن هناك بموافقة ورغبة عراقية.

واستطرد باول قائلاً «الولايات المتحدة تنتظر بفارغ الصبر قدوم اللحظة التي تكتمل فيها مهمتها. ليس لدينا أية رغبة في البقاء في العراق، ولكننا جاهزون لعمل كل ما هو ضروري لمساعدة الحكومة العراقية التمكن من السيادة والسيطرة يوم الأول من تموز القادم. لذلك نأمل من قرائكم أن يتفهموا أن ما ستفعله الولايات المتحدة (أمنياً) في مواجهة الهجمات التي تهدف لبث الفوضى وتغييب الاستتباب، يأتي في إطار الدفاع عن العراق.» وأضاف «إن 138000» جندي أمريكي في العراق هم مصدر للاستقرار وليسوا مصدراً للفوضى والنزاع» كما ادعى.

وحول العلاقات الأمريكية السعودية، قال باول » أنها علاقات صداقة جيدة، على المستوى الرسمي والشخصي، حيث أن لدينا مصالح متبادلة، والسعودية دولة حرة تتعامل مع تهديد الإرهاب بما ينسجم مع نموذجها السياسي، ولذلك أشعر بالاغتباط لما أعلنه ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بخصوص إمهال الإرهابيين مدة شهر من العفو، وبعد ذلك ملاحقتهم بكل ما لديه من قوة، ونؤيد ذلك.» وأضاف «ولكن الحكومة السعودية تفعل أكثر من ذلك: إنهم يتفحصون عمل الجمعيات الخيرية لضمان أن لا تذهب أموال المتبرعين لخدمة الإرهاب؛ السعودية شريك كامل الشراكة في الحرب التي نخوضها معاً ضد الإرهاب.»

أما بالنسبة للأزمة النووية الإيرانية، قال وزير الخارجية الأمريكي «إن من مصلحة المنطقة أن تكون خالية من الأسلحة النووية، خاصة وان التسلح النووي يبدد الاستقلال ويدب الفوضى في المنطقة.» وأشار باول إلى »النجاح الذي تحقق في العام الماضي بخصوص الضغط على إيران من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن خلال عمل وزراء الخارجية الأوروبيين، وقال أنه من مصلحة إيران أن تتقدم وتكشف كل ما لديها من برامج تخص التقنية الذرية، حيث أنه لا يكفي أن تقول فعلنا كذا وكذا: يجب أن تبرهن ذلك ضمن الشروط التي تفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.»

ولدى سؤال باول عن ازدواجية الموقف بالنسبة لإسرائيل التي تمتلك أسلحة نووية، وكأن ذلك محرم على العرب والمسلمين فقط، قال «أدعو الله لمجيء اليوم الذي يخلص فيه العالم بأسره من هذه الأسلحة المروعة بما في ذلك الولايات المتحدة.»

http://www.miftah.org