في غزة: الحصار والانقسام مستمر وكذلك انقطاع الكهرباء.
بقلم: آلأء كراجة لمفتاح
2010/6/28

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11722

يبدو واضحاً أن أزمة انقطاع الكهرباء في قطاع غزة ما زالت تراوح مكانها، فوسط تبادل الاتهامات وتحميل كل طرف المسؤولية للآخر تنعدم البوادر الحقيقة لأي حل في الأفق، الأمر الذي أدخل هذه الأزمة في دوامة الانقسام السياسي، وعدم الالتزام بالاتفاق السابق والموقع بين مسؤوليين في غزة ورام الله لإنهاء الأزمة، ورغم الوساطة والاتصالات اللاحقة التي حاولت البحث عن مخرج لتلك المشكلة، إلا أن تبادل الاتهامات كان سيد الموقف في مواجهة الموضوع.

الأزمة تكمن في توقف محطة توليد الكهرباء الرئيسة في القطاع عن العمل، بسبب نقص الوقود الكافي لتشغيل محطة التوليد، مما يقلص بدوره ساعات إيصال الكهرباء إلى منازل المواطنين كما أشارت شركة توزيع الكهرباء بقطاع غزة، ما أغرق القطاع في حالة ظلام شبه كاملة، في الوقت الذي يدفع المواطن وحدة فاتورة الحصار الجائر والانقسام السياسي المستمر، لا سيما مع تزامن هذا الانقطاع مع تقديم الطلبة لامتحانات الثانوية العامة- التوجيهي، ومع بث مباريات كأس العالم لكرة القدم لعام 2010، التي بالكاد يتمكن المواطن البسيط من متابعتها بعد الكثير من الحيل والمحاولات، فهي الأخرى حكراً على من يملك أن يدفع ثمن المشاهدة، حتى مع انقطاع الكهرباء بدفع ثمن المولدات الكهربائية التي يملئ هديرها شوارع القطاع، يُضاف إلى ذلك مضارها الصحية على البيئة وعلى صحة المواطنين.

وكان الدكتور غسان الخطيب مدير مركز الإعلام الحكومي، قد قال: إن امتناع شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة عن تحويل أي من المبالغ التي تجبيها في شهر حزيران الحالي، أدى إلى نقص الوقود وبالتالي انقطاع التيار الكهربائي، وأضاف في بيان صحافي، أنه خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام غطت السلطة حوالي 95% من مجمل تكلفة كهرباء غزة، ما مقداره 77.3 مليون شيقل من مجمل تكلفة كهرباء غزة والبالغة 81.3 مليون شيقل شهرياً، في حين حولت شركة توزيع الكهرباء في غزة مساهمة بلغ معدلها الشهري حوالي 4 مليون شيقل فقط، ولم تحول أي مبلغ عن شهر حزيران الجاري حتى تاريخه.

وانتقد الخطيب لجوء المسؤولين عن الشركة في غزة إلى التغطية عن القصور بلوم السلطة واستغلال معاناة المواطنين لابتزاز السلطة وإحراجها، و'كان من الممكن ألا تحدث هذه الأزمة لو قامت الشركة على الأقل بتحويل المبلغ الذي كانت تحوله في الأشهر الماضية'، و'إما أن الشركة ومن ورائها غير قادرين على القيام بمهماتهم وواجباتهم في الجباية، على الأقل من ذوي الرواتب والقادرين على الدفع، أو أنهم يقومون بالجباية ولا يحولون الأموال للمساهمة، ولو بقدر بسيط، في تسديد فاتورة الوقود التي تدفع السلطة الأكثرية الساحقة منها'.

وحيث أن قطاع غزة يستهلك ما مجموعه حوالي 200 ميغاواط من الكهرباء، منها 120-130 ميغاواط من شركة كهرباء إسرائيلية، و17-20 ميغاواط من جمهورية مصر العربية، بينما يتم إنتاج 50-60 ميغاواط في محطة التوليد في غزة.

فيما تقول شركة توزيع الكهرباء بغزة إن الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض لا تدفع ثمن السولار الصناعي، ما دعى بتقليص الكميات التي يسمح بإدخالها الاحتلال من 2200 كوب إلى 700 كوب، مما أدى إلى تقليص كمية الكهرباء المولدة من الشركة إلى أقل من النصف.

وإن أكثر ما نخشاه أن تتحول ضائقة انقطاع التيار الكهربائي في غزة إلى بند جديد في أزمة الانقسام السياسي، التي يدفع المواطن ثمنها وحده إضافة إلى فقره وعازته وحصاره وبطالته حيث مازالت معدلات البطالة في ارتفاع إذ وصلت إلى أكثر من 45% والفقر إلى 80%، والمشكلة لا تمكن في ليالي الصيف الحارة، أو في طلبة الثانوية العامة الذين يدرسون على ضوء الشمعة، أو في ربات البيوت اللواتي لا يستطعن العمل أو توفير حاجيات المنزل وأهله من طبخ وغسيل وغيره وفساد الأغذية في المحال التجارية والمطاعم، وانعدام الاتصالات والتواصل مع العالم فحسب، بل الخوف هو الخطر المحدق من جراء انقطاع التيار الكهربائي الذي قد يصل إلى 16 ساعة خلال اليوم الواحد في المستشفيات والمختبرات والمرضى الذين يعيشون على الأجهزة الكهربائية، والأدوية التي تحتاج لدرجة حرارة منخفضة وإلا فسدت، وتتوقف على هذا كله حياة أبرياء وضحايا علقوا بين الحياة والموت، وعلقوا ما بين براثن الاحتلال والحصار وتبعاته، وما بين الانقسام والاختصام وويلاته.

ومن هنا هذه دعوة باسم كل مواطن غزي وفلسطيني لكل المسؤولين وأصحاب الضمير والشرفاء والقادة السياسيين في كل الفصائل والأطياف السياسية بالتحرك العاجل والسريع من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه جراء هذا الوضع المأساوي، فأي زمن هذا الذي تحول فيه الحصول على الكهرباء إلى رفاهية مترفة يحرم منها المستضعفين والفقراء!!، ومتى ينتهي ويُغلق هذا الفصل السوداوي من حياة المواطنين في غزة، فيكيفهم ما هم فيه من بطالة وفاقة وعجز وحصار!!؟.

هذه دعوة للآذان الصاغية بإنهاء الانقسام و برحمة هذا الشعب مما هو فيه، من أجل استنهاض القوى وتوحيدها لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي ورفع الظلم وتحقيق العدالة المنشودة.

http://www.miftah.org