هل جزاء الإحسان...إحراق الخيام!!
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/5/24

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11608

فوجئنا صباح اليوم بمهاجمة عشرات المسلحين لأكبر مخيم صيفي تابع لوكالة الغوث 'الأونروا' في منطقة الشيخ عجلين جنوب غرب مدينة غزة وحرقهم كافة محتوياته، غير مكتفيين بهذا فحسب بل وهددوا بقتل مسئول عمليات الوكالة جون كينج، كما ذكرت المصادر الإخبارية التي أشارت إلى أن 40 مسلحاً أغلقوا في تمام الساعة 02:30 ليلاً الطريق الساحلي، وقيدوا الحراس وشرعوا في إحراق الخيام وأشعلوا النار في خزانات المياه والمعرشات والألعاب ومعدات أخرى ضمن فعاليات ألعاب الصيف للعام 2010، فيما سلموا الحرس رسالة مغلقة بداخلها 4 رصاصات.

وحتى الآن لم تتضح الأسباب الحقيقة وراء هذا الحادث الشنيع، إلا أن أسباب غير منطقية وغير مقبولة جاءت على لسان الفاعلين في بيان لهم عثرت عليه الشرطة المقالة في غزة في مكان الحادث يتضمن تهديداً لوكالة الغوث يحذرها من الاستمرار في "الأنشطة اللامنهجية والتي تضر بأخلاق الجيل" على حد تعبيرهم، وفق ما ورد في البيان، رغم أن زكريا الأغا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، أوضح أن المخيمات الصيفية التي تقوم بها "الأونروا" لا تخالف التقاليد، ولا تمثل إخلالاً وفائدتها كبيرة خاصة بعد أن أخذت الأونروا بعين الاعتبار هذا العام عادات وتقاليد المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة.

لكن ذلك لم يكن ذا قيمة لدى هؤلاء المتخفين وراء الأقنعة والذين وزعوا يوم الجمعة الماضي بيانات داخل المساجد تحمل تهديداً بقتل مسئول عمليات الوكالة جون كينج، واتهمت هذه البيانات كينج بالعمالة للاحتلال.

والحقيقة أنه وأياً كانت الأسباب والدوافع والتي نجهل حقيقتها، وحفزت هؤلاء الذين لا يمكن تسميتهم غير أنهم خارجين عن القانون، فإن تسليم الحرس رسالة مغلقة بداخلها 4 رصاصات، بعد الحرق والتهجم على ممتلكات الغير ممن احتضنهم وساعدهم لعشرات السنين أسلوب لا يطبقه إلا زعماء العصابات والمجرمين، وهو مرفوض وخارج عن أخلاقنا وقيمنا في العرفان بالجميل ورد المعروف، فهذا الجزاء ليس من جنس العمل، خاصة أن برنامج ألعاب الصيف هذا يشغل آلاف الطلبة الخريجين من الجامعات الفلسطينية العاطلين عن العمل مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر في قطاع غزة، ويساعد في رسم الابتسامة على وجه الأطفال المحرومين من أبسط حقوقهم، ويعتبر متنفساً لهم ومكاناً من الأماكن القليلة أو المحدودة للتعبير عن أنفسهم وسط معاناتهم اليومية تحت الاحتلال والحصار.

وبالتالي من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها، فنحن المتضررون الحقيقيون من جراء هذه الأفعال الإرهابية. والمثير للحيرة هو قيام أكثر من أربعين مسلحاً بإحراق وتدمير المخيم الصيفي وإغلاقهم للشوارع المؤدية للمكان أثناء تنفيذ الجريمة، رغم أن منطقة الشيخ عجلين كما ذٌكر في المصادر الإخبارية مليئة بالمقرات الأمنية التابعة لحماس، فأين كانت أجهزة الأمن هذه من كل هذا العدد والتخطيط؟؟، ومما لاشك فيه أنها تتحمل هي مسؤولية السماح لمثل هذه الجرائم بالوقوع على مرمى منها وعلى مسمعها ومرآها.

وحتى وإن كان هناك ما يزعجنا أو يثير قلقنا فهذا لن يكون أبدا الأسلوب الذي نعبر فيه عن عدم رضانا، لمن دافع عنا وأغاثنا عندما تخلى عنا الجميع فكان من باب أولى أن نقف إلى جوار هذه الوكالة أو على أقل تقدير أن نحترمها ونقدر جهودها ونشاطاتها وخدماتها التي تقدمها في ظروف صعبة واستثنائية خاصة في قطاع غزة، فهي الدليل والشاهد المتبقي على مأساة شعبنا اللاجئ وتهجيره من دياره، وهي من مد أهلنا بالخيام بعد أن أصبحوا في العراء، فهل نكافئها بحرق مخيماتها التي تقيمها من أجلنا، بدلاً من الحفاظ عليها واحترامها.

إن الوضع الأمني في غزة بات يأخذ منحنى مقلقاً، والاستمرار في سياسية الاعتداء على للمؤسسات الخاصة والدولية، وحرقها وتعنيف مسؤوليها، هو أمر مقلق ولا يكرس سوى سياسة الفوضى والفلتان الأمني، ويبعدنا أكثر فأكثر عن أهدافنا الوطنية لإنهاء الانقسام ومواجهة الاحتلال ورفع حصاره، لذا علينا جميعاً رفضها والوقوف في وجهها.

وهنا لا يسعنا سوى الاعتذار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الاونروا"، عن مثل هذه الممارسات الخارجة عن الصف الوطني، والتي لا تمثلنا ولا تعبر عن قيمنا وأخلاقنا، ونطالبها بالاستمرار في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، وعدم الاستسلام لثلة من المفسدين في الأرض، ويسعدنا أن هذا ما أكده جون جينج مدير وكالة الغوث حيث قال إن حرق المخيم لن يثني الوكالة عن مواصلة دورها في رسم البسمة وإسعاد أطفال غزة.

http://www.miftah.org