هل ثمة كرامة على معبر الكرامة؟
بقلم: آلاء كراجة لمفتاح
2010/7/26

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11812

في كل موسم صيف من كل عام، تعود قصة معبر الكرامة أو "جسر اللنبي" للظهور مجدداً بصورها الحافلة بالمواطنتين الذين يفترشون مقاعد الانتظار، بعد أن أعياهم الانتظار وأنهكهم الوقوف في الصفوف، والأطفال النيام فوق حقائب السفر أو على دكات القاعات أو الباصات، وغيرهم من الشيوخ والحوامل وذوي الاحتياجات الخاصة.

في موسم الصيف الحار، وشديد الحرارة حيث الجسر في أريحا، الذي يشهد زيادة عالية في أعداد المسافرين ويزدحم بالمصطافين والمعتمرين والزوار والطلبة، تتفاقم الأزمة لتصبح حديث الناس وشغلهم الشاغل مع بعض الشائعات وكثير من الحقائق، فالأزمة الخانقة التي أكثر ما تتناسب مع تسميتها ب"البهدلة" تفسد فرحة القادمين والمغادرين، حتى أن كثيراً من أهل الضفة يعدلون عن قرار السفر، لإدراكهم لما ينتظرهم على الجسر من ذل ونكد هم في غنى عنه، وليس منا من لم يحلم باليوم الذي يستطيع فيه الفرد أن يتجاوز هذا الكابوس، ويسافر إلى وجهته دون أن يضطر للعبور من خلال الجسر بكل ما يحمله من معاناة وعذاب ومهانة، لكن كيف ذلك وهو يعد شريان العبور الوحيد بالنسبة للفلسطينيين -سكان الضفة الغربية-.

وبعد أن ظننا مخطئين أن كابوس الجسر قد رحل بلا عودة، عاد اليوم إلى سابق عهده ومثلما كان، فعلى الرغم من تحسن الأوضاع نوعاً ما على الجسر خاصة بعد حملة "كرامة" الحملة الدولية لحرية حركة الفلسطينيين التي انطلقت قبل ما يقارب العام واستطاعت أن تضغط شعبياً باتجاه تغيير الوضع القائم وإيجاد بعض الكرامة على معبر الكرامة، وتمديد ساعات دوام عمل المعبر، و اختصار كثير من مراحل العذاب الطويلة هناك وما يجري على استراحة أريحا، إلا أن الأزمة هذه المرة -وكما تشير المصادر- من قبل الطرف الثالث وهو الجانب الإسرائيلي الذي يعود ليذكرنا في كل مناسبة بوجوده وقدرته على التحكم بحياتنا والسيطرة على تحركاتنا، فهو يتعمد تعطيل المواطنين على كلا الجانين المغادرة أو القدوم، ويتعمد المماطلة واستفزاز المسافرين بسوء المعاملة والعنصرية وتعقيد ترتيبات الخروج والدخول، يُضاف إلى ذلك حجة إضراب الموظفين الإسرائيليين عن العمل للمطالبة بحقوقهم ورفضهم استقبال المسافرين بعد الخامسة مساءً رغم أن عمل الجسر يستمر حتى الساعة التاسعة مساءً ما دفع بالآلاف إلى انتظار الفرج مع خياراتهم المحدودة إماأن يبقوا في العراء أو أن يحملوا أمتعتهم ويعودوا أدراجهم، فيما يقول المسؤولون الفلسطينيون بأن السبب الرئيس وراء ما يجري على المعابر هو رفض الجانب الإسرائيلي زيادة أعداد الشرطة أو الموظفين في الجانب الإسرائيلي، وهم بدورهم يتباطؤون في عملهم للضغط على إدارة المعبر لرفع عدد العاملين معهم.

وفي مقابل ذلك كان موقف الشرطة الفلسطينية إنسانياً ومتعاطفاً مع المسافرين العالقين في القاعات لساعات طويلة، فقد أمدوهم بالبطانيات والعصير والماء، كما أظهرهم تقرير قناة العربية حول الموضوع.

وفي الواقع يحق لنا هنا أن نتساءل عن مصير الاتفاقات الموقعة بخصوص الحركة على المعابر والتي كما نعلم لا تلزم إسرائيل في شيء، لأنها وكما في كل محفل تعتبر نفسها فوق القانون، فيما تدعي أنها تقدم التسهيلات للفلسطينيين على المعابر والحواجز كبادرة حسن نوايا للذهاب لمفاوضات مباشرة، لكن يبدو أن هذه المناكفات المقصودة في سوء المعاملة والعنجهية مرتبطة بشكل أو بآخر بالوضع المتأزم سياسياً بين السلطة وإسرائيل على خلفية وقع المفاوضات.

لذا على الجانب الفلسطيني أن لا يسكت على هذا الوضع الذي تضعنا فيه إسرائيل للضغط على القيادة الفلسطينية لتحقيق ما ترمي إليه، بل من واجبه اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة وبالتنسيق مع الأردنيين، من أجل إيجاد حل لرفع المعاناة أو تخفيفهاعلى المواطن إن أمكن، وأن يسلط الضوء على هذه الغطرسة لجلب الاهتمام الدولي لهذه النقطة التي قد تكون أسوء نقطة عبور في تاريخ الشعوب المحتلة.

وإلا سيظل المواطن المسكين كما هو دائماً يدفع ضريبة تنقله للاحتلال المقيت الجاثم على صدره، ويمنعه من قضاء أشغاله وأعماله أو حتى الترفيه عن نفسه، فتضيع كرامته بين ممرات العبور، ويضيع وقته وجهده وكأنه بلا ثمن، فليس له إلا المهانة على معبر الكرامة!

فمتى يوضع حد لهذه الجريمة بحق الإنسانية؟، وأين الكرامة على معبر الكرامة؟، ولماذا لا تحتل كرامة المواطن أولوية لدى المسؤولين؟. وثم من لنا ليجيب عن هذه التساؤلات

http://www.miftah.org